شخصيات سينمائية

بورتريه | المخرج علي عبد الخالق.. أغنية على ممر السينما العربية

«سينماتوغراف» ـ منى حسين

تعتبر إبداعات المخرج السينمائي المصري الراحل علي عبد الخالق من أهم العلامات الفارقة بسجل السينما المصرية، فهو واحد من أبرز مخرجي فترة الثمانينات، ويمثل أحد أعمدة سينما الواقعية الجديدة التي حمل لواءها مجموعة كبيرة من المخرجين المتميزين بهذه الفترة الثرية بتاريخ السينما المصرية أمثال عاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وغيرهم من المبدعين الذين حفروا بصماتهم السينمائية بوجدان الشعوب العربية جميعاً.

تميز المخرج علي عبد الخالق بأسلوب خاص في تناول القضايا المجتمعية بأسلوب واقعي مشوق يخلو من الاصطدام بمشاهد القبح بالواقع إن جاز التعبير، ولكنه حرص بأفلامه المهمة على تناول القضايا التي تشغل المجتمع والإنسان البسيط والطبقة المتوسطة على حد سواء، من دون إزعاج عين المشاهد بما يصدمه، بل على العكس برع المخرج الفنان في تقديم الحياة الواقعية ومشاكلها وتناقضاتها في إطار محبب من الصورة الطبيعية للأماكن المفتوحة والطبيعة المسالمة لحد بعيد، وقدم للسينما ما يزيد على 37 فيلماً، أبرزها وأكثرها شعبية ونجاحاً، أفلام «العار» و«الكيف» و«جري الوحوش» و«أغنية على الممر» (أول أفلامه الروائية)، و«أربعة في مهمة رسمية» و«الوحل» و«اغتصاب» و«الجنتل» و«البيضة و الحجر» و«يوم الكرامة» و«إعدام ميت» «بئر الخيانة» و«السادة المرتشون» و«مدافن مفروشة للإيجار» و«شادر السمك» و«عتبة الستات» وغيرها الكثير.

ارتبطت أعمال علي عبد الخالق بكتابات السيناريست المبدع محمود أبوزيد، وشكلا سوياً «دويتو» ثنائياً ناجحاً بالسينما، واشتركا معاً في عمل الكثير من الأفلام البارزة، وتميزت الأفلام التي قدماها ببراعة وخصوصية الديالوج والحوار بين أبطال العمل، لدرجة جعلت من الديالوج والحوار الطويل في أفلامهم بطلاً رئيسياً بالعمل بمفرداته المؤثرة والمنتقاة بعناية والموظفة بحرفية لا تصيب المشاهد بالملل ولا تدفعه بعيداً عن الأفكار الفلسفية العميقة التي تتناولها هذه الأفلام بأسلوب عفوي بسيط قريب من لغة وفكر المشاهد وتعلق بذاكرته، غالباً ما تناقش قضايا مجتمعية تتعلق بالمعتقدات السائدة بالمجتمع والأفكار الشائعة وتوضيح الصواب والخطأ بها ومناقشة الحلال والحرام أيضاً في نظر العامة والمثقفين، وخير مثال على هذه النوعية من الأفلام التي يشكل بها الديالوج والحوار الطويل بطلاً رئيسياً في تقريب الفيلم للمشاهد بأسلوب سينمائي مشوق ومتفرد أفلام: «جري الوحوش»، و«العار»، و«الكيف»، و«البيضة والحجر»، و«عتبة الستات» وغيرها.

كما اهتمت سينما علي عبد الخالق بالتعبير عن البطولات الوطنية المصرية وملحمة حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر، وتناول ببعض أفلامه موضوعات من ملفات المخابرات المصرية، حيث أخرج في الثمانينات فيلمين عن عمليات مخابراتيه مصرية مهمة (إعدام ميت، وبئر الخيانة) ونسب إليه إخراج فيلم وثائقي و«بدأت الضربة الجوية» الذي يتناول أحداث ما قبل حرب أكتوبر 1973، كما قدم واحداً من أهم أفلامه عن فترة الاستنزاف وهو الفيلم الشهير «أغنيه على الممر» 1972.

كما قدم المخرج علي عبدالخالق 4 أفلام من تأليفه، أبرزها «أربعة في مهمة رسمية»، وشارك ببطولة فيلم واحد من إخراجه هو فيلم «الكافيير»، وتميز المبدع الكبير بنظرته الثاقبة لقدرات الممثل بأفلامه وقدرته على اكتشاف نمط جديد ومختلف بأدائه، غيَّر به المستقبل الفني لكثير من النجوم أبرزهم النجم محمود عبدالعزيز الذي حوله من أدوار الرومانسية لأدوار الكوميديا الرصينة النابعة من الشخصية والموقف خاصة عندما قدمه بفيلم «الكيف» في شخصية غيرت رؤية المخرجين والمنتجين له وفجرت طاقاته الكوميدية والغنائية وقدم به أغنيات برع محمود أبوزيد في صياغتها لتعيش داخل وجدان المشاهد للأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى