أفلامهم في عيونهم.. هل «المنتقمون: عصر ألترون» مثير للدهشة بالفعل؟

الجزء الجديد لفيلم «المنتقمون» الذي لاقى نجاحاً عام 2012 هو الأكثر ترقبا من جانب الجمهور لهذا الصيف. فهل يرقى الفيلم الملحمي إلى مستوى الضجة التي أثيرت حوله؟ هذا ما يحاول أن يجيب عنه الناقد السينمائي نيكولاس باربر.

هناك العديد من النكات الجيدة في فيلم «المنتقمون: عصر الترون»، لكن أفضلها يكمن في المشاهد الافتتاحية المتتالية المليئة بالحركة.

«الرجل الحديدي» (الدور الذي يقوم به روبرت داوني جونيور)، «كابتن أمريكا» (الذي يؤديه كريس إيفانز)، و«ثور» (كريس هيمزورث)، و«هالك» (مارك روفالّو) وباقي شخصيات الفيلم يندفعون جميعا في أنحاء إحدى الغابات وهم في طريقهم إلى قمة تلة حيث يقع معقل الأشرار «هايدرا».

وبينما يتناوب كل واحد منهم في عرض قدراته المتميزة، نراهم يقضون على جحافل من الأشرار الذين يرتدون زيا موحدا. لكن القائد الأوحد لـ«هايدرا»، «بارون ستركر» (وهو الدور الذي يؤديه توماس كريتشمان) يحث قواته صارخاً فيهم بعبارة «لا تستسلموا أبداً! » وبعد لحظة فقط، يلتف إلى الرجل على يمينه وهو يهمهم: «سأستسلم».

من يمكن أن يلومه على ذلك؟ جاء وصف هؤلاء الأبطال في القصص المصورة الأصلية لشركة «مارفل كوميكس» في ستينيات القرن الماضي باعتبارهم «عتاة أبطال الأرض».

أما على الشاشة، فيبدو «المنتقمون» أكثر قوة. أحدهم هو الإله «نورس»؛ والآخر يوجد في قفازيه المصفحين ما لا يملكه جيش نظامي، وثالث، نعرفه جميعاً وهو «هالك». حتى أصحابهم، الذين يفترض أن يكونوا بشراً، ليسوا بنفس الثقل بتاتاً.

في مشهد رائع من مشاهد الذروة، تُسرع «الأرملة السوداء» بدراجتها عكس اتجاه السير على أحد الطرق السريعة، تلتقط درع «كابتن أمريكا» من على قارعة الطريق، ثم تنزلق أسفل شاحنة لتلقي بالدرع بيد «الكابتن» في نفس اللحظة التي كان يريد فيها أن يسحق رأس أحد خصومه.

ربما ليس من المستغرب أن يقضي «المنتقمون» أوقاتاً طويلة وهم يتشاجرون فيما بينهم. من هم الآخرون الذين يمكنهم أن يتجرأوا عليهم ويعادونهم؟

اللقطتان المذكورتان آنفاً تلخصان فيلم «المنتقمون: عصر ألترون» وتجعلان منه فيلما مثيراً للإعجاب، ولكن في نفس الوقت مثيرا للملل.

فمؤلف ومخرج الفيلم، «جوس ويدن»، غير مهتم بأن يظهر شخصيات أبطاله وهم يحلون الألغاز أو يذللون الصعاب، إنه ببساطة يريد أن يُظهرهم وهم يعاقبون الأشرار ويطلقون النكات بأروع أسلوب يمكن أن نتصوره.

يطلب من كل فرد أن يطلق مزحة قصيرة في جملة واحدة… ويقوم بحركات خاطفة مثيرة أمام أعضاء الفريق… إضافة إلى القيام بحركات بهلوانية… لينتهي الأمر وهم ينجزون مهماتهم دون مجهود يُذكر، حسبما تصوره لنا القصص المصورة والمشاهد التي نفذت باستخدام الكمبيوتر.

هؤلاء الخارقون باستطاعتهم الانتقال من أمريكا الى أفريقيا بلمح البصر. وإذا احتاجوا لقفص حصين والنزول بسرعة الصاروخ من الفضاء الى نقطة في الأرض وبدقة متناهية، يمكنهم ذلك يحدث دون أي خلل بسيط. وإذا أرادوا تحطيم ناطحة سحاب تقع في مركز المدينة دون أن يؤذوا أحداً، فإنهم يمكنهم ذلك بكل سهولة وبروح مرحة.

ربما يبدو للقاريء أنه من الغرابة التذمر من فيلم عن أبطال خارقين يقومون بأشياء غير محتملة الحدوث… والنتيجة النهائية لكل هذه القدرات الخارقة المثيرة للإعجاب دون بذل أي جهد هو عدم الشعور بتاتا بأن «المنتقمون» يكافحون من أجل حياتهم هم.

يشعر المرء وكأن هؤلاء الأبطال يقومون بعروض جمباز أو يؤدون تمارين رقصات بقرع الأقدام باستخدام تقنية متطورة للغاية.

وبقدر إعجابك بهذا الأداء الترفيهي المتميز المصمم بدقة، فإنك لا تشعر بالإثارة التي تحركك عند مشاهدة بطل الفيلم المعرض للخطر وهو يعاني بشدة في ظروف غير مواتية.

ما ليس في صالح الفيلم، مثل الجزء الأول من «المنتقمون» قبل ثلاث سنوات، أن عدوهم الرئيسي هو أقل منهم قوة بكثير.

وعموماً، فإن حبكة «عصر ألترون» هي نفسها تقريباً نفس حبكة فيلم عام 2012. يجتمع المنتقمون ويتبادلون الأحاديث؛ وقتذاك والآن، يتناطحون مع بعضهم البعض، يهددهم غريم شرير مريض نفسياً دون أن يفعل في الحقيقة أي شيء، وهناك في النهاية معركة ضد حشود مندفعة من جنود مشاة ليست لهم معالم وجه واضحة صنعوا باستخدام الكمبيوتر.

في هذه المعركة تدمر الأرض تماما، وما يحدث بالضبط هو أن «توني ستارك» (المعروف أيضاً بـالرجل الحديدي) يستعمل تقنية غريبة (حسبما أعتقد) لتصميم برنامج على الكمبيوتر يتصف بالذكاء الصناعي يدعى «ألترون» (يجسد صوته الممثل جيمس سبيدر) في المقر الرئيسي لـ«المنتقمون» في حي مانهاتن (بنيويورك).

لسوء الحظ، لا يُكنُّ «ألترون» تقديراً عاليا لسلالة الشخص الذي ابتكره، وبالتالي فحالما يتعرض جسم معدني يحوي عقله الافتراضي للتدمير، فإنه يقرر أن يمحو البشرية من الوجود.

وهو لا يقوم بذلك بنفسه فقط، بل يساعده توأمان من أوروبا الشرقية لهما قوة خارقة ويحقدان على «ستارك»: إنهما كويك سيلفر (يقوم بهذا بالدور آرون تايلور-جونسن) وسكارلت ويتش (تقوم بهذا الدور اليزابيث أولسن).

ثم نرى «المنتقمون» وهم يوجهون لكمات وضربات متتابعة لألترون وأذنابه من الآليين. وهنا تأتي النهاية.

إذا أين هي المخاطر التي قد تجعل أبطالنا يتصببون عرقاً؟ قيل لنا إن «ألترون» يخطط لالحاق أنواع الأذى والدمار بالعالم، لكن نادرا ما يوضح لنا الفيلم أيا من أفعاله سوى تسلله في الخفاء.

إنه يظهر كلعبة غاضبة متحولة الشكل بدلاً من الظهور كخطر محدق. بالتأكيد إنه ليس تهديداً كافياً ليوقف المنتقمين وهم يقضون وقتاً ممتعاً مع «عين الصقر» (الدور الذي يؤديه جيرمي رينر) في منزله الريفي عند منتصف الفيلم. وبفضل موهبة «ويدن» وشخصياته المحببة ومزحهم الحمقاء، يصبح هذا الفاصل الريفي ممتعاً جداً.

ولكن، أليس لنا أن نقلق بشأن مصير الإنسانية المتجه إلى الزوال عندما يخلد أعظم أبطاله المدافعين عنه للراحة والاسترخاء في الريف، وهم يقطعون الحطب ويعبثون بالجرارات؟

تجدر الإشارة إلى أنه فقط عندما يكون «المنتقمون» في استراحتهم الريفية القصيرة نرى سلطتهم المطلقة وهي تواجه تحديها الكبير الوحيد. ففي إحدى المشاهد المؤثرة، تتحدث «الأرملة السوداء» التي اعتصرها الحب مع الشخصية البديلة لـ«هالك» (بروس بانر)، بشأن إذا كان لا يزال ممكنا العيش معاً.

هنا، ولمرة واحدة، يطرح سؤال ربما يكون شائكاً. لعله من غير الممكن الإجابة عليه بنكات مثيرة أو بحركة مطرقة سحرية. لأول مرة في الفيلم، يُترك المشاهد في حيرة لما ستؤول إليه الأمور، كما أنها المرة الأخيرة أيضاً.

 

Exit mobile version