«سينماتوغراف» ـ منى حسين
يتسم فيلم «ألفيس» بتأثير بصري مذهل يتواكب مع قدرات كبيرة في الكتابة، نجح بها باز لورمان في الجمع بين السيناريو والإخراج ليستطيع التعبير عما يريده ويتخيله ويستخرجه من أسطورة الروك أند رول ألفيس بريسلي.
ونجح لورمان في إبداع فيلم يتسم بالبهجة رغم أنه لا يخلو من لحظات ميلودراما عالية، وشجن، وأداء قوي، مقابل ضعف إنساني، ونجومية تخفي أحزاناً حقيقية ومعاناة كبيرة.
الفيلم يمتد على مدار ساعتين و39 دقيقة، وهو من بطولة أوستن باتلر «ألفيس بريسلي»، توم هانكس «العقيد»، هيلين طومسون، ريتشارد روكسبيرغ وأوليفيا ديجونج.
وإذا كان التساؤل هو هل استطاع بتلر أن يجسد شخصية واحدة من أكثر الرموز التي لا تمحى في تاريخ الثقافة الشعبية الأمريكية، ونجم عالمي، فإن الإجابة هي نعم غير مشروطة.
إذ إن حركاته على خشبة المسرح مثيرة وكأنه منوم مغناطيسي، حيث أجاد تجسيد النجم الذي يتملكه الحزن رغم الأضواء الساطعة من حوله، شاب يحاول أن يكتب قصة نجاح هائلة تتمسك بإصرار بالحلم الأمريكي حتى بينما ينهار الحلم ويتسرب من بين يديه.
ربما العقبة الأكبر أن الفيلم بحكم طبيعته يتمحور حول شخصية واحدة هي مركز الأحداث، وتقود السرد، ما خلق فجوة في بعض المشاهد.
تأتي المشكلة من شخصية «العقيد» توم باركر، الذي يلعب دوره النجم توم هانكس في الأداء الأقل جاذبية في حياته المهنية.
إذ دخل الفيلم في مخاطرة كبيرة وهو يروي القصة من خلال منظور شخص أناني بغيض أخلاقياً مثل توم بارك، وهو وحش مخيف يستخدم مهاراته للتلاعب بالأحداث والسيطرة على النجم الأسطوري، واستغلال نقاط ضعفه، والسيطرة على جاذبيته واستنزاف ألفيس إلى درجة الإرهاق من أجل جني الأموال من ورائه.
ويرصد الفيلم مأساة ألفيس بريسلي الذي دفعه إدمان القمار إلى تبديد كل ما يملك، ومحاولة التعويض بمزيد من الحفلات التي أنهكته جسدياً ونفسياً ودفعته في النهاية إلى الخاتمة المأساوية.
يستمر باركر في السيطرة على نجم الروك آند رول متفاخراً «أنا الذي صنعت ألفيس بريسلي».
ويتعرض الفيلم لنشأة ألفيس المتواضعة في توبيلو مسيسيبي، وانتقاله إلى حي فقير بعد سجن والده بسبب شيك بدون رصيد.
في بعض الأحيان تشعر بالتعاطف مع ألفيس، وفي أحيانٍ أخرى، تدينه وتهاجمه وتحمّله مسؤولية ما حدث له، ولكن في أحيان أخرى يتملك المشاهد الحيرة ولا يدري ما سبب تلك التحولات في الشخصية.
ومع ذلك نجح السيناريو في أن يظهر لنا منابع صوت ألفيس الساحر بداية من الشارع، إلى الموسيقية الأفريقية، والترنيمات الدينية، وأنغام الهيب هوب.
وبدأ ألفيس حياته ضمن فرقة موسيقى شعبية «كانتري»، وسرعان ما يستلم عصا القيادة بفضل موهبته وقدرته الفائقة والمبتكرة في الرقص والغناء، مع تشجيع لا حدود له من والدته المؤمنة به إلى أقصى درجة.
ويستعرض الفيلم مشاهد الاهتزاز في مسيرة ألفيس بما في ذلك مسيرات الفصل العنصري، والتحذيرات المقلقة حول «الثقافة الأفريقية» وعدم تجاهلها، ولكنه لا يتعمق في كشف سر جنون المشاهدين به.
ويكمن ذلك ببساطة في أن بريسلي كان يمنحهم ما يريدونه رغم الإثارة والخطر، ويجيد التعبير عنهم.
وتتزايد قبضة العقيد من حول ألفيس بعد أن استغرقت أمه في إدمان الشراب ومن ثم ماتت بعد ذلك، ونكتشف أنه في الوقت الذي يدفع فيه النجم للأمام باعتباره حامياً له، يظهر القليل من المودة تجاهه، ويعتبره مجرد مصدر دخل.
ويدفع الإحباط الفنان الأسطوري إلى إدمان الطعام حتى يتضخم وزنه ويترهل بطريقة مأساوية، وتزداد معاناته بعد طلاقه من زوجته بريسيلا بريسلي حبه الحقيقي الوحيد.
يتميز الفيلم بالاستخدام الجرئ للألوان والأضواء، مع براعة في تصميم أزياء الحقبة التاريخية لألفيس بريسلي، وبيان حلم مشرق انتهى بمأساة ورحيل مبكر ونجم لا يمكن أن يتكرر.