«أنتوني هوبكنز».. سيد أفلام الرعب

«سينماتوغراف»  ـ أميرة لطفي

أنتونى هوبكنز هو واحد من أشهر ممثلى السينما العالمية. برزت موهبتة وإمكانياته الهائلة وقدرته على أداء الشخصيات المخيفة. اشتهر بالتحضير الجيد لأدواره، وبرع وتميز دائماً بتقديم أفلام الرعب التي تحقق صدى ونجاحاً نقدياً وجماهيرياً واسعاً، وهي التي افتتحها بفيلم مغمور نسبياً هو «ماجيك».

وعن سر تميزه في أفلام الرعب التي يلقب بأنه سيدها، قال هوبكنز: «إن كل عمل يقوم به يتطلب منه إعداداً جيداً ليس على مستوى التمثيل فحسب، بل على مستوى دراسة الشخصية وخلفيتهاوالبحث وراء لغتها وموطنها ليلم بتفاصيل كل شيء».

بدأ النجم الشهير حياته السينمائية في عام 1968، وحصل على فرصته  في فيلم «أسد في الشتاء» حين أدى دور ريتشارد الأول ملك إنجلترا، مع بيتر أوتول، كاثرين هيبورن وبعدها قام بالعديد من الأدوار فى أفلام غير مشهورة وبإدوار مساندة .

الا أن موهبتة الحقيقية كممثل ثقيل ظهرت فى عدد من الأفلام جعلته نجما له اسمه وكانته فى عالم هوليوود الساحر، منها الفيلم الأميركي المثير «صمت الحملان» عام1991، والذى  فاز بـ 4  جوائز أوسكار، واستعرض أبعادا جديدة للجريمة «السيكوباتية» المذهلة، فمعظم ابطال الفيلم مرتبطون بوثاق العقد النفسية المتراكمة، فالمحققة الشابة تعاني من طفولة كئيبة مليئة بالكوابيس.

أما الممثل البارع انتوني هوبكنز فقد تألق فى دور الطبيب هانيبال ليكتر وقدم أسلوبا مختلفا، واستطاع من خلال ادائه أن يجعل لشخصية ليكتر الطاغية كاريزما خاصة من خلال نظرة عينيه ولغه جسده وصوته وهمسه المخيف مع المحققة الشابة، ما جعلنا فى انتظار دائم لظهوره على الشاشة. فقد ابهرنا بشخصية الطبيب النفسي المجنون والمخيف المتخصص في أكل «المخ والكبد» واللحم البشري، والذي هو نفسه مجرم مرعب، حيث انعكست شخصيات مرضاه على نفسيته الشاذة بشكل تراكمي- فحولته لمجرم نفسي بالغ الخطر. وقد نال هوبكنز  جائزة الأوسكار كأحسن ممثل بالرغم من أن ظهوره على الشاشة لم يتجاوز ست عشرة دقيقة.

وكتب أحد النقاد عن الفيلم أن أفلام «الجريمة المنظمة» قد أصبحت وسيلة تجارية مربحه جدا في شباك التذاكر، كما أصبحت وسيلة للتنفيس عن الإعجاب الكامن بشخصيات المجرمين الشريرة والكاريزمية، كأفلام آل كابوني والعراب والمافيا بأنواعها، وكذلك فإن أفلام الرعب والجريمة النفسية هي التي تتصدر شباك التذاكر وتحقق الإيرادات والجوائز وتنال أحيانا إعجاب النقاد. فيلم «صمت الحملان» بلغت تكاليف انتاجه 19 مليون جنيه فى الوقت الى وصلت ايراداته فى البوكس اوفس الى 272 مليون دولار.

وقال أنتونى معلقا على  فيلمه «صمت الحملان» انه بلا جدال من أهم أفلامي بما أنه نجح على المستوى العالمي وسمح لي بتحقيق شهرة دولية لم أعرفها من قبل. وغير ذلك فهو في حد ذاته يتميز بصفات في الاخراج تجعله من الأعمال التي تؤخذ في الحسبان عند التعرض للافلام التي تترك بصمات فوق صفحات تاريخ السينما في العالم.

وفي عام 1993 شارك هوبكنز فيلم «بقية اليوم ـ The Remains of the Day» مع ايما ثمبسون، والذى رشح لثمانى جوائز أوسكار منها أفضل ممثل لهوبكنز، وفى استعراض لصحيفة الواشنطن بوست قالت ان هناك اشادة نقديه كبيرة وصلت الى تصنيفه  بأنه الأفضل بنسبة  97٪ على الموقع الشهير «الطماطم الفاسدة».

وقال فنسنت كنبي من صحيفة نيويورك تايمز ان الممثل الغول انتوني هوبكنز استطاع بمهارة تدل على موهبته الكبيرة ان يكشف لنا كل المشاعر الايجابية والسلبية  لشخصيته فى الفيلم، وقدرته على اظهار إمكانياته لقمع الألم، وان الفيلم ماهو الا تجربة سينمائية لا تزال تثير العاطفة والحذر،  مع سيناريو اثارنا بكلماتة وحوراتة فى كل مشهد.

ومن الأفلام الهامه التى لمع فيها الممثل هوبكنز مشاركته عام 1994  «برام ستوكر: دراكولا» مع المخرج الكبير فرانسيس فورد كوبولا، والذي قام فيه بأداء شخصية «فان هيلسنج» الطبيب المعالج الروحاني الذي يتصدى لمسخ الظلام الكونت دراكولا.

كذلك أصبح مخرجا لأول مره في فيلم «August» المأخوذ من مسرحيه «Uncle Vanya». وقام أيضا بدور البطولة واشترك مع اليك بالدوين في فيلم «The Edge» عام 1997، وايضا فى نفس العام رشح انتونى هوبكنز لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم «Amistad» للمخرج الكبير ستيفن سبيلبيرج وشاركه البطوله مورجان فريمان وماثيو ماكونهى.

وتدور احداثه حول أميستاد هو اسم سفينة الرقيق التي تسافر من كوبا إلى الولايات المتحدة في 1839 ويحكي قصة مجموعة من الأفارقة الذين يبدأون ثورة ضد طاقم السفينة والسير على غير هدى لعدة أسابيع بعد هذا الحدث الرهيب. ثم يتم اكتشافها من قبل بعض ضباط البحرية الأميركي.

وحاز انتونى نجاحا كبيرا فى الفيلم المتميز  «The Mask of Zorro» مع انطونيو بانديراس وكاثرين زيتا جونز في عام 1998.

وفى عام 2011 أكد النقاد ان النجم المخضرم هوبكنز رجع من جديد لافلام الرعب القوية التى كانت فاتحه خير ونجومية له .. وخاصه بعد ابهارنا بأدائه بموهبته الفنية المتجددة فى فيلمه «The Rite»  2011وهو يعد من «الأكثر إثارة» للنجم الشهير منذ العام 1991، وأبرز انتونى في الفيلم أنه لم يواجه صعوبة في تقمص الدور قائلا «كان الأمر يستلزم دقيقتين»، مشيرا إلى أن وجود مخرج رائع مثل ميكائيل هافستروم ساعده على أن يعيش داخل الشخصية.

وقام انتونى بتجسيد شخصية ملك أفلام الإثارة والرعب العبقرى الراحل ألفريد هيتشكوك في فيلم من إخراج ساشا جرفازي «هيتشكوك» عام 2012 وشاركتة البطولة كل من سكارليت جوهانسون وجيسيكا بيل، وكتب عن الفيلم ان الممثل انتونى هوبكنز خضع لساعات طويلة من المكياج قبل بدء جلسات تصوير الفيلم حتى تبدو ملامحه أقرب ما يمكن إلى ألفريد هيتشكوك البدين. إضافة إلى اتخاذه ببراعه اللكنة المميزة التي صارت مع مرور الزمن من الصفات التي اشتهر بها السينمائي البريطاني الفذ.

وتدور احداث فيلم «هيتشكوك» فى مطلع الستينيات من القرن العشرين، التي كان المخرج الفريد يحضر فيها لفيلمه «سايكو» بمساعدة زوجتة، وللصعوبات التي عانى منها بسبب رفض العديد من المنتجين تمويل الفيلم لاعتقادهم بأن السيناريو لم يكن على مستوى الافلام السابقة لهتشكوك. ثم كيف صار فيلمه في النهاية أهم نجاح حققه هيتشكوك في حياته الفنية.

وقال هوبكنز ان من أهم أسباب موافقتى على هذا الفيلم اننى بالفعل من المعجبين بهتشكوك وببعض أفلامه، وليس كلها لأنني مؤمن بأن أفلامه غير متكافئة. ولكنه المخرج الذي ناضل بهدف فرض أفكاره التقدمية على المهنة السينمائية، فهو أول من جرب طريقة الأبعاد الثلاثية مثلاً في زمن لم يشهد اقتناع أي منتج سينمائي بهذا الأسلوب في تصوير الأفلام وعرضها. وهو فعل ذلك في فيلمه «اضغط على حرف الميم كي تحدث الجريمة». لقد دخل هيتشكوك إلى تاريخ السينما العالمية وهذا أمر أدركه كلياً.

ذكر هوبكنز أن دور بيرت مونرو، الذي أداه في فيلم «أسرع هندي في العالم» عام 2005، وهو دوره المفضل، بالاضافه  الى انه كان أسهل دور قام به لأن كلا منهما  لديه وجهة نظر مماثلة في الحياة.

في عام 2006، تلقى هوبكنز جائزة سيسيل بي. ديميل جولدن جلوب عن مجمل أعماله. وفي عام 2008، حصل على جائزة زمالة الأكاديمية البريطانية لفنون الفيلم والتلفزيون.

ولقد كرم الممثل انتونى هوبكنز من قبل الملكة اليزابيث الثانية عندما منحته لقب فارس عام 1993. ويعيش هوبكنز في الولايات المتحدة الأميركية منذ منتصف السبعينيات وأصبح مواطنا أميركيا في عام 2000.

وفى عام 1997 صنف هوبكنز من خلال  مجلة امبيير البريطانية  بأنه رقم  57 من بين أفضل مائة ممثل.

وفى عام 1993 منح وسام الفروسية في ولاية ويلز الأمريكية.

وذكر انتونى فى احد حوارته قائلا :«كنت تلميذا خائبا، وكان المدرسون يعتقدون أني ساذج، لأني لم أكن أفهم عن أي شيء يتناوله الناس من حولي، كما لم أكن أبدي مهارة في ممارسة أي رياضة»، مضيفا «في النهاية أدركت أن التمثيل هو موهبتي الحقيقية، ولا بد وأن أصبح ممثلا، لانني لم أكن اصلح لأي شيء آخر».

وعندما تم سؤاله كيف يحقق هذا النجاح الكبير، أجاب بابتسامة كبيرة «استطيع الاستحواذ على انتباه الناس، وأعرف جيداً كيف أقوم بهذه الأدوار، وهذا ليس لأني مخيف، ولكن لأني أعرف كيف أخيف الناس. إنها خبرة في أن تكون هادئاً وأن توتر أعصاب من حولك في نفس الوقت. أعتقد إنها هبة، وبالطبع يساعدني في هذا حينما أعمل على سيناريو قوي، ومخرج متمكن».

 

 

 

 

 

 

Exit mobile version