تونس ـ «سينماتوغراف»
انطلق السبت الماضي بتطاوين المشروع الثقافي «أول فيلم» وهو مشروع تربوي سينمائي تنجزه جمعية ملتقى الجنوب للثقافة والفنون بالشراكة مع المندوبية الجهوية للتربية. المشروع ينجز ضمن برنامج «تفنن» لدعم القطاع الثقافي التونسي الذي يموله الإتحاد الأوروبي بشراكة مع “المعاهد الوطنية الثقافية للإتحاد الأوروبي و ينفذه المركز الثقافي البريطاني بتونس.
يأتي المشروع في إطار الوعي بخطورة الصورة وبكونها سلاحاً ذا حدّين خاصة في ظل الانتشار الواسع لوسائل الاتصال الرقمية والحديثة ودخولها إلى البيوت دون استئذان (التلفزة، الحواسيب، الهواتف الذكية، شبكات التواصل الاجتماعي..).
من هذا المنطلق ترى الجمعية المنجزة للمشروع ضرورة تمكين الأطفال من آليات قراءة الصورة وتحليلها خاصة في هذه المرحلة العمرية الخطيرة (بداية سن المراهقة) وتمكينهم أيضاً من وسائل التعامل مع هذه التكنولوجيات وتطويعها عن طريق استعمالها لإنتاج قصيرة تنبع من واقعهم وبيئتهم الاجتماعية والاقتصادية المحلية كي لا يبقوا فقط مجرد متقبلين سلبيين لهذا الكم الهائل من الصور.
ينقسم المشروع إلى 3 مراحل كبرى: تتمثل المرحلة الأولى في إنجاز تكوين معمّق لـ 11 معلماً تم اختيارهم بالتنسيق مع الشريك المتمثل في الجهوية للتربية بتطاوين. تكوين سيكون شاملاً و منوعاً ويمتد على مدة شهرين بمعدل حصتين كل أسبوع ليتمكن من خلاله المعلمون المشاركون من كل ما له علاقة بالسينما والصورة انطلاقاً من قواعد التصوير الفوتوغرافي مروراً بأليات قراءة الصورة وتحليلها واللغة السينمائية وصولاً إلى السيناريو والتصوير والمونتاج وعمليات ما بعد المونتاج (الميكساج، تصحيح الألوان..)
خلال المرحلة الثانية من مشروع أول فيلم سيقوم المعلمون بافتتاح نواد للسينما والصورة في المدارس الابتدائية التي يعملون بها، حيث سيقومون من خلالها بتكوين 110 تلميذ ( بمعدل 10 تلاميذ بكل مدرسة) في مختلف فنون التصوير والسينما انطلاقا من المعارف النظرية والتطبيقية التي تلقوها في المرحلة السابقة وتدوم هذه المرحلة أيضاً شهرين بمعدل حصة كل أسبوع.
أما المرحلة الأخيرة والأهم من المشروع فتتمثل في تنمية روح الخلق والملكات الإبداعية لدى الأطفال من خلال تدريبيهم على استعمال وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة وتطويعها للتعبير عنهم وعن مشاغلهم اليومية والحياتية من خلال انجاز وتصوير أفلام وثائقية قصيرة.
هذه الأفلام ستكون في النسبة الأكبر منها منجزة من طرف التلاميذ انطلاقاً من الفكرة مروراً بكتابة السيناريو والتقطيع الفني وحتى التصوير، لتبقى فقط عمليات المونتاج النهائية التي سيقوم بها مختصون نظراً لصعوبة الأمر وعدم قدرة الأطفال عليه بسبب استعمال برمجيات متطورة و معقدة.
اما ختام المشروع فسيكون تنظيم حفل ختامي يتم خلاله عرض كل الأفلام المنجزة وتوزيع جوائز قيمة بحضور المعلمين وكل التلاميذ المشاركين وأوليائهم.
تجدر الإشارة في النهاية الى أن المشروع اختار أن يتعامل في المرحلة الأولى مع المعلمين من خلال تكوينهم لا تكوين الأطفال مباشرة. و يهدف هذا الأمر إلى ضمان استمرارية المشروع والنوادي في السنوات القادمة وتكوين مزيد من الأطفال حتى بعد انتهاء برنامج “تفنن” الممول للمشروع و المحدود في الزمن وحتى بعد نجاح التلاميذ المشاركين في هذه الدورة ومغادرتهم للتعليم الثانوي.