إنكسارات وتطورات صناعة الأفلام الألمانية

خاص ـ «سينماتوغراف»

ازداد الإقبال على الإنتاج الألماني في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، وأصبحت الأفلام الألمانية تحقق أرقام مبيعات قياسية. وتحفل الساحة اليوم مجددا بنجوم يجتذبون الجمهور الألماني إلى دور السينما، من أمثال: تيل شفايغر، ألكسندرا ماريا لارا، مارتينا غيديك، يوليا ينتش، دانييل برول، موريتس بلايبتروي. ولم يكن تأسيس أكاديمية الفيلم الألمانية في العام 2003 سوى انعكاسا لزيادة الثقة بالنفس في هذا المجال. وقبيل بداية الألفية الثالثة سعى فيلم ألماني بعنوان «لولا تجري» (1998) للمخرج توم تيكفير إلى إيقاظ السينما الألمانية من سبات عميق. هذه الكوميديا التجريبية حول لولا ذات الشعر الأحمر، حول القدر والحب والصدفة، تلاءمت مع الشعور الجديد بالحياة الذي ساد في أواخر التسعينيات. السباق الجريء الذي عاشته لولا مع الزمن في مدينة برلين، تم فهمه في مختلف أرجاء العالم على أنه تعبير عن عصر اللهث وراء شؤون الحياة بدون هوادة. مع فيلم «لولا تجري» تمكن المخرج توم تيكفير من تحقيق نجاح عالمي باهر. وشكل هذا الفيلم انطلاقة مرحلة جديدة للسينما الألمانية. ولأول مرة منذ عهد ما كان يعرف باسم «سينما المؤلفين» وأيام راينر فيرنر فاسبيندر (المتوفى سنة 1982) تتجه أنظار العالم باهتمام وفضول مجددا نحو السينما الألمانية التي بدأت تحقق نجاحات عالمية من جديد.

 في العام 2002، حصلت كارولين لينك على جائزة أوسكار عن فيلم «في لا مكان في أفريقيا»، وفي 2007، حصل فلوريان هينكل فون دونرسمارك أيضا على الجائزة الحلم عن أول أفلامه «حياة الآخرين».

 وفي ذات العام، فاز فاتح أكين في مهرجان كان السينمائي بجائزة أفضل حوار وبالجائزة الخاصة عن فيلمه «على الجانب الآخر».

وبينما كانت الأفلام الكوميدية هي التي حصدت، وبشكل غير متوقع النجاحات المتتالية في عالم الأفلام الألمانية مع مطلع الألفية الجديدة، مثل فيلم «نهاية سنوات الخير» (2004) لهانس فاينغارتن، فإن الأفلام الجادة هي التي تحتل مركز الاهتمام مع نهاية العقد الأول من ذات الألفية. إلا أن الموضوعات بقيت على ذاتها: فقد تم عرض التراجيديا الكوميدية «وداعا لينين» (2003) في أكثر من 70 بلدا، وبنجاح باهر، وذلك لأنها تعرض أيضا لفشل الشيوعية.

 كما أن فيلم «حياة الآخرين» لدونرسمارك (2007) يستعرض الحياة والمعاناة في ظل نظام الشتازي (المخابرات الألمانية الشرقية) في ألمانيا الديمقراطية، وقد حاز الفيلم على جائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي في مهرجان هوليود السينمائي. منذ تلك السنة ازدهرت سوق الأفلام التي تتحدث عن ألمانيا الشرقية رغم أنه قد مر حتى الآن ربع قرن على توحيد شطري ألمانيا إثر سقوط جدر برلين واندثار الاتحاد السوفييت من على الخريطة الجغرافية والسياسية. وقد ظلت كل هذه الأعمال السينمائية تركز على التعطش للحرية وهي تصور حياة الأفراد في سياق تاريخي عام للشعوب والدول.

تنقلنا أحداث الفيلم إلى مطلع سنوات السبعينيات، عندما كانت ألمانيا منقسمة إلى شطرين. ويعتبر الفيلم عملا سينمائيا طويلا ينجزه المخرج كريتسيان شوشوا وهو مخرج ألماني شاب ولد في ألمانيا الشرقية قبل أن ينتقل إلى الغرب صحبة مع عائلته سنة 1989. لاشك أن تلك الهجرة هي التي ألهمت المخرج موضوع الفيلم وقد تولى كتابة السيناريو مع والدته هايدي غير أنه اقتبس ايضا السيناريو من رواية «نار المخيم» التي ألفتها الأديبة جوليا فرنك.

على الجانب الآخر، يتحدث فاتح أكين على سبيل المثال، وهو من مدينة هامبورغ وذو أصول تركية، بأسلوب غاضب يحبس الأنفاس عن الحياة في ألمانيا. وفي فيلمه الدرامي «ضد الجدار» (2004)، الذي كانت جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين إحدى الجوائز التي حصدها، يتحدث عن قصة حب بين شاب وفتاة ألمانيين من أصول تركية، ويخوض بشكل في غاية الدقة في تمزقهما بين الثقافتين، من دون استجداء أو استثارة للعواطف. وفي عام 2007 تحدث أكين في فيلمه الدرامي «على الجانب الآخر» عن ستة أشخاص في ألمانيا وتركيا يجمع بينهم قدر الحياة. وقد كان هذا الفيلم جديرا بجائزة الفيلم الألماني لأربع فئات. وفي 2009 قدم تذكارا تمثيليا لمدينة هامبورغ من خلال فيلمه «مطبخ سيؤول».

أما فيلم «طرق ابواب الجنة»، للمخرج والمؤلف توماس يان وبطولة الثنائي تيل شفايغر وجان جوزيف ليفيرس، فعنوانه مستمد من اغنية بوب ديلان الشهيره والتى ايضا استخدمت كموسيقى تصويريه بالفيلم، ولم يرشح لجوائز كبيرة باستثناء مهرجان موسكو السينمائي وفاز تيل شفايغر بجائزة افضل فيلم، تم عمل ريميك ياباني للفيلم حمل اسم Heaven’s Door عام 2009.

وهو كوميديا صنعت وقدمت بشكل جميل وسرد رائع للاحداث وحوارات خيالية،  وتدور احداثه عن شابين، مارتن ورودي، يتم تشخيصهما بمرض السرطان، فالاول يكون لديه ورم بالمخ ولم يتبق له سوى بضعة ايام. والثاني يرث سرطان العظام من والده ولم يتبق الكثير امامه. يتصادف الاثنان بالمستشفى وتبدأ بينهما فقرة تعارف مثيرة قبل هروبهما من المستشفى والهدف الذي وضعه مارتن وأقنع به رودي هو الذهاب لرؤيه المحيط!، وبعد ان قام مارتن بوصف المحيط يرد رودي لم اذهب الى المحيط من قبل.. يبدأ مارتن بهذه الجمله “نحن الاثنان نطرق ابواب الجنة ونشرب «التكيلا» ويكمل نحن خبراء بالارتماء بالتراب وانت لم تذهب الى المحيط، الا تعرف كيف يبدو الامر عندما ندخل الجنه؟ في الجنه كل ما يتحدثون حوله هو المحيط وكم هو رائع، يتحدثون عن الغروب الذي شاهدوه، وعن كيفية تحول الشمس حمراء كالدم عندما تغرب وعن شعورهم عندما فقدت قوتها والبرد الذي اتى من المحيط بينما باقي النيران مازالت تتوهج وانت لا يمكنك التحدث حول ذلك معهم لانك لم تذهب الى المحيط ابدا!.

تحقق الأفلام الألمانية النجاح لأن موضوعاتها القومية المحلية والتفاعلات السينمائية تتناول قضايا ذات اهتمام عالمي. وذلك على الرغم من أن صناع السينما الألمان يصنعون أفلامهم من التطورات والتغيرات والإنكسارات التي يعيشها وطنهم، وتشهدها سيرهم الذاتية.

Exit mobile version