الأسطورة الحية في السينما الأميركية

ميريل ستريب الفائزة بجائزة الأوسكار 3 مرات كرمها “أوباما” بميدالية رئاسية

 «سينماتوغراف» ـ مروة أبوعيش

عرفت النجمة الأميركية الشهيرة “ميريل ستريب” لدى جمهور السينما العالمية بأنها إمرأة لا تحيد عن انتقاء الأدوار الجيدة التى تجلب النجاح وهي التي قدمت فى 2011 فيلم “المرأة الحديدية” الذى جسدت فيه ببراعة شخصية مارجريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وهو الفيلم الذي استحقت عنه وبجدارة جائزة الأوسكار الثالثة في مسيرتها الفنية وجائزتى جولدن جلوب، وبافتا كأفضل ممثلة.

وقبل أيام معدودة نالت ستريب الميدالية الرئاسية للحرية من الرئيس الأميركي أوباما تكريما لمشوارها الفنى حيث علقت على ذلك بقولها “إنه لشئ رائع أن أحظى بتكريم الرئيس” معتبرة أنه أفضل ختام لعام 2014، وهي التي كان قد كرمها أوباما نفسه عام 2010 بمنحها الميدالية الوطنية للفنون.

وتعد “ميريل ستريب” المولودة فى 22 يونيو 1949 بولاية نيوجيرسي الأمريكية، واحدة من أفضل الممثلات حاليا فى هوليوود بفضل تميزها في العديد من الأدوار التى أدتها طوال مسيرتها الفنية الأمر الذى استحقت عنه لقب “الأسطورة الحية”، وهى أيضا صاحبة الرقم القياسى فى عدد مرات ترشحها للأوسكار، والتى بلغت 18 ترشيحا لتفوز ثلاث مرات بجوائزها وكانت الأولى جائزة أفضل ممثلة ثانوية عام 1979 عن دورها في فيلم “كرامر ضد كرامر” والثانية جائزة أفضل ممثلة رئيسية عام 1982 عن دورها في فيلم “اختيار صوفي” والثالثة جائزة أفضل ممثلة رئيسية عام 2012 عن دورها في فيلم “المرأة الحديدية” كما ترشحت لثمان وعشرين مرة في جائزة جولدن جلوب فازت في ثمانية منها، وبهذا تعتبر الممثلة الأولى بعدد الترشيحات لهاتين الجائزتين.

حصلت “ميريل” علي بكالوريوس الدراما من جامعة (Vassar) عام 1971 ثم التحقت بعد ذلك بمدرسة (Yale) للدراما، وبدأت مشوارها الفنى من خلال المسرح حيث قدمت عدة أدوار على مسارح نيويورك و نيوجيرسى بعد تخرجها من مدرسة الدراما، ونالت جائزة “اوبى” المتخصصة فى الفن المسرحى عن دورها فى مسرحية “آليس فى القصر”.

كما كان لها بعض المساهمات التليفزيونية من خلال فيلم بعنوان “الموسم الميت” 1977، ثم جاءتها أول فرصة سينمائية  بدور صغير جدا فى فيلم “جوليا” 1977، ومن بعده مسلسل قصير بعنوان “هولوكوست” عام 1978 حيث قدمت دور زوجة المانية لفنان يهودى فى العصر النازى وتقول ميريل إنها قبلت هذا الدور فقط لاحتياجها الى المال ولمساعدة صديقها وحبيبها فى ذلك الوقت “كازال” الذى اصيب بمرض سرطان العظام ، واضطرت للسفر إلى المانيا والنمسا لتصوير العمل لتعود لتجد حالة كازال قد تدهورت حتى توفى، وقالت ميريل وقتها إنها تتمنى أن يساعدها عملها على تجاوز المحنة وتغيير حياتها، وكانت الجائزة التى حصلت عليها عن دورها فى المسلسل الذى أبعدها عن حبيبها هي الدواء في محنتها  ، بعد أن حصلت على جائزة  “ايمى ” لأفضل دور متميز كممثلة أولى.

وعقب تلك الجائزة خرج فيلمها الثاني بعنوان “صائد الغزلان” وكان بمثابة البداية الحقيقية لمشوارها الفني خاصةً عقب ترشيحها لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة عن هذا الفيلم.

وفى عام 1997 قدمت ميريل دورا مساعدا فى فيلم وودى آلان “مانهاتن” ولم تحصل حسب قولها على نص الفيلم كاملا بل حصلت  فقط على الصفحات الست الخاصة بدورها ولم يكن مسموحا لها مراجعة أى شئ فى دورها، على عكس ما فعلته حين عرض عليها فيلم” كرامر ضد كرامر” فى نفس العام حيث أصرت ميريل على أن تراجع النص وأثناء اجتماعها مع فريق العمل الذى ضم منتج الفيلم ستان جيفى ومخرجه روبرت بنتون وبطله داستن هوفمان علقت على دورها بأنه عن شخصية لا تمثل الكثير من النساء اللائى يتعرضن للانفصال ومعارك حضانة الاطفال بل وكتبت على نسخة السيناريو إنها “شريرة جدا”، وأيد ثلاثتهم وجهة نظرها وتم تعديل الشخصية حتى أن المنتج سمح لها بكتابة حوارها فى المشهدين الرئيسيين بالفيلم بالرغم من اعتراض هوفمان على ذلك الا أنه قال عنها لاحقا: “إنها إمرأة جادة فى عملها لدرجة الهوس، وأعتقد أنها لا تفكر فى أى شئ سوى ما تفعله.”

الأوسكار الأول لأفضل ممثلة مساعدة

حصلت ميريل ستريب على إشادة عالية من النقاد عن أدائها فى ثلاثة أفلام في عام 1979، كان الأول هو الفيلم الرومانسى “منهاتن” والثانى فيلم الدراما السياسية “إغواء جوتينان” أما الثالث فكان فيلم ” كرامر ضد كرامر” وهو من الدراما الأسرية، لتنال بعد ذلك جائزة مؤسسة لوس انجلوس للنقد السينمائى، وجائزة المجلس الوطنى، وجائزة الجمعية الوطنية لنقاد السينما وجميعها كممثلة مساعدة عن أدوارها فى الأفلام الثلاثة، أما فيلم “كرامر ضد كرامر” فنالت عنه أول جائزة أوسكار في مشوارها وكذلك جائزة جولدن جلوب كافضل ممثلة مساعدة .

لقد حدث كل ذلك ورصيدها الفنى في ذلك الوقت لم يتعد ثلاثة أفلام فقط، لتبدأ ميريل رحلة صعودها الفنى وتصبح الممثلة الأولى لأهم أفلام فى تاريخ السينما الامريكية على الإطلاق.

وفى عام 1981 لعبت بطولة  فيلم “إمرأة الملازم الفرنسى” أمام النجم جيريمى ايرونز حيث قدما فيلما دراميا عن الحقبة الفكتورية وحصلت عنه على جائزة “بافتا” كأفضل ممثلة فى دور رئيسى، وفى العام التالى قدمت فيلم الإثارة النفسى “لايزال الليل” مع روبرت بنتون مخرج فيلم “كرامر ضد كرامر” وبطولة روى شايدر وجيسكا تندى وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” عن الفيلم: “أنه تكريم لأعمال المخرج الفريد هيتشكوك ولكن نقطة الضعف الوحيدة بالفيلم كانت تلك الفجوة بين ستريب وشايدر وعدم وجود جاذبية بينهما.”

اختيار.. فيلم بلكنة ايرلندية

وشهد عام 1982حصول ستريب على جائزة الأوسكار الثانية بعد تقديمها دور “صوفى” فى فيلم “اختيار صوفى” حيث أ دتها باللكنة البولندية ، ونالت من الإشادة أكثر مما كانت تتوقع وقال الناقد الشهير روجر ايبرت عن أدائها بالفيلم :” لقد قدمت دورها بلكنة بولندية أمريكية فكانت أغرب لكنة سمعتها لدرجة رغبت فى احتضانها من شدة جمال نطقها، إنه من ألمع ادوارها حيث أدت بتلقائية وطبيعية أكثر مما كنت أتخيل”.

وقد تبع هذا النجاح فيلم آخر قامت به ستريب عن حياة الناشطة “كارن سيلكوود” من خلال تجسيد دورها فى فيلم “سيلكوود” عام 1983، وتحدثت ميريل مع الناقد روجر ايبرت حول دورها مؤكدة أنها سألت كل الاشخاص المقربين من سيلكوود حتى تقترب أكثر من الشخصية واكتشفت أن كل شخص تحدث عن جانب مختلف من شخصيتها، فركزت على الأحداث نفسها التى قامت بها سيلكوود وما فعلته خلال حياتها حتى تكون أكثر قدرة على التعبير عنه.

الوقوع فى غرام أفلام السيرة

تألقت ميريل ستريب اكثر من خلال أفلامها الرومانسية، فقدمت أمام روبرت دى نيرو فيلمها الشهير “الوقوع فى الحب” عام 1984، وامام جاك نيكلسون فى فيلمين هما “Heartburn” 1986، و”Ironweed”1987.

ولأنها وقعت فى غرام أفلام السيرة الذاتية فقد عادت ميريل لتقديم هذه النوعية من الأفلام مرة أخرى ولكن هذه المرة فى دور سيدة أسترالية اتهمت بقتل طفلتها الصغيرة وقامت ميريل بتصوير الفيلم فى أستراليا وحصلت على جائزة مؤسسة الفيلم الأسترالى كافضل ممثلة وجائزة مهرجان كان وجائزة دائرة النقاد السينمائين فى نيويورك ، وتم ترشيحها لجوائز أخرى عديدة.

وشهد مشوار نجاح ميريل ستريب تقديمها لأدوار متنوعة أخرى فى فترة التسعينيات، فقد حصلت على جائزة اختيار الجمهور كأفضل ممثلة سينمائية ولقبت عام 1990 “المفضلة فى العالم ” او World Favorite، وفى نفس العام كان أول ظهور لها فى المؤتمرات وخلال المؤتمر الذي عقدته “Screen Actor’s Guild” قامت بانتقاد صناع السينما بسبب تعمدهم التقليل من شأن المرأة على الشاشة أو فى الواقع.

كما قدمت النجمة الاميركية فى نفس العام فيلم “بطاقات بريدية من القمة” عن قصة مقتبسة من كتاب كارى فيشر يحمل نفس الاسم أمام دنيس كويد وشيرلى مكلين.

ويذكر أن فى تلك الفترة ميريل ستريب وجولدى هون ارتبطتا سويا بصداقة قوية جعلتهما يفكران فى عمل فيلم يجمعهما وكان وقتها فيلم “تيلما ولويزا” ولكن ظروف حمل ميريل ستريب فى ذلك الوقت منعتها من الإقدام على الفكرة وبالتالى ذهب الفيلم إلى النجمتين سوزان ساراندون وجينا ديفيس، ولكن حلمهما تحقق حينما قدما سويا عام 1992 فيلم “الموت أصبح هى” مع بروس ويليس وكان فيلما كوميدىا خفيفا لم يلق النجاح الذى اعتادت عليه ولكنه بالنسبة لها فيلم يؤرخ لصداقة جمعتها بزميلتها جولدى هون.

وفي عام 1995 قدمت ستريب مع كلينت استوود “جسور ماديسون كاونتى” المأخوذ عن اكثر القصص مبيعا فى ذلك الوقت للكاتب روبرت جيمس وولر، وقصة رومانسية أخرى خلابة بين اثنين من عمالقة هوليوود جمعتهما جاذبية فى الأداء نالت إشادة من الكثيرين ، وحقق الفيلم إيرادات عالية وصلت إلى 70 مليون دولار داخل الولايات المتحدة فقط.

ثم كان دورها المؤثر في فيلم “حجرة مارفن” عام 1995 المقتبس من مسرحية لسكوت مكفرسون، حيث شاركتها ديان كيتون بدور أختها المصابة بمرض اللوكيميا، وليوناردو دى كابريو الشاب فى دور ابنها الثائر، ورشحت عنه ستريب على جائزة الجولدن جلوب كأفضل  ممثلة .

واختتمت هذه الحقبة بفيلم دراما موسيقية عذب هو “موسيقى القلب” 1999 إخراج فيس كرافن فى دور “روبرتا جاسباريا” عن قصة حقيقة لعازفة كمان تكتشف أن تدريسها الموسيقى للاطفال  فى “ايست هارلم ” هو شغفها الحقيقى.

مع بداية الألفية الثانية وفي مواكبة للعصر اتجهت ميريل ستريب إلى فيلم خيال علمى لستيفن سبيلبرج هو “ايه اى الذكاء الاصطناعى” مع الطفل هالى جويل اوسمنت نجم فيلم “الحاسة السادسة”.

الدب الذهبى من برلين

وفى عام 2001 قدمت فيلم “اقتباس” اوAdaptation أول عمل لها مع المخرج سبايك جونز حيث جسدت دور الصحفية “سوزران اورليون” وحصلت عنه على جائزة الجولدن جلوب الرابعة فى افضل ممثلة مساعدة، كذلك ظهرت ستريب عام 2002 مع جوليان مور ونيكول كيدمان  فى رائعة المخرج ستيفن دالدرى “ساعات” وقصة الفيلم مأخوذة عن رواية مايكل كوننجهام حيث تدور أحداثه  من خلال ثلاثة نساء من أجيال مختلفة يعشن مرتبطين وجدانيا بقصة “فرجنيا وولف ” وقد تلقى إشادة واستحسانا كبيرين وحصلت عنه بطلاته الثلاث على جائزة الدب الفضى لأفضل ممثلة.

تشمل قائمة الأفلام المتميزة الأخرى لستريب في الألفية الثانية فيلم “رايري هوم كومبانيون” (2006) وهوآخر فيلم للمخرج العظيم روبرت آلتمان، “الشيطان يرتدي برادا” (2006) والذى جسدت فيه دور رئيسة تحرير قوية ومتغطرسة لمجلة أزياء شهيرة والفيلم جلب لها عدة ترسيحات وجوائز منها جائزة جولدن جلوب اضافية، ثم دورها فى الفيلم الموسيقي “ماما ميا” (2008)، “الشك” (2008) الذي أدت فيه دور راهبة وحصل الفيلم على ترشيحات للاوسكار للأدوار الرئيسية وأفضل سيناريو، وفيلم “جوليو جوليا” (2009) وهوسيرة ذاتية للطاهية الأمريكية الشهيرة جولياتشايلد.

المرأة الحديدية

وخلال عام 2012 قدمت ستريب فيلما كوميديا أمام تومى لى جونز وستيف مكريل هو “هوب سبرينجز” حصلت عنه على ترشيحها الـ27 للجولدن جلوب، وعام 2013 شاركت جوليا روبرتس فيلم “اغسطس :مقاطعة أوساج” اخراج جون ويلس، وقصته مأخوذة عن مسرحية تحمل نفس الاسم وحاصلة على جائزة البوليتزر، وحصلت عنه ستريب على الجولدن الجلوب وترشيحا للاوسكار.

وفى أواخر عام 2013 ترددت أخبار حول أن ميريل ستريب ستشارك هيلارى سوانك فى فيلم “The Homesman”  إخراج تومى لى جونز ولكنها إنضمت لفريق عمل فيلم “فى الغابة” أو  Into The Woods مع ريز وزرسبون والمتوقع عرضه نهاية العام الحالي 2014 وسيعرضه مهرجان دبي السينمائي في ختام فعاليات دورته الـ”11″، وذلك بعد مشاركتها فى فيلم “العاطى” أو The Giver.

 

 

 

 

 

Exit mobile version