الجزائر ـ «سينماتوغراف»: حسان مرابط
قدم أمس بقاعة الموقار بالعاصمة الجزائر، المخرج سيد علي مازيف العرض الأول لفيلمه الروائي «وسط الدار» في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وسط حضور شخصيات سينمائية وفنية تتقدمهم السينمائية ووزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي وجمهور واسع اكتشف في نهاية قصة الفيلم أسباب تفشي العنوسة في المجتمع الجزائري.
يعالج الفيلم عن سيناريو زبيدة معمرية قصة ستة نساء يعشن في منزل واحدا تملكه السيدة لويزة التي ورثت هذا البيت الذي يتميز بهندسته وطرازه المعماري المغاربي الإسلامي من زوجها المتوفي الشريف، وتختلف قصة كل واحده منهن، إلا أنّ قاسمهن المشترك هو «العنوسة».
على مدار ساعة و40 دقيقة، يغوص المخرج سيد علي مازيف في تصوير يوميات النسوة الستة بالبيت وخارجه بمدينة قسنطينة شرق الجزائر، ويكشف أحلامهن التي غالبا ما ارتبطت بالأخر أي الرجل، هذا الأخير يفتقدنه إلى جانبهن في المنزل الرحب بالرغم من العلاقة الحميمية والطيبة التي تسود بينهن.
تشتغل ريم «خادمة» عند لويزة وتحلم بالزواج، لويزة تعيش على ذكرى زوجها المتوفي الذي تزوج سرّا بأخرى وأنجب منها بنتا هي «ريم» الخادمة، فاطمة تعمل قابلة في أحد المستشفيات وتحلم بالزواج والإنجاب لكن لم تجد فارسها، المصورة «موني بوعلام» ترفض الزواج وترى نفسها أكثر حرية بدونه، وأخرى مشوشة الذهن تبحث عن حلّ لعلاقتها غير الشرعية .. هي قصص نساء تعكس الواقع المر الذي تعيشه المرأة العانس رغم أحلامها وطموحها في الحياة خاصة في ظلّ نظرة المجتمع القاسية إليها.
انتقاد المخرج مازيف لحكم أفراد المجتمع العربي بصفة عامة والجزائري بشكل خاص بدا صريحا، من خلال جرأته الكبيرة في تسليط الضوء على المرأة المتحررة من القيود المفروضة عليها والمرأة المتمردة والمرأة التي اختارت طريق الله كسبيل لتحقيق آمالها.
يشار أنّ بطولة الفيلم جماعية وأدتها كل من لويزة حباني وموني بوعلام وتينهينان ومنال قواسم ووسام مغانم ونورة بن زراري.
ويعتبر المخرج سيد علي مازيف (من مواليد الجزائر عام 1943) من المخرجين الذين ينتمون لجيل مابعد استقلال الجزائر، فبعد أن عمل مساعدا للإخراج مطلع الستينات مع مخرجين أوربيين، تابع تكوينا في الإخراج بالمعهد الوطني للسينما (1964-1967) ، ليبدأ مشواره بأفلام قصيرة ووثائقية عديدة، ليوقع عام 1972 أول أفلامه الروائية الطويلة «العرق الأسود» (1972) الذي يطرح فيه نشأة الوعي السياسي لدى الشباب الجزائري أثناء الحرب، ثم يوقع فيلم «الرحل» (1975) الذي يصور فيه الحياة الجماعية للفلاحين الجزائريين وخاصة منهم البدو الرحل، وبعد أن تكفل بمهمة إدارة الإنتاج بالديوان القومي للتجارة والصناعة السينمائية مطلع التسعينات .. يعود المخرج مازيف مجددا في ألفية الثانية من خلال فيلم وثائقي بعنوان «العنف ضد النساء» (2010) الذي يعاين فيه الحالات المختلفة التي تتعرض لها المرأة من عنف في مجتمع يعرف تحولات ثقافية واقتصادية مختلفة.