الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
قامت منصة الجونة السينمائية، وهي فعالية مخصصة لصناع الأفلام وعناصر الصناعة بهدف تنمية وتطوير مشاريع الأفلام السينمائية الواعدة على المستوى المصري و العربي و مساعدتها لإيجاد الدعم الفني والمادي، باستضافة محاضرة رئيسية بعنوان (كل شيء قائم على قصة حقيقية)- السرد في الأفلام الوثائقية والروائية” والتي قدمها المخرجين الأمريكيين كيث فولتون ولو بيبي، بينما أدار الحوار المخرج المصري كريم الشناوي.
جاءت المحاضرة بعد سلسلة من ورش العمل التفاعلية التي أقيمت على مدار ثلاثة أيام والتي قدم فيها كل من بيبي وفولتون مناقشات حية مع صناع الأفلام الشباب من مصر والعالم العربي حول تطوير رؤيتهم السينمائية وأساليب الرد القصصي السنمائي لديهم، وبالذات فيما يخص تطوير فهم الفرق بين حدود الواقع والخيال في صناعة السينما. حيث جاء التعاون بين مهرجان الجونة السينمائي والمخرجين الأمريكيين نتيجة تعاون المهرجان مع السفارة الأمريكية بالقاهرة.
بسبب ارتباطات الأفلام الوثائقية بـ “الحقيقة” و”الواقع”، فغالباً ما نتغاضى عن استخدام نموذج تقنية الكتابة نفسه الذي نستخدمه في رواية قصص الأفلام الروائية، وبالمثل وبسبب المفاهيم المتعلقة بالأفلام الروائية المقرونة ب”الابتكار” و”الخيال”، نتجاهل حقيقة أن الرواية تتطور من حاجة الإنسان لإيجاد معنى للحياة وللعالم المحيط به.
وقال المخرج كيث فولتون: “يتوقع الجمهور سرداً معهوداً للقصص عند مشاهدته فيلماً ما، بغض النظر عن شكله. فالجمهور لا يريد أن يشاهد شخصيات سعيدة في المطلق في الأفلام، بل يميل للشخصيات المعقدة التي تنعكس مشاكلها على معطيات شخصيته. كيف تنطبق هذه التوقعات على كل من الأفلام الروائية والوثائقية؟ وماذا يمكن أن يتعلم رواة القصص من الطرق التي تستخدم في كل شكل سينمائي؟”.
باستخدام أمثلة من أفلامهم ومقاطع من أفلام ألهمتهم، ناقش المخرجان لو بيبي وكيث فولتون اللذان تشاركا صناعة عدد من الأفلام الروائية والوثائقية لأكثر من عشرين عاماً، الأساليب التقنية للسرد لكلا النوعين السينمائيين.
فبينما يعرف فولتون بارتباطه بالواقعية وعمله على العديد من الأفلام الوثائقية، فإن بيبي قد تمكن من فن صناعة أفلام الخيال. فعلى الرغم من اختلاف رؤيتهما الإخراجية، فقد تمكنا من الجمع بين موهبتيهما ومشاركة مهاراتهما الإخراجية في العديد من المشاريع السينمائية الناجحة سواء على مستوى الأفلام الواقعية الوثائقية أو أفلام الخيال.
وقد قام المخرجين بعرض مقاطع من فيلم “Wonder Boys” يظهر شخصيتين في مطعم يتناقشان بخصوص أحد رواد المطعم الذي لا يعرفونه، حيث قام الإثنين ببناء شخصية متكاملة الصورة والتعقيد لهذا الشخص من دون سابق معرفه به، وهو ما تم استخدامه في المناقشة لاحقا، حيث قال لو بيبي: “جميعنا نعمل على تطوير أساليب السرد القصصي الخاص بنا في حياتنا اليومية، فنبني سيناريوهات متعددة للشخصيات المحيطة بنا مع إضافة بعض التفاصيل المثيرة لجعل قصصنا أكثر تشويقا لدى سردها للآخرين، وهو ما يشبه عملية صناعة الأفلام بشكل كبير”.
كما تم عرض عدد من المقاطع من أعمال الثنائي بيبي وفولتون، مثل الوثائقي الطويل “مفقود في لا مانشا” والحاصل على العديد من الجوائز كأول فيلم يؤرخ لانهيار مشروع فيلم كبير. كما تم عرض عدد من المقاطع من فيلم “عنصر الهامستر” لإظهار الفرق بين أساليب السرد القصصي بين الأفلام الوثائقية والقائمة على الخيال، وتوضيح كيف أن الرؤية الإخراجية قد تعكس صورة من الحقيقة تختلف عما هو صحيح، وهو ما لا يعكس بالضرورة الصورة النمطية للفيلم الوثائقي القائم على أحداث حقيقية.
جدير بالذكر أن الثنائي لو بيبي وكيث فولتون قد عملا معا على العديد من المشاريع السينمائية الناجحة كفيلمها الروائي الطويل الأول “أخوة الرأس” وأحدث أفلامهما الوثائقية “الأطفال السيئون”.