الجزائر ـ «سينماتوغراف»
رحلت أمس الأحد في هدوء الفنانة المبدعة يمينة شويخ التي داعبت أناملها لأكثر من 30 سنة أفلام الآخرين، وهي تسهر على طاولة التركيب بالمركز الجزائري للفن والصناعة السينماتوغرافية لتنال تلك الأعمال نصيبها من النجاح، و بقي حلم الاخراج يراودها إلى أن قررت في آواخر التسعينات الوقوف خلف الكاميرا لإخراج أول أفلامها “رشيدة” الذي فتح لها أبواب الشهرة داخل و خارج الجزائر.
قضت الراحلة عمرها في كواليس عالم السينما السحري وسط الأشرطة ومعدات التركيب مكتفية بهذه المهنة و تربية اطفالها.
وكان على هذه الفنانة العاشقة لعملها والمدافعة بشراسة على مهنة السينما والعاملين بها كنقابية انتظار حل المؤسسة التي كانت تشتغل بها في أواخر التسعينات و إحالتها على البطالة في تلك الفترة الصعبة لتوقد في اعماقها شعلة عشقها الدافن للإبداع السينمائي.
لقد كانت الكتابة جزء من حياة هذه السيدة التي واضبت على تدوين أحلامها وصب شحنات أحاسيسها في أوراق بيضاء تشفي غليلها إلى بعد حين وانتقلت أمينة إلى كتابة السيناريو والإخراج في الروائي “رشيدة” الذي أعلن عن ميلاد مخرجة ذات بصمة مميزة.
ويتناول فيلم رشيدة الذي صور في أوج الأزمة الأمنية سنتي 1996-1997 قصة مدرسة شابة وجدت نفسها مستهدفة من قبل الارهاب الاعمى و اختارت التحدي بدل الاستسلام ووجد المشاهد في هذا الفيلم تشابه كبير في الطباع بين هذه المدرسة الشابة مع شخصية أمينة شويخ الثائرة.
من الكتابة إلى الإخراج خطوة واحدة تخطتها أمينة بنجاح و صنعت أعمال أخرى متجاوزة كل الصعوبات التي يعرفها مهنيي السينما.
كان الفيلم انطلاقة موفقة لرفع تحديات جديدة بالنسبة لهذه الفتاة العاصمية التي استطاعت رغم التقاليد والأعراف السائدة وسط سكان القصبة أن تغزو عالم السينما وأن توفق في الوقوف الى جانب زوجها المخرج محمد شويخ و تشجيعه في تحقيق مشاريعه. كما ساندت و شجعت ابنتها المخرجة الشابة ياسمين شويخ التي اثبت
قدرات كبيرة في مجال الاخراج …
لكن رغم كل هذا النجاح و التجوال في عواصم العالم فإن أمينة لم تفقد من تواضعها الذي زادها تألقاً وإصراراً على المواصلة و تقديم الأحسن.
وواصلت يمينة العمل حيث أخرجت الفيلم القصير “الويزة سيدي عمي” في 2003 و قدمت فيه بورتري عن المصورة الصحفية اللويزة سيدي عمي التي قادها عملها الى تخليد بعين الكاميرا احداث كثيرة منها مآسي السنوات السوداء التي عرفتها الجزائر، و كما قدمت أيضاً فيلم وثائقي بعنوان ” الأمس … واليوم وغداً” يتطرق للتاريخ الجزائري الحديث من خلال موضوع ثورة التحرير بنظرة نسوية من خلال كفاح المرأة المجاهدة و تواجدها في مختلف الميادين و المجالات.
وأمس رحلت هذه الفنانة القديرة في سن الـ68 تاركة أعمالاً مميزة تبقى شاهدة على مسار فنانة أعطت الكثير للسينما الجزائرية و تركت بصمتها المميزة في مهن الفن السابع بدء من التركيب إلى كتابة السيناريوهات ثم الإخراج.