عمان ـ «سينماتوغراف»
عرض أمس فيلم “الرجوع للبيت” الذي تستهل به لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان بالأردن عروضها مع بداية العام الجديد. وحاز الفيلم على 17 جائزة دولية، هو أحدث أفلام المخرج زانغ ييمو الذي يعد أفضل مخرج صيني منذ عقود وأحد عباقرة السينما في العالم، وهو برع وأبدع أفلاما تنتمي إلى مختلف الأنواع السينمائية: التاريخية والمعاصرة، الكوميدية والتراجيدية، السياسية والاجتماعية، قصص الإفراد والقصص الملحمية، إضافة إلى أفلام المغامرات التي تستند إلى فنون القتال الصينية.
تدور أحداث فيلم “الرجوع للبيت” في الصين أثناء ما كان يعرف بفترة “الثورة الثقافية” في منتصف القرن الماضي. يحكي الفيلم عن عائلة مزقتها الثورة الثقافية، والفيلم مقتبس عن رواية الأديب الصيني “جلينغ يان”.
وتتناول الأحداث قصة الزوجين “لو يانشي” و”فينج وانيو” اللذين يعشق أحدهما الآخر عشقا شديدا، ويعيشان في تناغم وسلام عاطفي فيما بينهما مع ابنتهما الشابة عضوة فرقة للرقص تابعة لمدرستها.
وخلال الأحداث والاضطرابات السياسية بالصين يتم القبض على لو، ويحتجز بأحد معسكرات الاعتقال لاشتغاله بالسياسة؛ حيث يقضي في المعسكر سنوات طوال. وبعد فترة من اعتقاله تصاب زوجته فينج في حادث سير مؤلم ما يتسبب بفقدانها الذاكرة.
بعد هربه من معسكر الاعتقال، وقبيل انتهاء تلك الحقبة السياسية من تاريخ الصين، يتوجه لو إلى بيته خلسة ليجد أن زوجته الحبيبة أصيبت بفقدان الذاكرة، لا تتعرف عليه، ولا تتذكر الكثير من ماضيها. يستأجر الأب شقة متواضعة قريبة من بيت زوجته ثم يشرع بالتسلل لرؤية زوجته وتقديم خدمات لها، وذلك بالتنسيق مع الابنة فيكتشف حالتها الصحية وأنها تعامله كمجرد ضيف. بعد مرور زمن تنتهي الثورة الثقافية في الصين ما يؤدي إلى العفو عن الأب وعودته إلى حياته الطبيعية. هنا يتخذ الفيلم مسارا آخر، هو جوهر قضية الفيلم وحكايته، يتعلق بالجهود المضنية والدؤوبة التي يبذلها الأب في محاولة منه لكي يجعل زوجته تتعرف عليه وتستعيد ذاكرتها؛ إذ يحاول لو بشتى الطرق استعادة زوجته ومعاونتها على التذكر بكل السبل الممكنة، وإقناعها بأنه عاد، وهو يجعل من ذلك مهمته الحياتية وواجبه الأخلاقي الذي يكرس أيامه ولياليه من أجله، لكنها، لا تصدق، وتظل مصممة على رأيها بأنها ستظل تنتظر زوجها الحبيب حتى يعود إليها. أخيرا، يتوصل لو إلى حل غير متوقع. يبدأ الفيلم باستدعاء الزوجة والابنة من قبل مكتب الدعاية الحزبية في المدرسة؛ حيث يتم استجوابهما من قبل المسؤول أخبرهما بأن الزوج قد هرب من المعتقل وأن عليهما الإبلاغ عنه في حال التقيتا به.
مع أن أحداث الفيلم تنطلق من زمن الثورة الثقافية في الصين ومن تبعات الثورة الثقافية، إلا أن المخرج لا يصنع فيلما سياسيا ولا يناقش موضوع الثورة الثقافية بل يجعل منه مجرد خلفية خاصة في النصف الأول من الحكاية، ويصنع فيلما عاطفيا يقدم من خلاله قصة حب رائعة فريدة من نوعها بقالب جديد مبتكر وغير مألوف، لكنه مؤثر إلى أبعد حد.