السينما في بورما تحلم باستعادة عصرها الذهبي

 

الوكالات ـ «سينماتوغراف»

يحاول قطاع السينما في بورما أن يستعيد مع الجيل الجديد من المخرجين وشركات الإنتاج عصره الذهبي بعد عقود من القحط في ظل الحكم العسكري الاستبدادي.

ففي الخمسينيات من القرن العشرين، كانت هذه المستعمرة البريطانية السابقة تضم 400 صالة عرض سينمائي، لكن الأمور تغيرت مع وصول العسكر إلى السلطة في العام 1962، ولم يبق من دور العرض هذه أكثر من خمسين.

ويقول تين مونغ المنتج في الأعمال المرئية والمسموعة “هذا العدد قليل في بلد عدد سكانه خمسون مليونا”.

وهو يأمل في تشييد مائة دار عرض سينمائي في العامين المقبلين.

في جادة بوغيوك في رانغون العاصمة الاقتصادية لبورما، لم يتبق سوى صالة عرض يتيمة، علما أن ست صالات كانت تتنافس في هذا الحي وحده على جذب المشاهدين في ما مضى.

وكان ذلك نتيجة طبيعية لسياسات الحكم العسكري الذي ولى عن البلاد في العام 2011، ففي عهده الممتد على عقود طويلة أدت الرقابة القاسية إلى تجفيف الإبداع، وأسهم غياب الأموال المرصودة للثقافة، خارج إطار الأفلام الدعائية للنظام العسكري، إلى الإجهاز على الفن السابع.

أطلق تين مونغ وشركاؤه “مشروع مائة دار سينما”، بعدما شاهدوا فيلما صور العام 2012 عند الحدود مع تايلاند المجاورة، ولم يتمكن ممثلوه الهواة من مشاهدته؛ إذ لا صالات عرض في منطقتهم النائية.

ويقول تين “فكرنا حينها أنه لا بد من تشييد صالات سينما في كل بورما”، ويشير إلى مجسم لصالات “رخيصة التكلفة” ينوي تشييدها لا تتسع لأكثر من 300 شخص.

ومن شأن هذه الصالات المتواضعة، بخلاف دور السينما الفارهة في البلدان الآسيوية المتطورة، أن تعيد الصلة بين الجمهور ودور العرض، في هذا البلد الذي غالبا ما تقتصر علاقة مواطنيه مع الفن السابع على الأقراص المدمجة.

في العصر الذهبي للسينما البورمية في الخمسينيات من القرن الماضي، كانت البلاد تعيش الأمل بمستقبل أفضل مع حصولها على الاستقلال، وكان الجمهور يتدافع لمشاهدة أفلام الحب والتشويق.

لكن هذا الحال لم يدم طويلا، فمع وصول العسكر إلى الحكم مطلع الستينيات منعت الأفلام الأجنبية إلا ما كانت الرقابة الصارمة تسمح بعرضه، معتمدة معايير لا تخلو من الغرابة، مثل أن لا يظهر فيها أي ممثل يرتدي سروال “جينز”.

وكذلك منعت السلطات العسكرية الأفلام الخرافية التي تتحدث عن الأشباح، والتي كانت تلقى إقبالا واسعا في بورما.

إزاء ذلك، صارت نوعية الأفلام تتراجع، بحسب مايتي، وهو مخرج في الحادية والخمسين يشعر أن جيله كان محروما من حقه في التعبير.

ويقول “لقد فعلوا ذلك عمدا لتجهيلنا”، منتقدا المجلس العسكري الذي وافق في العام 2011 على أن يتخلى عن السلطة لأول حكومة منتخبة منذ عقود.

ومنذ ذلك الحين، نشطت حركة السينما وخصوصا مع أفلام الرعب والأفلام الهزلية.

في معهد السينما في رانغون “ياغون فيلم سكول”، لا يخفي الطلاب رأيهم الصريح بالأفلام البورمية الحديثة، التي تشبه المسلسلات التلفزيونية الردئية.

ويقول أحد هؤلاء الطلاب ويدعى ميات مين خانت “إنها ليست سيئة من الناحية الفنية، لكن ما لا أتحمله فيها هو القصص والممثلون”.

في زمن التحول الديمقراطي في بورما، ما تزال حرية التعبير محدودة، وإذا كان الجيش قد تخلى عن السلطة المطلقة إلا أنه ما يزال أحد الأطراف الفاعلة بقوة في الحياة السياسية، لدرجة أن الحكومة حظرت خلال الأشهر الماضية عرض فيلم ينتقد القوات المسلحة.

ويقول لو مين أحد أشهر الممثلين في بورما “من المهم جدا أن يكون لدينا تشريعات جديدة في قطاع السينما”.

ويقر هذا الممثل الذي يصور فيلما جديدا من نوع أفلام الحركة أن قطاع الإنتاج السينمائي في بلده واقع في الفشل، ويرى أن السبب في ذلك هي السنوات الطويلة من القيود.

لكنه يضيف “لقد جاء وقت التغيير”، معولا في ذلك على إنشاء صالات جديدة في بلده لتعرض فيها الأفلام المنتجة محليا.

Exit mobile version