داخل مكان واحد تدور أحداث فيلم «رغم سني المتقدم لازلت اختبئ لادخن»، وهو انتاج فرنسي لميشيل جافراس زوجة المخرج الشهير كوستا جافراس، وقد عرض أمس في أيام قرطاج السينمائية كأحد أفلام العمل الأول.
الفيلم الذي تدور احداثه داخل حمام السيدات، ويعرض لنماذج مختلفة بكل أزماتهن وأفراحهن وهزائمهن ايضا، بينهن الأرملة والمطلقة والتي فاتها قطار الزواج، يجدن متنفسا في الحمام يضحكن ويرقصن وتحكي كل منهن عن نفسها، وتلجأ فتاة للحمام هربا من مطاردة شقيقها الذي يسعي لقتلها بعد ان حملت دون زواج، وتتصدي له صاحبة الحمام وتخفي الفتاة حتي تضع مولودها، فيصبح الحمام هدفا لاصحابه من المتطرفين، وتتطور الاحداث ويهجم الشقيق واصحابه علي الحمام وتتخفي النساء جميعهن حتي لايتعرف علي شقيقته، فيهجم علي احداهن اعتقادا انها شقيقته فتسقط صريعة في الحال، بينما تقتله صاحبة الحمام ويسقط قتيلا بجوار قتيلته، وقوبل الفيلم بعاصفة من التصفيق في عرضه العالمي الأول بتونس، وازدحمت الصالة بالجمهور واغلبه من النساء، والتقت «سينماتوغراف» المخرجة ريحانة التي تقيم في فرنسا وطرحنا عليها بعض التساؤلات:
ـ لماذا اخترت هذا العنوان الطويل للفيلم؟
العنوان يعبر تماما عن المضمون الذي اطرحه، ففي مجتمعنا ينظر للمرأة التي تدخن علي انها فاسدة، ولهذا تختبئ لتدخن، انا شخصيا كنت اختبئ لادخن منذ صغري وحتي قبل سفري الي فرنسا.
ـ هل التدخين كان مدخلك للتدليل علي ان حرية المرأة منقوصة في مجتمعنا؟
التدخين مجرد عنوان تحت لافتة بها كثير من الظلم الواقع علي المرأة في مجتمعنا، وفيلمي يتعرض للعشرية السوداء التي كانت فيها النساء لا تجرأ علي الخروج دون تغطية شعرها وارتداء الحجاب، وقد عشت تلك الفترة في الجزائر وعاصرت اهوالها.
ـ انت ممثلة ومخرجة مسرحية فكيف واتتك فرصة الاخراج؟
ادين بالفضل في ذلك للمنتجة الفرنسية ميشيل جافراس التي كانت تشاهد لي مسرحية تحمل نفس عنوان الفيلم رغم سني لازلت اختبئ لادخن ونفس مضمونه، وقد اعجبت بالعرض وقالت لي ان النص يصلح كفيلم وانت مؤلفة المسرحية فلماذا لاتكتبيها كسيناريو، وقد دفعتني لهذه الخطوة وقالت اثق انك قادرة عليها ولم تقترح علي اخراج الفيلم الا بعدما انتهيت من السيناريو، وقالت انت من ستخرجينه فقلت لا السينما وسيط مختلف تماما، سألتني هل تستطيعي توجيه الممثلين أمام الكاميرا، وبالفعل بذلت جهدا كبيرا في اخراج الفيلم اعتمادا علي تجربتي العريضة في المسرح، واعترف ان ميشيل كانت تري في شيئا لا اراه، وكانت ثقتها في اكبر من ثقتي في نفسي.
ـ ربما كان هذا الانتقاد الذي وجه لفيلمك انك متأثرة بكونك ممثله ومخرجة مسرحية في كثير من مشاهد الفيلم؟
لا أنكر تأثري بالمسرح لأن الفيلم يجري تصويره في مكان واحد وفي نفس الزمن، زمن المسرحية.
ـ وهل صورت الفيلم بالجزائر؟
صورت المشاهد الخارجية القليلة في الجزائر لكن المشاهد الاكبر كانت في اليونان حيث عثرنا علي حمام اثري من العصر العثماني والتصوير كله استغرق اربعة اسابيع وكنا نعمل بميزانية محدودة.
ـ قدمت نماذج متباينة للنساء باختلاف ثقافتهم واعمارهم وطبقاتهم الاجتماعية هل اردت ان تقولي انهن جميعا يفتقدن حريتهن؟
انا قدمت نساء عاديات ولم اكن مهمومة بتقديم نساء جميلات، نساء من دم ولحم وليست مصنوعات.
ـ وكيف وجدت الاخراج السينمائي وهل سيبعدك عن المسرح؟
احب المسرح كثيرا ولا يمكن ان ابتعد عنه طويلا، كما اني شرعت في كتابة فيلمي الثاني وميشيل تدفع بي في هذا الاتجاه، السينما اصعب من المسرح لانها اكثر تكلفة منه ففي المسرح اذا لم يعجبنا شئ نستطيع ان نغيره في اليوم التالي دون مشكلة، في السينما اي اعادة مكلفة.
ـ امتدت ندوة فيلمك وطالت مناقشات الجمهور معك، كيف وجدت رد الفعل؟
اروع مما تخيلت ولم اصدق هل انا من يتحدثوا عن فيلمها، في الحقيقة لا أعرف حتي الان كيف انجزت هذا الفيلم لكني اشكر الجمهور التونسي علي تجاوبه المذهل مع الفيلم.
ـ وهل ستشاركين به في مهرجانات أخري قريبا؟
سأشارك به في مسابقة مهرجان سالونيك يوم 5 نوفمبر وبعدها اسافر الي السويد لمشاركة الفيلم في مهرجان بها.