حاوره ـ أسامة عسل
باسكال بيلسون مخرج فرنسي وكاتب ومصور سينمائي، ومن ضمن أفلامه (ماساي: محاربو المطر)، و(أسرار كليبرتون)، وقد اعتاد أن يحقق أعمالاً وثائقية نال معظمها النجاح والتقدير، ومن بينها فيلم (في الطريق إلي المدرسة) الذي يعد قصيدة رائعة للحياة، جسدها أطفال صنعوا بخطاهم سمفونية نحو المستقبل التعليمي، حيث تحدوا كل ظروف مناطقهم النائية خلال رحلة الذهاب إلي المدرسة، وحول هذا العمل المتميز حاورته “سينماتوغراف” وكان اللقاء التالي.
يرى المخرج الفرنسي باسكال بيلسون بأنه يسعى إلى هدف معين من خلال قيامه باخراج فيلم (في الطريق الى المدرسة)، حيث يؤكد قائلاً : الهدف ليس تأويل عندي أو أي معنى غير عنوان الفيلم وهو التربية والتعليم وكم هما مهمان بالنسبة لي وللجميع، ومن المممكن أن تكون هناك صورة مجازية في رحلة الأطفال من مكان وجودهم إلى المدرسة على الرغم من وجود الصعاب حيث كل الطرق محفوفه بالمخاطر، وهذا الجانب الذي أود أن يصل الى ذهن كل مشاهد وهو يرى معاناة التلاميذ وإصرارهم على التعليم وتحدي كل العقبات.
رصد التحدي
وبسؤاله هل تدخل في توجيه الأطفال خلال التصوير، قال مجيباً: الفيلم يعتبر واجهة نظر ومنظار المخرج، وأنا كصانع للأفلام الوثائقية أصور الحقيقة وأقول الحقيقة وأنقلها كما هي عن تجربتهم الخاصة، ولم أتدخل لأنني أريد الحقيقة لاغير وقد ساعدني الأطفال بقصصهم في رصد التحدي والمخاطر التي يعانونها من أجل التعليم والذهاب خلال كيلومترات طويله إلي مدارسهم.
وعن اختصاصه في تلك النوعية من الأفلام، قال: بشكل أساسي أعمل على الأفلام الوثائقية وأركز عليها بالذات لأنني أحب أن أنقل قصص الناس العاديين وكيف هو أسلوب معيشتهم وعندي استعداد لأن أذهب إلى آخر الدنيا لتحقيق الأمر وأضع الأمور أمام المشاهد الآخر لأستطيع ان يصل اليهم ويكون قريبا منهم.
صرخة خاصة
وحول فكرة الفيلم وكيف جاءته أكد باسكال بليسون قائلاً: إن هذا الفيلم فكر في إنجازه بحكم معايشته لواقع الأطفال في كينيا التي عاش فيها طويلاً، ويعد صرخة من أجل دفع المجتمع الدولي لضمان حق الأطفال في التعليم بظروف آمنة، خاصة أنه ومن خلال معايشته لواقع الأطفال في كينيا رأى كيف يواجهون المخاطر في الأدغال وفي غيرها في طريقهم إلى المدرسة ليقرر توسيع الموضوع ليشمل الهند والمغرب والأرجنتين، حيث توجد أوجه شبه تجمع بينها فيما يخص وضع الأطفال.
وأشار بليسون أن الفيلم أنجزه في ظروف عادية جداً بهذه الدول خاصة أنه يتناول وضع التلاميذ بها بشكل إيجابي ويعد دعوة للمجتمع الدولي من أجل تقديم المساعدة، منوهاً بالمساعدات التي قدمت له لهذا الغرض خاصة في المغرب، حيث تعاون مع جمعية “التعليم فوق الجميع”، واستغل بيلسون المناسبة للتنويه بالعمل الجبار الذي يتم القيام به من طرف هذه المؤسسة، وهو ما يعكس اهتمامها بالتعليم في كل مكان بالعالم.
أحلام الناس
وعن كيفية حركة التنقل في الأماكن النائية قال المخرج الفرنسي: اعتدت أن أكون في الأماكن النائية وبالتالي لا يوجد أي معوق أساسي أمامي ومثلاً فيلم (في الطريق الى المدرسة) تم عمل مخيم في كينيا وكنت بحاجة إلى عامين ونصف لاتمام الفيلم وكان هناك حوالي أربعين قصة ولم أود ان أجعلها في الفيلم وحصرها في حالات معينة حتى يكون واضحا وتم اختيار أربع عائلات وهم من المغرب وكينيا والهند والأرجنتين وعززت تلك العلاقة بأفراد العائلة والرغبة في الوصول الى المدرسة للتعلم وربما يكون هناك فيلم آخر مع أفراد آخرين ويغطي تجربة بعض الأطفال، وكان رده عن وجود ديانات مختلفة ضمن نطاق العمل قال : كان قراراً متعمداً في الحقيقة أن أجمع الأديان وهذه القصص تنتمي إلى عالم الأطفال وليس هناك صراع بينهم وأتمنى أن يصل الفيلم إلى كل العالم ليساعد الشعوب والحكومات أن تفهم أحلام هؤلاء الأطفال الذين يتوقون إلى حياة أفضل.
وأشار باسكال بيلسون حول أحلامه مع الفيلم الوثائقي قائلاً: ابتعد كلياً عن الأفلام الوثائقية التي يكون لها مساحة سياسية ولا يمكن أن أخرج فيلماً بتلك الصفة لأنه يهمني الجانب الإنساني أكثر، ولازلت أحلم بفيلم وثائقي لم أعمل عليه إلى الآن وهو أن أسلط الضوء على الشعوب في الأماكن النائية والتي لم تحتك أبداً بالثقافة الغربية وليس لديها أي اتصال وتكون عيشتها على الطريقة الطبيعية القديمة.
إضاءه فيلميه
اقتفى المخرج باسكال بليسون في فيلمه (طريق أربع أطفال إلى المدرسة)، منهم الفتاة “زهيرة” من المغرب ورفيقتيها، و”كارلوس” وأخته من الأرجنتين، والهندي “صامويل” وأخويه و”جاكسون” الطفل الكيني، وقد رافقهم في رحلتهم الطويلة والشاقة، من لحظة الخروج من البيت عند بزوغ الفجر وصولاً إلى المدرسة التي تقع في مكان قصي، ولكل منهم قصته وحكايته، رويت في أسلوب وثائقي، يجعلهم مثال لأقرانهم من المحرومين، وتظهر المفارقات الكبيرة في العالم بين هؤلاء المعذبون الصغار وبين أطفال يتمتعون بتسهيلات في دولهم المتقدمة.