بيروت ـ «سينماتوغراف»
منذ رحيله في 9 سبتمبر 2021، يحضر السينمائيّ اللبناني برهان علوية في أكثر من مناسبةٍ ومكان. عرض أفلامٍ له، مع كلمات تستعيد علاقاتٍ به أو تفاصيل اشتغال ومهنة، يترافق وعرض نسخة مُرمّمة لـ”بيروت اللقاء” (1981). النسخة المُرمَّمة نفسها تُعرض في برلين أيضاً. المنصّة اللبنانية “أفلامنا” (aflamuna.online) تشارك احتفالاً بسينما لبنانية، ستكون حدّاً فاصلاً بين مرحلتين، أولى غارقة في التجاريّ والنضاليّ المباشر، وأخرى تذهب إلى المفاصل التي تصنع مجتمعاً وعلاقاتٍ وحرباً أهلية وهجراتٍ، وهذه الأخيرة ستكون خياراً لبرهان علوية، بعد أعوامٍ قليلة جداً على عرضٍ متواضع لـ”بيروت اللقاء” في الحرب الأهلية تلك (1975 ـ 1990).
المنصّة اللبنانية تبدأ شهر إبريل 2022 بعرض “كفر قاسم” (1974) و”رسالة من زمن المنفى” (1988)، وتستكمله بـ”إليك أينما تكون” (2001) و”بيروت وجهات نظر” (2000) و”خلص” (2006)، آخر أفلامه الطويلة. هناك أيضاً “برهان علوية.. اللقاء” (إنتاج “نادي لكل الناس”، 2005، 10 دقائق) لميريام ساسين ورودريغ حمّال، وحلقة تلفزيونية من “العدسة العربية” (إنتاج “الجزيرة”، 2006) معه (26 دقيقة).
التنويع المختار في البرمجة (المخرج والباحث السينمائي اللبناني هادي زكّاك) يعكس رغبةً في التنبّه إلى مراحل تاريخية تشهد إنجاز تلك الأفلام، بما فيها (المراحل) من ارتباكات وقلق وأحداثٍ وانقلابات. مراحل تحثّ سينمائياً، كبرهان علوية، على الحفر في ما وراء الظاهر، وعلى كشف بعض المخبّأ في ثنايا مدينة وفردٍ ومشاعر وتأمّلات ومخاوف وتساؤلات.
تحثّ البرمجة أيضاً على قراءة مسار برهان علوية نفسه، الذي يُنجز أفلاماً، منها (البرمجة) في بيروت، قبل هجرته وبعدها، وأخرى في المهجر (أيكون منفىً، وإنْ مؤقّتاً؟). المدينة والحرب وأسئلتهما محور أفلامه “اللبنانية”، أي تلك المهمومة ببيروت وناسها، وبحربها الأهلية. المدينة قبل المهجر غير مختلفة عن تلك التي يعود إليها علوية بعد أعوام، في أسئلتها المعلّقة وعيشها الملتبس.
البرمجة تدعو، مجدّداً، إلى تبيان علاقة علوية بفلسطين، المتمثّلة بـ”كفر قاسم”، ذاك الفيلم الذي يُعلن تداخل التوثيقيّ بالروائي/المتخيّل.