حكاية الفيلم النوار الذى فشل جماهيريا وصار من كلاسيكيات السينما العالمية
«سينماتوغراف» ـ ميريهان فؤاد
في شهر أغطس من عام 1946، أقيم العرض الأول لفيلم «النوم الكبير ـ the big sleep» أحد أشهر كلاسيكيات السينما الأمريكية، وهو للمخرج الأسطوري هوارد هوكس، وسيناريو وليام فولكنر ومأخوذ عن قصة الكاتب الأمريكي رايموند تشاندلر، وقام ببطولته همفري بوجارت الذي اشتهر في الأربعينيات بأفلام النوار وصاحب فيلم الصقر المالطي، والممثلة لورين باكال التي شاركته في أربعة أفلام كلاسيكية أخرى، وجون ريدجلي، ومارثا فيكيرز.
يتناول الفيلم قصة المحقق الخاص فيليب مارلو الذي يستدعيه الجنرال ستيرينوود الثري، الموشك علي الموت، ليخلصه من عمليات ابتزاز لأمواله، حدثت بسبب إحدي ابنتيه التي تلعب القمار، ويقوم المحقق بتتبع خطي الشخص الذي يهدد إبنته، تتطور الأحداث بمقتل الرجل الذي يبتز ابنته بسبب ديونها وبسبب صور جنسية، ويتورط المحقق في قصة أخري هي إختفاء زوج إبنة الجنرال الكبري.
وينتمي «النوم الكبير ـ the big sleep» إلي نوعية الأفلام النوار، التي ظهرت ملامحها في أمريكا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، والفيلم النوار أو الفيلم الأسود مصطلح أطلقه الناقدان الفرنسيان نينو فرانك وجون بيير شارتييه، وامتدت هذه الموجة في هوليوود من الأربعينيات حتي الخمسينات التى اقتبستها من تقنيات الأفلام التعبيرية الألمانية، واتسع نطاق انتشارها عالميا خلال السبعينات، والنوار، مصطلح يطلق علي نوعية الأفلام التي يسيطر عليها تقنيات إضاءة تعتمد علي الللونين الأبيض والأسود، والظلال، وتنتمي القصة دائما لنوعية دراما الجرائم، والغموض ومن أشهر الأفلام النوار الأمريكية فيلم kiss me deadly، أيقونة الخمسينات، وفيلم الرجل الثالث عام 1947، وفيلم المواطن كين عام 1941.
ويرمز «النوم الكبير ـ the big sleep» في النهاية إلي أن النوم الكبير «الموت» هو أفضل سبيل للتخلص من الإبتزاز وخسة الحياة، والمثير أن الفيلم لم يحقق نجاحا علي المستوي الجماهيري، ولم ينل أي جوائز، فى الوقت الذى نال فيه استحسانا نقديا كبيرا، ورأي بعض النقاد أنه يجب أن يُدَرس لطلبة السينما حيث أن خيوط الفيلم معقدة ومتشابكة فتتداخل قصص الإبتزاز والكذب والقتل والحب والعلاقات المثلية والإختفاء والغموض، ولكن حبكة السيناريو شديدة الإحكام تخلق جوا من القلق الممتع في ظل تضافر أجواء المؤامرة والشك والقتل والحب، كما تكمن أهمية الفيلم في أن أحداثه تدور خلال فترة الكساد الأعظم في الثلاثينات بأمريكا قبل بدء الحرب العالمية الثانية، ويعكس حياة الأمريكان في هذه الفترة.
يذكر أن الفيلم تم الانتهاء منه عام 1944، ولكن تم إصداره عام 1946 بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1978 قام الممثل الأمريكي روبرت بيتشوم والمخرج مايكل وينر باعادة تقديم الفيلم بنفس عنوانه، لكن ظل للفيلم الأول مكانته وبريقه كأحد كلاسيكيات السينما العالمية.