انتشال التميمي: أتوقع ترشيح «يوم الدين» ممثلاً لمصر في الأوسكار

ـ الجونة السينمائي «سمًع» على المستويين العربي والدولي

ـ «كفر ناحوم» محط اهتمام ونادين لبكي مميزة جداً بأفلامها

ـ ليس لدي تعليق على تسريح العاملين بـ «دبي السينمائي»

ـ عودة السينما في السعودية سيحقق رواجاً للسينما العربية

حاورته: انتصار دردير

النجاح الذي حظيت به الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي لا شك ألقى بمسئولية كبيرة على فريق العمل، وفى مقدمتهم مدير المهرجان انتشال التميمي الذي يتطلع ليس للحفاظ على النجاح الذي حققه بل تجاوزه والتفوق عليه، ولذا لا عجب أن يذهب إلى مكتبه في الصباح الباكر يومياً ليواصل العمل حتى ساعات متأخرة من الليل.

لم يأت اختيار انتشال التميمي مديراً للجونة السينمائي من فراغ وإنما من رحلة ناجحة قطعها مع المهرجانات من روتردام للفيلم العربي إلى مدير البرامج العربية بمهرجان أبوظبى السينمائي ومدير صندوق سند لدعم الأفلام، ومن علاقات قوية كونها مع جهات الإنتاج العربية والعالمية، ومن رؤية يتمتع بها وخبرة كبيرة في تنظيم المهرجانات السينمائية، ومن شغف كبير بمشاهدة الأفلام، ومتابعة دقيقة للسينما العربية من بيروت إلى الرباط والقاهرة يلهث وراءها في مختلف المدن العربية والغربية.

التقت «سينماتوغراف» بانتشال التميمي في حوار عن استعدادات مهرجان الجونة لدورته الثانية والجديد الذي تحمله وعن السينما العربية التي حققت تواجداً ملحوظاً في الدورة الأخيرة لمهرجان كان الذي شهد اقامة حفل استقبال للجونة السينمائي للإعلان عن دورته الثانية.

* سألته: مع بدء العد التنازلي للدورة الثانية للجونة السينمائي لا شك أن الصورة اختلفت عن تلك الفترة من العام الماضي، هناك دورة ناجحة خلفك وتحدى جديد أمامك وفريق العمل؟ كيف تنظر لهذا الأمر؟

الصورة اختلفت تماماً عن العام الماضي الذي كنا نعمل فيه بترقب يستند إلى ثقة في مؤسسه رجل الأعمال نجيب وداعمه مؤسس الجونة المهندس سميح ساويرس والمؤسسين المشاركين مثل عمرو منسي وبشرى وكمال زادة وطاقم العمل الذي يضم المبرمجين مثل أمير رمسيس وآخرين كان هذا أساس حقيقي لترقب عمل جيد، ثم جاء نجاح الدورة الأولى محققاً صدى واسعاً وأرضية قوية، فالمهرجان “سمًع” على المستويين العربي والدولي، وهذا يسهل عملنا لكنه في نفس الوقت يعكس مسئولية كبيرة.

* هل يعد مهرجان كان نقطة انطلاق أساسية لكم في اختيار الأفلام؟

أعتبر حضور كان وفينيسيا وبرلين وتورنتو أساسياً، لكننا بدأنا فعلياً الإعداد للدورة الثانية بعد شهر ونصف من نهاية الدورة الأولى، سواء بحضور المهرجانات العربية مثل القاهرة وقرطاج ودبي ومروراً بروتردام وبرلين، أو على مستوى إعداد الخطط، واستكمال كل الموافقات الخاصة بإطلاق الدورة الجديدة، لكن يظل مهرجان كان هو الأساس الذى يجتمع فيه أكثر من 25 ألف سينمائي ما بين مخرجين ومنتجين وموزعين إلى جانب النجوم من شتى أنحاء العالم، وقد أقمنا حفل استقبال حضره أكثر من 300 مدعو من ممثلي أهم المهرجانات الدولية وأكبر الموزعين والمنتجين، ولمسنا خلاله كيف حقق نجاح الدورة الأولى صدى واسع على المستويين العربي والدولي، وأعلنا موعد الدورة الجديدة التي تعقد من 20 إلى 28 سبتمبر ولمدة تسع أيام بزيادة يوم عن الدورة الماضية.

* وما الهدف من زيادة فعاليات المهرجان ليوم إضافي؟

الهدف أن نبدأ فعاليات المهرجان يوم خميس وينتهي يوم الجمعة الذي يليه ليتمكن من يريد الحضور في “عطلة نهاية الأسبوع”، وقد تم اتخاذ القرار بعد دراسة متعمقة.

* وما أهم ملامح الدورة الثانية للمهرجان؟

اعتدنا أن نعمل وفق نظام حيث يتم نشر جميع أخبار المهرجان عبر موقعه الإلكتروني أو من خلال البيانات الصحفية التي تصدر عنا، لكن بشكل عام فإننا استقبلنا العام الماضي 70 فيلماً وهذا العام سيرتفع العدد إلى 80 فيلماً وسيكون هناك 15 فيلماً في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و14 فيماً وثائقياً و20 فيلماً قصيراً ونحن ملتزمون بنفس المسابقات والجوائز وقد أعلنا من قبل عن فتح باب التسجيل للأفلام ثم للمشاريع.

* هل هناك اتجاه لزيادة قاعات العرض مع زيادة عدد الأفلام المشاركة؟

لدينا خمس قاعات ولكل منها توقيت لعملها، والتوجه الأساسي للمهرجان هو عدم التوسع بشكل كبير بقدر ما نتعمق فيه، ولذا نتوقع حضوراً جماهيرياً أكبر ومشاركة نجوم أكثر واهتمام إعلامي يفوق الدورة الماضية، وفى منصة الجونة التي منحت دعماً لمشروعات الأفلام قدره 60 ألف دولار في الدورة الأولى نتوقع دعماً ضعف هذا المبلغ في الدورة المقبلة.

* وماذا عن فريق العمل معك؟

هناك خطأ شائع أن النجاح يتم بشكل فردى، ومهرجان الجونة مبنى بطريقة ديمقراطية إذ نتناقش في أصغر الأمور وأكثرها تعقيداً وهناك  مؤسسين مشاركين عمرو منسى الذى كان لنجاحه في تنظيم بطولة الاسكواش الدولية بالجونة أحد العوامل الرائعة التي شجعت رجلا الأعمال نجيب وسميح ساويرس على مساندة المهرجان، والفنانة بشرى التي تملك طاقة إيجابية كبيرة ونشاطها وحيويتها كمدير للعمليات، وكمال زادة مدير التمويل والمسئول عن كل ما يتعلق بقاعات العرض والأجهزة وأمير رمسيس المدير الفني للمهرجان، وأنا شخصياً كمدير للمهرجان أشعر بالراحة الكاملة في جو عمل استثنائي يجعلني أواصل عملي من الصباح الباكر حتى منتصف الليل بإصرار على إحراز النجاح والتميز.

* كيف رأيت الدورة الـ 71 من مهرجان كان؟

أعتبرها دورة موفقة جداً للمهرجان برغم أنها خلت من الأفلام المبهرة بشكل كبير لكن أغلبية أفلام المسابقة التي شاهدتها والأفلام التي أثارت ضجة وحراك سينمائي أتيح لي مشاهدتها، ففي الواقع طاقة المشاهدة لدى المتابع للمهرجان تختلف من شخص لآخر في برنامج متخم يضم أكثر من مائة فيلم بالبرنامج الرسمي بخلاف مئات الأفلام خارج المسابقة وفى سوق كان.

* هل تم اختيار الفيلم المصري «يوم الدين» كأول الأفلام التي تتنافس في الجونة السينمائي بعد الحفاوة التي قُوبل بها في مهرجان كان؟

اخترنا فيلم “يوم الدين” قبل انعقاد مهرجان كان بشهرين ونصف، وبعد مشاهدتنا له  كنسخة عمل، وتقريباً لقد شاهدت كافة الأفلام المصرية والعربية التي انتهت أو في مراحلها الأخيرة، أما عن “يوم الدين”  فهو أحد أفضل الأفلام العربية التي رأيتها حتى الآن وقد فاز ضمن مشروعات منصة الجونة بخدمات إنتاجية قدمتها شركة “أروما” وجاء اختياره في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ليؤكد كفاءة فريق مبرمجينا سواء في منصة الجونة أو في مسابقات المهرجان المختلفة، وأي مهرجان بالمنطقة يتوفر له فرصة عرض “يوم الدين” لن يتوانى سواء الجونة أو القاهرة أو قرطاج، وكان لنا السبق في اختياره ليشارك في مسابقة الأفلام الروائية ليكون عرضه الأول في مصر من خلال الجونة، وعموماً فإن هناك اعتبارات عديدة تحكم مشاركة أي فيلم في مهرجان بعينه وهى اعتبارت تبدو بسيطة لكنها في الواقع معقدة، وبالنسبة لـ “يوم الدين” فإنه من المتوقع ترشحه للأوسكار مما يستلزم عرضه تجارياً بالقاهرة وسيكون ذلك في توقيت متقارب عقب الجونة.

* وماذا عن فيلم «كفر ناحوم» لنادين لبكى الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان كان؟

الفيلم كان محط اهتمام وأثار نقاشاً واسعاً، وأن يصل لكان ويفوز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فهو لا يحقق ذلك اعتباطياً بل عبر سلسلة من النجاحات تحسب لمخرجته نادين لبكى التي قلت لها خلال المؤتمر الصحفي أن من شاهد فيلمها القصير الأول يدرك أي موهبة قادمة للسينما لأنه كان ملفتاً للأنظار بشدة. والجهد الذي قامت به على مدى أفلامها مميز جداً وأعتقد أن “كفر ناحوم” سيوزع عالمياً بشكل كبير.

* لا شك أن المشاركات العربية في (كان) وفى المهرجانات العالمية اختلفت وصارت للأفضل، بما تفسر ذلك؟

نعم هذا حقيقي لأن السينما لم تعد حكراً على المختصين بل صار باستطاعة كل من يحمل كاميرا أن يصور فيلماً ويعرضه والعرض لم يعد مقصوراً على السينمات فقد امتد للإنترنت، ولا شك أن التقدم التكنولوجي جعل متابعة السينما أسهل، ولذا فرغم النظرة التشاؤمية التي تقول أن سينما الماضي أفضل فإن العكس هو الصحيح فمن يشاهد أفلام الأربعينات والخمسينات يلحظ  كثير من السذاجة، بالإضافة لوجود تطور كبير على المستوى التقني حتى في الأفلام التجارية، وخلال العشر سنوات الماضية حصدت الأعمال الأولى أكثر من 70 بالمائة من جوائز المهرجانات السينمائية.

* كثيرون رأوا في تأجيل دورة مهرجان دبي السينمائي هذا العام وإقامته كل عامين فرصة لكثير من المهرجانات العربية الأخرى وفى مقدمتها الجونة، هل تتفق مع هذا الرأي؟

شخصياً أحزنني تأجيل دبي لأننا فقدنا واحداً من أهم المهرجانات العربية وكان وجوده القوى يشكل حافزاً للمنافسة لكافة المهرجانات، ولا شك أنه خسارة كبيرة مع بعض الاستفادات الجانبية، فقد يؤدى لاهتمام أكبر بالجونة، لأن كثيراً من المبادرات التي كانت تقام به يمكن أن تقام في الجونة، على أي حال هناك ثلاث أو أربع مهرجانات عربية في الطليعة من بينها الجونة حتى في وجود دبى.

* وكيف تنظر لقرار إقامته كل عامين وما يردده البعض أنه خطوة لإلغائه مثلما حدث لأبوظبى السينمائي الذي عملت به طويلاً؟

الغاء مهرجان أبوظبى كان مفاجأة كبيرة لأنه توقف في الدورة الثامنة وكانت في تقديري أفضل دورة أقيمت لمهرجان بالمنطقة العربية، ونفس الشيء يتكرر مع دبي فهو يتوقف في وقت نضج فيه تماماً وأصبح من أهم الفعاليات السينمائية بالمنطقة العربية إن لم يكن أهمها بالفعل.

* هل تتوقع إذن أن يلحق بمصير أبوظبى السينمائي؟

المعلومات المتاحة حتى الآن غائمة وضبابية، وليس عندي تفسير لها فهناك كلام عن تطويره في الوقت الذي تم تسريح العاملين به، لكن كل شيء متوقع ومن الممكن أن ينهض ويقام ويستكمل مسيرته الناجحة التي بدأها.

* ما توقعاتك للسينما السعودية التي انطلقت في إقامة دور العرض والإنتاج بل والترويج للمملكة خلال مهرجان كان كمنصة لتصوير الأفلام العالمية؟

أعجبني أنهم اعتمدوا على مجموعة مستشارين مميزين عربياً ودوليً في إقامة أول جناح لهم بمهرجان كان الماضي وعندي ثقة كبيرة في مواهب الشباب السعودي والتي برزت في مسابقة أفلام من الإمارات ومن ثم في مهرجان الخليج وكانت المساهمات السعودية بها قوية وبارزة، والأمر يتوقف على التوجه، وحتى اللحظة رأيت توجهاً جيداً ورغبة في تأسيس جيد وعلمي للسينما بها، لقد كانت السينما قائمة بالسعودية خلال سبعينات القرن الماضي وها هي تستعيد اهتماماً جديداً.

* هل تتوقع إقامة مهرجان سينمائي بالمملكة عن قريب؟

أتوقع إقامة مهرجان سينمائي بها ولكن ربما خلال سنتين ولا شك أن عودة السينما إلى السعودية سيحقق رواجاً مهماً للسينما العربية.

* ما هو تقييمك للسينما المصرية في الوقت الحالي؟

السينما المصرية صعب قياسها فرغم طغيان الأفلام التجارية لكن لم يخل الإنتاج بها في أي عام من وجود أفلام جيدة تشارك في مهرجانات دولية.

* العام الماضي فاجأتم الجميع بفيلمين مصريين في المسابقة، فماذا عن هذا العام؟

نتمنى أن نحصل على فيلم مصري، وحتى الآن توجد ملامح مشجعة وأنا مع الرأي الذي يقول إذا لم تجد فيلماً مناسباً وعلى مستوى جيد فلا داعي، لكن لو حدث هذا أعتبره فشل للمهرجان وفشل للسينما نفسها.

* ما حجم المنافسة بين مهرجاني الجونة والقاهرة السينمائي؟

لابد أن يدرك الجميع أن نجاح القاهرة السينمائي نجاح لنا، والعكس صحيح أيضاً، فحين ينجح مهرجان القاهرة في استضافة ثلاثة من كبار نجوم السينما العالمية في دورته الماضية فهذا يسهل من مهمتنا، بالضبط كما كان نجاح الجونة سبباً في اهتمام أكبر بالقاهرة فتم زيادة ميزانيته العام الماضي أكثر من عشرة أضعاف، صحيح أن الأموال لم تأت في الوقت المناسب ولم تنفق في المكان المناسب لكن ذلك عكس اهتمام الدولة بالمهرجان، وجاء اختيار محمد حفظي رئيساً للدورة الأربعين موفقاً للغاية ليس لكونه صديق ولكن لأننا تعاوننا معاً في أكثر من فيلم مصري من خلال صندوق سند، وحفظي سينمائي لديه علاقات دولية واسعة وخبرات متراكمة في الكتابة والإنتاج كما أن العمل بالمهرجان يتطلب جهداً مضنياً ولم يكن يستطيعه أي فنان، لذا أتفاءل بحفظي وجهده وفريق العمل وعلى رأسهم المدير الفني يوسف شريف رزق الله.

Exit mobile version