انتصار دردير تكتب: «زهرة الصبار».. وصكوك النجاح الجماهيري

ـ انتصار دردير

لمن يصنع المخرج أفلامه؟ هل يصنعها لنفسه أم للجمهور؟، هذا السؤال ألح عليَّ بعد مشاهدتي فيلم «زهرة الصبار» الذي شارك في مسابقة مهرجان أسوان لأفلام المرأة، وهو أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرجة المصرية هالة القوصي، وكان عرضه الأول قد انفرد به مهرجان دبي السينمائي في دورته الماضية وحصلت بطلته الصحفية الفنانة منحة البطراوي علي جائزة أفضل ممثلة في مسابقة المهر العربي.

مخرجة الفيلم هي أيضاً كاتبته، وبالتالي فهي تضع نفسها من أول عمل في مواجهة مسئولية مضاعفة يعزز منها كونها مصورة فوتوغرافية في الأساس وفنانة تشكيل بصري، وقد بدا واضحاً أنها أرادت تقديم تجربة سينمائية مغايرة، تتجاوز السرد المعتاد وتعتمد علي تشكيلات رمزية تقفز إلي النتائج، وتترك المتفرج غارقاً في تساؤلاته وعليه أن يفك الطلاسم باحثاً عن بارقة أمل، ذلك أن الفيلم الذي يقدم بطلتيه الجارتين  (منحة البطراوي والوجه الجديد سلمي سامي) اللتين تتعرضان لكافة أشكال القهر في حياتهما، وتتكالب عليهما الأزمات وهما تنتقلان من بيت لآخر بعد طردهما من العمارة التي تقطنان بها.

الفتاة تعاني في علاقتها مع أمها، وفي علاقة حب فاشلة وتجد صعوبة في شق طريقها، والبطلة الطاعنة في السن تتعرض للوقوع والاصابة، فتوحد بينهما الأزمات وتشعر كل منهما بمسئوليتها تجاه الأخري .

قدمت المخرجة تشكيلات بصرية متميزة، تكشف كثيراً عن خلفيتها الثقافية، وتفوقت عناصر عديدة في الفيلم منها أداء منحة البطراوي الصادق والتصوير البارع، لكنها عزلت نفسها عما يجري في السينما المصرية وانحازت لتقديم رؤيتها لتقدم فيلماً يشبهها دون أن تخضع لحسابات أخري تعيقها.

 

الفيلم يجعلنا نتساءل هل أصبحنا في زمن السينما الذاتية التي يقدم فيها المخرج رؤيته الفنية دون أي اعتبارت أخري وعلي رأسها الجمهور؟، لا أعني بذلك أن نقدم لهذا الجمهور أفلاماً تجارية هابطة تسترضيه، لكن أن نضعه في الاعتبار ونحن نصنع أفلامنا لأنه لا يوجد فن بلا جمهور فهو من يمنح صكوك النجاح ويدفع المخرج للإستمرار، وإذا كانت المخرجة قد وجدت تمويلاً لفيلمها الأول من عدة جهات خارجية، فإن العرض التجاري للفيلم سيكون حداً فاصلاً لتقرر هل تستطيع الاستمرار  بنفس الوتيرة أم لا؟.

Exit mobile version