انتصار دردير تكتب: «سجن الوصمة» وثيقة وصرخة إنسانية لإنقاذ الغارمات

 ـ انتصار دردير

ضمن عروض مهرجان أسوان لأفلام المرأة في دورته الأولي تم عرض فيلم «سجن الوصمة» من إخراج محمد زكي، ورغم عرضه خارج مسابقتي المهرجان الا أنه حظي بإهتمام جماهيري عند عرضه في قصر ثقافة أسوان حيث التف حوله الجمهور وذلك لأهمية القضية التي يطرحها عن النساء اللاتي يتهمن في قضايا ويدخلن السجن دون جريمة تم ارتكبها اللهم الا محاولة حل مشاكل أسرهن بالإستدانة وتوقيع كمبيالات ثم لايستطعن الوفاء بها لفقرهن الشديد، وحينما يقضين عقوبتهن ويخرجن لأسرهن يرفضون إستقبالهم بعد أن باتوا من أصحاب السوابق.

الفيلم ملئ بحكايات واقعية تم تسجيلها مع بعض هؤلاء النساء داخل أسوار السجن، وتابعهن الفيلم حتي يغادرن الأسوار علي أمل أن يبدأن حياة جديدة.

نوال مصطفي الصحفية التي أقامت جمعية لرعاية أطفال السجينات أخذت علي عاتقها مهمة إنقاذ هؤلاء الغارمات، ومن خلال الجمعية التي أنشأتها إستطاعت أن تدفع لهن الدين الذي أدخلهم السجن ليخرجن الي الحياة من جديد.

يبدأ الفيلم الوثائقي بتأكيد قيمة الحرية علي لسان الكاتبة التي تري أنه مهما كانت معاناة الإنسان إقتصادية أو إجتماعية فإن الحرية هي أثمن شئ في الوجود، تنتقل الكاميرا لتنقل حكايات النساء ومن كتبت كمبيالات من أجل تزويج إبنتها ومن فعلتها لأجل زوجها وكيف أدي ذلك لدخولهم السجن، وليست المشكلة في السنوات الضائعة فقط وإنما فيما يترتب عليها، فإذا حاولن العمل بعد الإفراج عنهن يواجهن برفض المجتمع الذي لايقبل تشغيل رد السجون، والأصعب هو رفض أسرهن إستقبالهن، فيطردها الزوج الذي ضحت بحريتها من أجله وتطرد الإبنة أمها التي دخلت السجن من أجل تزويجها.

يستكمل الفيلم مرحلة مابعد السجن وضرورة أن تعمل المرأة لإعالة نفسها بعد رفض الأسر إستقبالها ولذلك جاءت خطوة مهمة قامت بها الكاتبة أيضا من خلال جمعية «حياة جديدة» التي يستعرض الفيلم الدور الذي لعبته في إنقاذ عشرات السجينات من العودة مرة أخري للسجن، وذلك بتأهيلهن لتلك المرحلة وتعليمهن مهنة الخياطة وأشغال الابرة حيث تم إقامة وحدة داخل السجن لتدريبهن علي ذلك حتي لايلفظهن المجتمع وترفض جهات عديدة تشغيلهن، وفي أحد مشاهد الفيلم بينما السجينة تروي جانبا من معاناتها وقد قامت بتغطية وجهها، تزيل هذا الغطاء بتلقائية وهي تقول لم أعد اخاف أن يعرف أحد أنني كنت مسجونة فيرفض تشغيلي، فأنا الآن اأملك مهنة أستطيع أن أعيش منها.

تتوالي حكايا النساء في عفوية شدية تمنح الفيلم حيوية برغم مآسيهن، فالقضية التي يطرحها تستحوذ علي المتفرج حتي أنه لايستغرقه المستوي الفني، فتفاعله مع القضية أكثر أهمية.

الفيلم الذي كتبه نادر عيسي وشاركت بالتعليق عليه الكاتبة نوال مصطفي يعد وثيقة مهمة وصرخة في وجه الإنسانية لإنقاذ هؤلاء الغارمات اللاتي يقبعن داخل السجون ويعمل علي الحد من اعدادهن الكبيرة، وذلك بتوعية النساء في الطبقات الدنيا بخطورة مايقدمن عليه تحت وطأة الفقر والحاجة.

Exit mobile version