«سينماتوغراف» ـ محمد زرزور
لا يعتبر فيلم Licorice Pizza شذوذاً عن القاعدة التي اعتدنا عليها بأفلام باول توماس أندرسون، فستة من أفلامه الروائية الطويلة الثمانية التي كتبها وأخرجها سابقاً حصدت ما مجموعه 25 ترشيحاً سابقاً على منصات الأوسكار، وقد كان نصيبه الشخصي من هذه الترشيحات 8، لم ينجح في أي منها ولم يعتلي المنصة متوجاً.
وكان فيلميه There Will Be Blood و Phantom Thread الأكثر ترشيحاً من بين الأفلام التي أنجزها، فحقق الأول 8 ترشيحات فاز في اثنين منها عام 2008، فيما كان للثاني 6 ترشيحات فاز في واحد منها عام 2018.
إلا أن ما يميز Licorice Pizza هو أن الترشيحات الثلاثة التي وصل إليها الفيلم جميعها لأندرسون نفسه، كأفضل فيلم وأفضل نص أصلي وأفضل إخراج.
الفيلم يتحدث عن قصة حب تنشأ بين غاري فالنتين وألانا كين, ولكن يشكل الفارق العمري بينهما عائقاً للحب الأول الذي يولد في وادي سان فرناندو عام 1973.
يغامر أندرسون في فيلمه الأخير بوجهين جديدين يظهران لأول مرة في عالم الأفلام الروائية الطويلة هما الأميركي كوبر هوفمان البالغ من العمر 19 عاماً، ومغنية البوب روك الأميركية ألانا حاييم وهي ذات تجارب سابقة في عالم الفيديو كليب، وتلعب في الفيلم دور فتاة من عائلة يهودية تتكون من شقيقاتها الحقيقيات وتحمل الشخصية نفس الاسم الأول لحاييم.
لم يتأخر المخرج كثيراً بتعريف المُشاهد على الشخصيتين الرئيسيتين وطبيعة العلاقة التي ستنشأ بينهما والصعوبات التي قد تعيق هذه العلاقة، واعتمد أسلوب لقطات التتبع الطويلة لبداية الفيلم، وهي طريقة اعتاد أندرسون انتهاجها في العديد من أفلامه، حيث افتتح فيلمه Boogie Nights عام 1997 بلقطة تتبع وصل طولها إلى 170 ثانية، فقدم 4 لقطات تتبع متتالية ما بين الدقيقة 1.00 والدقيقة 5.31 بلغت أطوالها ( 77 ثانية، 71 ثانية، 49 ثانية، 74 ثانية ) توالياً جسدت بداية التعارف بين غاري وألانا، ليعترف غاري بعدها بثوانِ قليلة لشقيقه الأصغر بهدفه من العلاقة مع ألانا عندما يؤكد له بأنه قابل الفتاة التي سيتزوجها يوماً ما، وأنه سيكون شاهداً في حفل زفافه.
يعود ويكرر أندرسون اللقطة الطويلة مرتين قبل الوصول إلى الدقيقة الثانية عشرة التي ستنطلق بعدها الأحداث والمغامرات التي سيعيشانها كل من غاري وألانا، سواء مع بعضهما البعض أو بشكل منفصل قبل الوصول إلى النهاية التي تجمعهما أخيراً.
ووسط كل هذه المغامرات عمد باول توماس أندرسون إلى الاحتفاء بشخصيات وأفلام سينمائية نشطت خلال حقبة السبعينيات من القرن الماضي أمثال كريستين إيبرسول التي أدت دور لوسي دوليتيل، وتوم وايتس الذي أدى دور ريكس بلاو، إلى جانب احتفاءه بشخصية المنتج جون بيترز الذي أدى دوره بنجاح برادلي كوبر، وحديثه عن صديقته المغنية والممثلة السينمائية آنذاك باربرا ستريساند التي تحمل اليوم في رصيدها أوسكارين عن فيلمي Funny Girl عام 1969 و A Star Is Born عام 1977 إلى جانب 3 ترشيحات أخرى.
إلا أن الاحتفاء الأبرز كان بالممثل الأمريكي شون بن الحائز على جائزتي أوسكار سابقاً عامي 2004 و 2009 عن فئة أفضل أداء في دور رئيسي في فيلمي Mystic River و Milk توالياً، والذي لعب دور جاك هولدن في مقاربة لشخصية الممثل الأميركي ويليام هولدن الحائز على أوسكار أفضل دور رئيسي عن فيلم Stalag 17 عام 1954، وخاصة عند الحديث عن بطولاته في فيلم The Bridges at Toko-Ri الذي لعب بطولته إلى جانب غريس كيلي عام 1954.
الاحتفاء بشون بن استمر للقطات زادت عن 13 دقيقة مستخدماً معظم أنواع اللقطات الممكنة وزوايا الكاميرا التي تبرز هيبته ووسامته، فافتتح المشاهد الخاصة به بعد مرور ساعة من زمن الفيلم بصوته من خارج الكادر وكأنه يبدي إعجابه بألانا، ليتجلى بعدها مصدر الصوت عندما نرى شون محاوراً إياها بينما تظهر ألانا حاملة غيتارها كما لوكانت تحاكي شخصية الممثلة الأميركية كاي لينز في فيلم Breezy الذي أخرجه ايست وود عام 1973 والذي أدى فيه هولدن الدور الرئيسي بشخصية فرانكي.
ينافسLicorice Pizza تسعة أفلام أخرى على جائزة أفضل فيلم لأوسكار 2022، بينما يدخل باول توماس أندرسون سباق التنافس على جائزة أفضل إخراج بمواجهة مع ستيفن سبيلبيرغ و جين كامبيون الحائزين على الجائزة سابقاً، إلى جانب الياباني ريوسوكي هاماجوتشي والبريطاني كينيث براناه الذي يواجهه أيضاً في فئة أفضل سيناريو أصلي، بالإضافة إلى كل من آدام ماكاي وديفيد سيروتا وزاك بايلين والنرويجيان إسكيل فوجت وخواكيم ترايير.