الجونة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
هل سيكون فيلم «يوم الدين» هو التجربة الأولي والأخيرة لبطله راضي جمال الشهير حالياً بـ «بشاي» مريض الجذام الذي استطاع أن يخطف الأنظار بحضوره الإنساني، وتحمل عبء الفيلم من البداية للنهاية ليؤدي دوره على الشاشة كما هو في الحياة، ويتقاطع مشواره في الواقع مع مشاهده في الفيلم فينسي الكاميرا ويؤدي بشكل طبيعي كممثل محترف.
لا شك أن وراء ذلك عين مخرج الفيلم الشاب أبو بكر شوقي الذي أراد أن يحقق مصداقية كبيرة لأول أفلامه الطويلة، وآثر الاختيار الأصعب أن يستعين براضي المريض الحقيقي وأن يأخذ على عاتقه تدريبه طويلاً وأن يخصص له من يقوم بتحفيظه خاصة وهو لا يجيد القراءة والكتابة.
وفي فيلم «يوم الدين» برع كذلك الطفل أحمد عبد الحافظ في تجسيد شخصية «أوباما» الصبي النوبي صديق بشاي الذي يرافقه في رحلته للبحث عن أهله ويشاركه البطولة أيضاً.
ومع أول ظهور لهما بمهرجان الجونة السينمائي لفتا أنظار الحضور ببساطتهما وخفة ظلهما، والتقتهما «سينماتوغراف» وكان الحوار التالي:
قلت لـ «راضي» احكي لنا عن تجربتك مع الفيلم، هل كنت سعيداً بها؟، وهل أحببت التمثيل لأجلها؟
* قال: الحمد لله والفضل في ذلك للأستاذ أبوبكر والأستاذة دينا الذين بذلوا جهوداً كبيرة معي وجعلوني أحب التمثيل، وسعيد به وبدور بشاي الذي قمت به ولم يشغلني أنه لشخصية مسيحية وأنا مسلم لأننا من بلد واحد والدين كله لله.
* كيف تم تدريبك على التمثيل وحفظ الدور؟
كان الأستاذ أبو بكر يشرح لي المشهد والأستاذة دينا إمام تقوم بتحفيظي وكذلك الأستاذة إسراء مساعدة المخرج، وكنت انسي الحوار فيعيد المشهد عدة مرات حتى يختار الأستاذ من بينها اللقطة المناسبة.
* كان من المفترض سفركم مع الفيلم عند عرضه الأول بمهرجان كان السينمائي، فماذا حال دون ذلك؟
لقد عدنا من المطار أنا وأوباما (أحمد عبد الحفيظ) بسبب عدم حصولنا على تأشيرات، وقال لنا المخرج أنه كان يتمني وجودنا معه وحكي لنا عن نجاح الفيلم في المهرجان وفوزه بجائزة.
* ماذا عن أوباما رفيقك، وكيف توطدت علاقتك به إلى هذا الحد في الفيلم؟
أنا وأحمد صرنا أصدقاء من قبل التصوير فقد حرص المخرج علي أن يجعلنا نتعارف بشكل قوي، ونشارك في التحضير، ونراجع المشاهد معاً وقد توافق دمه مع دمي.
* هل تتمني الاستمرار في التمثيل؟
أتمنى أن استمر في توصيل رسالة للناس وأن أجعلهم يتعاملون مع مريض الجذام من غير خوف، فالجذام ليس مرضاً معدياً وإلا لكان قد أصيب به كل من تعامل معنا مع أطباء وممرضين، بالعكس هذا المرض أهون من الأنفلونزا التي تنقل عدواها بسرعة لكن الناس تفهم الجذام بشكل خاطئ واتمني أن أواصل التمثيل حتى لا يخاف الناس أو يسخروا منا، فأنا إنسان عادي مثلهم.
* وكيف أثر فيلم «يوم الدين» على حياتك خاصة، وقد اقيم عرضه الجماهيري الأول في مدينة المنيا التي تنتمي إليها؟
كانت فرحتي كبيرة بين أهلي وشعرت بمحبة الناس الذي أحبوني من خلال الفيلم، لكني لم أتأثر بكوني أصبحت ممثلاً وأمارس عملي في غرفة صغيرة بالمستعمرة، ابيع فيها بعض السلع التي يحتاجها النزلاء لأتكسب منها، وأتنقل بينها وبين غرفة أقيم بها بعزبة الصفيح، وأقوم بإعداد الطعام والنظافة بنفسي مثل أي إنسان فقد تزوجت مرتين، ماتت الأولي وتزوجت الثانية وكانت مريضة بالجذام وانفصلنا وماتت ابنتي منها.
* كانت رحلة بطل الفيلم بشاي من أجل البحث عن أهله الذين القوا به في مستعمرة الجذام ولم يسألوا عنه، فماذا عنك في الواقع؟
لا أعرف منذ متي جئت المستعمرة لكن أهلي علي عكس بطل الفيلم كانوا يزورونني، لكن كثيراً من نزلاء المستعمرة يعانون من قطيعة أهلهم، وقد بكيت وأنا أشاهد الفيلم لأول مرة في مهرجان الجونة فقد كان مؤثراً للغاية ونسيت أنني الذي مثلته.
** أنقل حديثي إلى الطفل أحمد عبد الحافظ، وأسأله عن كيفية اختياره لدور «أوباما»، فيقول بحماس كبير:
أحب التمثيل وأشاهد الأفلام والمسلسلات، وبالصدفة لي قريب يرتبط بصداقة مع الفنان أحمد الفيشاوي ويلتقيا كثيراً، وفي إحدى المرات قلت له أريد أن التقي أحمد الفيشاوي وذهبت معه وقابلت هذا الفنان الذي أحبه، وقلت له أنني أحب التمثيل فقال لي تعالي غداً لأشاهد أدائك وأحضر كاميرا، وقال الكاميرا أمامك تعامل معها، ووقفت أمثل بعض المشاهد، فقال لي أنت جرئ أمام الكاميرا، وحينما سأله المخرج أبو بكر شوقي عن طفل بهذه المواصفات، قال له عني فطلب مقابلتي وحينما التقيته أعطاني ورقة بها مشهد لأؤديه، وتركني لمدة ساعة ونصف ثم عاد يسألني ماذا كنا نقول من قبل، فأعدت بشكل مرتب ما قاله فرد قائلاً أنت لديك تركيزاً جيداً وستكون معنا بالفيلم، وقبل التصوير طلب أن أزوره بمكتبه مرتين أسبوعياً للتدريب علي الدور الذي سأؤديه، وكان الأستاذ أبو بكر يصحبني إلي عم راضي لكي أجلس معه، وقال أريدكما أن تتصاحبا، وبالفعل من المرة الاولي التي شاهدته فيها تصاحبنا وصرنا أصدقاء قبل التصوير.
وحول كيفية تعامل المخرج معه، يقول أحمد: تعامل معي الأستاذ أبو بكر بهدوء، ولم يتعصب علي في أي مرة، حتى مع مرات إعادة المشاهد كان هادئاً بشكل جميل وجعلني أحب التمثيل أكثر.
وعن أصعب مشاهد الفيلم، يقول: كانت مشاهد الرحلة هي الأصعب سواء السيارة الكارو أو القطار.