الوكالات ـ «سينماتوغراف»
بات الممثل بن أفليك الذي بلغ عتبة الخمسين يشعر بالارتياح إلى تجسيد شخصيات أكثر عمقاً من الأدوار التي أدّاها حين كان شاباً، إذ يضفي عليها شيئاً من تجاربه في الحياة، حلوها أو مرّها.
مضى نحو 25 عاماً على فيلم “غود ويل هانتينغ” الذي كان محطة أساسية في مسيرة أفليك نحو المجد، وفيه كان روبن وليامز يتولى شخصية معلم الشاب العبقري مات ديمون ويومها، فاز ديمون وأفليك، الصديقان منذ الطفولة، بجائزة الـ”أوسكار” عن أفضل سيناريو.
أما اليوم، فأصبح بن أفليك الذي شارك في كتابة هذا الفيلم وفي بطولته، في التاسعة والأربعين، لكنه لم يشعر بمرور الزمن. ويقول لوكالة “فرانس برس”: “عندما أنظر إلى نفسي في المرآة أتوقع دائما أن أرى شاباً ثلاثينياً”. ويضيف باسماً أنّ “الأمر ليس إطلاقاً على هذا النحو، يا للأسف“.
ويلاحظ أنه في الوقت الراهن ليس “بعيداً من روبن (وليامز)، لا بل أكبر سناً من ما كان عليه عندما أدى هذا الدور” في “غود ويل هانتينغ”، معتبراً أنه أمر “صادم“.
لكنّ بن أفليك يقرّ مع ذلك بأنه يحب تجسيد أدوار شخصيات ذات خبرة، على غرار شخصية العمّ غريب الأطوار التي يتولاها في “ذا تيندر بار”، وهو فيلم تنطلق عروضه في دور السينما الأميركية الجمعة. ويشير الممثل إلى أنّ هذه الشخصيات “لا تعود بالضرورة إلى البطل الرئيسي، وهذا غالباً شيء جيد“.
ويرى أنّ الأبطال في الأفلام يجب أن يتمتعوا “بعدد محدود من الفضائل حتى يتمكن المشاهدون من التماهي معهم. ويساعد ذلك على تبسيط الشخصيات بطريقة تجعل تأديتها بواقعية أمراً صعباً”. ويقول أفليك: “كلما كان الأشخاص غير كاملين، وجدتهم أكثر إثارة للاهتمام بمعنى ما“.
قبل أربع سنوات فحسب، ارتدى الممثل زي الرجل الوطواط (باتمان) في “جاستس ليغ”، لكن أداءه لم يلق استحسان عشاق البطل الخارق. وخلال هذه السنوات الأربع، كافح مجدداً للتخلص من مشكلته الكحولية، وطلّق الممثلة جنيفر غارنر. وتابعت الصحف الشعبية هذه التطورات من كثب، كما بقية جوانب حياته الخاصة.
لكن بن أفليك شرع منذ ذلك الحين في ما يشبه النهضة الفنية، من خلال أدوار أعمق ودقيقة، كشخصية مدرب كرة السلة المدمن على الكحول الذي يموت نجله، في فيلم “ذا واي باك” عام 2020.
أما هذه السنة، فيبرز في دورين ثانويين، أحدهما في “ذا تيندر بار”، والثاني في “ذا لاست دويل” لريدلي سكوت، ويجسد فيه شخصية أرستقراطي يهوى حفلات الفسق والسكر خلال القرون الوسطى.
ويرى أفليك أن تولّي دور هذه الشخصية “البغيضة” ومحاولة إضفاء بعض الإنسانية عليه يشكّل “تحدياً مثيراً للاهتمام” لأي ممثل.
في “ذا تيندر بار” الذي أخرجه جورج كلوني ويبث على منصة “أمازون برايم” اعتباراً من 7 يناير/ كانون الثاني، يؤدي أفليك دور نادل يحاول أن يبدو بمنزلة الأب القدوة لابن أخيه، وهو شاب لامع فكرياً تخلى عنه والده.
ومع أن العم تشارلي ليس متعلّماً، يبذل قصارى جهده ليغرس لدى “جيه آر” القيم التي يعرفها بالفطرة، مشدداً على احترام المرأة، ومحذراً إياه من مخاطر الكحول.
وقوبل الفيلم بردود فعل فاترة إلى حدّ، لكن أداء بن أفليك لقي إشادة من النقاد، فحصل عنه هذا الأسبوع على ترشيح لجائزة “غولدن غلوب”. إلا أن هذه الأمور لم تعد تبدو “بالأهمية نفسها التي كانت عليها من قبل” بالنسبة إلى بن أفليك.
ويلاحظ أن ثمة ميلاً في هوليوود إلى “الجري المحموم نحو الدور التالي، مع تجاهل كل ما عداه”. لكنّه ينبّه إلى أنّ “الهاتف قد يتوقف عن الرنين” فجأة.
وبعيداً من “ضجيج” الشبكات الاجتماعية، يقول بن أفليك إنه تعلم تقويم مدى نجاحه بنفسه، وفق معاييره الخاصة. وهذا سبب إضافي لكي يقبل أدواراً “أكثر حميمية” تسمح له بالإفادة من مسار حياته، سواء أكان إيجابياً أم سلبياً، “ليصبح ممثلاً أو كاتب سيناريو أو مخرجاً أفضل“.