تخفيض رسوم التصوير في الأماكن الأثرية بمصر.. لايكفى

 

بقلم : إنتصار دردير

كانت مصر هي رائدة تصوير الأفلام الأجنبية قديماً، ثم فقدت كثيراً من سمعتها الفنية والمادية الفادحة بعد تحول تصوير مثل هذه الأفلام إلى دول أخرى، وهو ما جعل الخاسر الوحيد من هذا الاقتصاد المصري، ثم أخيرا استجابت الدولة لنداءات النقاد والسينمائيين الذين طالبوا مرارا بتخفض رسوم التصوير فى الأماكن الأثرية، ووافقت وزارة الآثار قبل أيام على تخفيضها ابتداء من شهر نوفمبر القادم بنسبة 50% عما كان سابقا، حيث ادى ذلك الى تطفيش المنتجين من التصوير بها وكانت أحد أسباب هروب شركات الانتاج العالمية عن تصوير أفلامها فى مصر، واتجاهها للتصوير فى المغرب حتى أن أفلاماً مثل المريض الانجليزى، مملكة الجنة، عودة المومياء، الاسكندر الأكبر، والخروج إلهة وملوك، الذى كان مقررا تصويرها هنا تم اللجوء لتصوير بعضها فى المغرب والتى تمنح كل التسهيلات الممكنة.

وصحيح جاء القرار متأخراً كالعادة، لكنه تحقق أخيراً، والمهم أن يتبعه حزمة تسهيلات أخرى فى الجمارك والرقابة على الأفلام، وتأشيرات الدخول لفريق العمل ووضع خريطة طريق معلنة وواضحة بنظام «الشباك الواحد» الذى ينهى كافة الاجراءات للشركات العالمية بعيدا عن سياسة «دوخينى ياليمونة» التى تدفعهم للتنقل بين عدة وزارات مختلفة من المالية للداخلية إلي الثقافة، لأن المنافسة فى هذا المجال أصبحت صعبة بعد أن دخلت دولاً أخرى حلبة المنافسة على استقطاب تصوير الأفلام الأجنبية بما تقدمه من تسهيلات عديدة، وسرعة فى الانجاز دون تباطؤ أو تعطيل للتصوير، لهذا فقد اتجهت أفلاما عديدة من هوليوود وبوليوود فى الآونة الأخيرة للتصوير فى الامارات والاردن الى جانب المغرب التى حققت عائدات كبيرة بملايين الدولارات سنويا من تصوير الأفلام العالمية، خصوصا وأن الرقابة على المصنفات الفنية لدينا ترفض تصوير غالبية سيناريوهات تلك الأفلام من باب درء المشاكل ليس إلا، ثم تعود وتوافق على عرضها من دون حذف مشهد واحد بعد انتهائها وطرحها في صالات السينما.

هذه الخطوة التى تأتى فى توقيت بالغ الحساسية تراجعت فيه عائدات السياحة بشكل كبير قادرة أن تعيد ايضا منتجى السينما والدراما المصريين للتصوير الخارجى فى الأماكن الأثرية، وما يمكن أن يحققه ذلك من ترويج كبير لمصر، ودليل هذا النجاح الكبير الذى حققه مسلسل «جراند أوتيل» وتصدره قائمة الأفضل فى دراما رمضان والذى تم تصوير أغلب مشاهده داخل فندق «كتراكت أسوان»، وكان أيضا مؤشراً على ان الدراما تستطيع أن تحقق ترويجاً كبيراً للأماكن الأثرية يفوق عشرات الحملات الدعائية المباشرة التى تنفق فيها الملايين على طريقة «تعالوا زورونا والنبى» التى تستجدى السائح بلا جدوى.

قبل سنوات من رحيله وخلال حضوره احدى دورات «القاهرة السينمائى» سُئلَ الفنان عمر الشريف عن سبب هروب الأفلام العالمية حتى تلك التى تدور أحداثها فى مصر، فقال البيروقراطية والرشوة تكفلا بهذه المهمة وخسرت مصر بسببهما ملايين الدولارات التى كانت تستطيع أن تحصل عليها بسهولة، ولن تتمكن من استعادة مافقدته الا بعد القضاء عليهما لأن المنافسة في تقديم التسهيلات صارت شرسة، وكل دولة تتبارى في هذا لكسب ثقة الشركات والاستديوهات الانتاجية الكبرى.

 

Exit mobile version