الوكالات ـ «سينماتوغراف»
أظهر استطلاع أجراه “معهد الأبحاث الدولي لنشر الثقافة الصينية” التابع لجامعة المعلمين ببكين، أن الإيرادات الخارجية لمبيعات الأفلام الصينية قد شهدت زيادة مستمرة خلال السنوات الثلاث الماضية، وحتى مع هذا التطور، فإن إيرادات شباك تذاكر السينما الصينية في الخارج، لا تمثل سوى 1 ٪ فقط من إيرادات السينما العالمية، التي ناهزت قيمتها 40.6 مليار دولار أمريكي.
وأشار التقرير إلى أن مبيعات السينما الصينية في الخارج كانت دائماً تعاني من ظاهرة “الانخفاضات الثلاث”: انخفاض في عائدات شبابيك التذاكر في الخارج، انخفاض في النمو المستمر، وانخفاض في عدد الأفلام التي تدخل التيار الرئيسي للسينما العالمية.
ووفقًا لبيانات الأبحاث التي تم نشرها هذا العام، خاصة المتعلقة بأمريكا الشمالية، فإن عدداً كبيراً من المستطلعين عبروا عن شعورهم بعدم التأقلم عند مشاهدة الأفلام الصينية، وتعد الترجمة النصية أكثر العوامل المسببة لهذا الشعور عند المشاهدين الأجانب. حيث يعتقد 70% من المستطلعين أن الترجمة النصية للأفلام الصينية ليست سهلة الفهم، إذ عادة ما لا تلبي الترجمة النصية متطلبات المشاهدين، ولاسيما الترجمة التي تتم إلى اللغات غير الرئيسية.
بالإضافة إلى مشكلة الترجمة النصية، أشار التقرير إلى وجود عدة مشاكل أخرى، مثل مشاكل الدعاية، التي تمثل عقبة رئيسية أمام توزيع الأفلام الصينية في الخارج. على سبيل المثل، يوجد قصور على مستوى الدعاية للأفلام الصينية وتوزيعها في أمريكا الشمالية، بالمقارنة مع أفلام هوليوود السائدة. وهو ما يعكس المشاكل التي تواجهها صناعة الأفلام في الصين.
يعتقد ليو تشيو دي، الباحث الصيني في إحدى مراكز الأبحاث العالمية، أن الأفلام الصينية لم تجد بعد الطريقة المُثلى لسرد القصص الصينية إلى الجمهور الأجنبي، كما أن ذوق الجمهور الصيني يبدو أكثر بعدا عن الأذواق الدولية.
في هذا الصدد، يقول ليو تشيو دي، إن بعض العناصر الثقافية ذات الخصائص الصينية، ولأسباب تاريخية، تجد صعوبة في إثارة انتباه الناس من خلفيات ثقافية مختلفة. وتعتبر الحواجز اللغوية إحدى أهم التحديات التي تواجهها الأفلام الصينية لدخول الساحة الدولية، لذلك تعد مهمة ترجمة أفلام الكونغ فو أكثر سهولة، كما تمثل هذه النوعية من الأفلام، إحدى الأنماط السينمائية التي تختص بها الصين. مثلا، حظي فيلم “عملية البحر الأحمر” بتثمين في الدول الغربية، لأنه فيلم حركة.
يرى ليو تشيو دي أن الأفلام الصينية لا تزال تواجه العديد من التحديات في مسيرة دخول الأسواق الدولية، ولا تزال تفتقر إلى الاعتراف الدولي. وفي سياق “العولمة”، بات من الضروري التأكيد على أن خصائص السينما الصينية، تكمن في التاريخ والتقاليد الصينية. لكن، نظرا لصعوبة فهم الثقافة الصينية بالنسبة للأجانب، تجعل هذه الخاصية الأفلام الصينية تبدو “قديمة”. لذلك، يعد تكوين كتّاب السيناريو والمخرجين المتميزين ذوي المستوى الدولي، إحدى المهام الملحة بالنسبة للسينما الصينية.
من جهة أخرى، يثير مدير مركز النقد الفني بمعهد أبحاث الفنون الصينية المعاصرة سون جياشان مشكلة أخرى في السينما الصينية، حيث يرى أن أفلاما مثل “سور الصين العظيم” على سبيل المثال، تعكس بأن النموذج الهوليودي قد توغل في طرق تصوير وصناعة الأفلام الصينية. وأن هذه النوعية من الأفلام قد أثرت على ذوق الجمهور الصيني.
ويعتقد ليو تشيو دي، أن على المبدعين الصينيين الاحتكاك ببيئة الكلاسيكيات الغربية، وعدم الاكتفاء بالتقنيات السطحية لأفلام هوليود، بل ملامسة روح الإبداع في مختلف أنواع الأفلام، وإتقان مختلف لغات السرد. ويرى ليو تشيو دي أن الحلقة الأضعف في السينما الصينية، تتمثل في الفشل في تحديد “القيمة الإنسانية” للإنسان الصيني المعاصر. في الوقت الحاضر، تقوم العديد من الأفلام الصينية بتحريك المشاعر القومية، ما يجعلها مجردة ومتعالية إلى جانب وجود بعض الأفلام الفكاهية الرديئة. لذلك، ليس من السهل على جمهور السينما العالمي أن يشعر بحرارة الإنسانية في الأفلام الصينية، بما في ذلك نضال الطبيعة البشرية، وجمالية وتقدم الإنسانية.