القاهرة ـ «سينماتوغراف»: انتصار دردير
أسرة من أربعة أفراد تشكل ملامح مدينة بكل ما فيها، يبدو التناقض بينهم وكل منهم يسير في اتجاه ويشق طريقه الذي اختاره، إلا أن خطوط العائلة تتقاطع وتحاول التقابل والتصالح رغم اختلاف توجهاتها.
«تونس بالليل ـ tunis by night» هو الفيلم العربي الوحيد الذي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي، والذي عرض مساء أمس بالمسرح الصغير بحضور كامل طاقمه المخرج إالياس بكار والمنتج محمد علي بن حمرا ، وهو انتاج مشترك مع فرنسا، وأبطاله رؤوف بن عمر، آمال الهذيلي، أميرة الشبلي ، حلمى الدريدي، ومديرة التصوير فريدة مرزوق.
شهد عرض الفيلم حضوراً كبيراً، وكذلك الندوة الي أعقبت العرض وأدارها الناقد أندرو محسن، وأكد فيها المخرج إالياس بكار الذي يقدم من خلال الفيلم تجربته الثانية في الأفلام الطويلة والتي تأتي بعد عشر سنوات من فيلمه الأول «هو وهي»، أنه لم يرد أن يقدم فيلماً سياسياً وإنما عملاً عن أسرة تونسية تنعكس عليها الأحداث السياسية وتتأثر بها سلباً وإيجاباً.
وكشف عن أنه كتب سيناريو «تفصيل» علي أبطاله، وأختارهم من البداية وحينما التقي الممثل رؤوف بن عمر قال له لقد كتبت الدور لك، مؤكداً أنه يحب الممثل كثيراً وهو عنده من أهم عناصر الفيلم، لذا عقد جلسات عديدة معهم ومع كل ممثل علي حدة ليشرح خلفيات كل شخصية، وموضحاً أنه بعد أن جلس مع كل منهم أعاد كتابة السيناريو لأن كل ممثل أعطاه فكرة جعلته يضيف من روحهم وفكرهم لأدوارهم. وأشار إلي أن المخرج يجب أن يتمتع بتواضع أمام أبطاله ولا يجب أن يكون ديكتاتوراً.
وحول النهاية التي رأي البعض أنها جاءت توافقية أكثر من كونها واقعية حيث تتصالح الأسرة أو تحاول أن تحقق هذا التصالح بين أفرادها، قال إلياس بكار أن الأسرة هي نواة المجتمع وفي تصالحها تصالح للمجتمع، فبدونه لن نستطيع كمجتمع أن نسير في الإتجاه الصحيح، وعبر بكار عن سعادته برد الفعل في المؤتمر الصحفي وأنه رغم نجاح الفيلم في عرضه بتونس إلا أنه كان يتحسب لردود الأفعال في مصر.
وقال الممثل الكبير رؤوف بن عمر الذي يلعب الشخصية الرئيسية بالفيلم، أن البطل يوسف يمثل جيل كامل من المثقفين الذين عاشوا فترات صعبة من الرقابة والديكتاتورية، وظلوا يعملون ويحلمون بغد أفضل، وأنا واحد من هذا الجيل لذا لم أبذل جهداً كبيراً في الأداء لأنني متماهي معها، وأعتقد أن الفيلم يوجه التحية لجيلي كله.
وقالت الممثلة الشابة أميرة الشبلي التي أدت دور الابنة التي تعيش في انفصال عن أسرتها، وتتعرض لأزمة نفسية عنيفة أن أغلب مشاهدها كانت صعبة إلا أن أصعبها علي الإطلاق كان مشهد المواجهة الأخير مع أبيها وأمها وشقيقها. مؤكدة أن الشخصية لم تغادرها حتي بعد انتهاء التصوير.
وقالت الفنانة آمال الهذيلي التي لعبت دور أم الفنانة هند صبري في فيلم «صمت القصور» أنها ابتعدت طويلاً عن السينما، لكن هذا الفيلم أعادها وأنها أحبت شخصية الأم برغم أن زوجها يتعامل معها علي طريقة السيد أحمد عبد الجواد في ثلاثية نجيب محفوظ، مؤكدة أن الشخصية تستدعي ذلك فهو إذاعي لامع ومثقف وانفعاله طبيعي جداً.
وأكد المنتج محمد بن حمرا أن تصوير الفيلم جري في ظل ظروف صعبة حيث أن أغلب المشاهد تم تصويرها ليلاً بشارع محمد الخامس، وقد بدأ عرض الفيلم في تونس سبتمبر الماضي وحظي باقبال كبير محققا 32 ألف مشاهدة في عشر قاعات مؤكداً أن السينما في تونس شهدت انتعاشة كبيرة بعد الثورة.