«توني أردمان».. فيلم ألماني عن العقوق والغربة وعلاقة الآباء بالأبناء

عبدالستار-ناجي

«كان» ـ عبد الستار ناجي

العلاقة بين الآباء والابناء هي العنوان المحوري للفيلم الالماني «توني أردمان ـ Tony Erdman» للمخرجة مارن ادي التي تقدم عملها الروائي الثالث وهي تمتلك أسلوبها ولغتها وايضا القضايا التي تشتغل عليها بالذات تلك التي تحمل مضامين اجتماعية عالية الجودة ذات بعد انساني عالمي .

 المحور الذي تشتغل عليه حول حكاية «توني» الأب الكهل الذي تعاني زوجته المرض اما ابنته فهي مشغولة بعملها ومشاريعها الكبرى التي حولتها الى «حيوان متحرك» كل شيء بمواعيد وكل شيء مرتب بلا احاسيس حتى العلاقات مع أهلها ومع زملائها.

حينما يموت كلبه يفكر الأب ان يقضي فترة عند ابنته التي تعمل مع احدى الشركات الكبرى في العاصمة الرومانية بوخارست.. وحينما يصل اليها يجدها مزدحمة بمواعيدها وعملها ومحاولاتها ارضاء رؤسائها في العمل من اجل مزيد من المشاريع والاتفاقيات وبالتالي المزيد من المناصب القيادية.

عندها يحدثها عن معنى وأهمية فهم الحياة وان ما تقوم به هو شيء بعيد عن الحياة والاستمتاع بها ويقرر ان يغادرها ولكنها تعود الى حياتها المزدحمة بالعمل والمواعيد ولكننا نكتشف انه لم يغادر بوخارست الى المانيا بل ظل في بوخارست وراح يطاردها في كل مكان ويتقرب من زملائها في العمل والتعامل مع الامور بكثير من السخرية بالذات حينما يضع أسنانا اصطناعية كبيرة وباروكة شعر ويطلق على نفسه أسماء عده، فتارة هو مدرب رياضي، وآخر سفير لألمانيا، وغيرها من التسميات وفي كل مرة تكتشف تلك الفتاة بان والدها يحاول ان يهدئ من ايقاعها ومنحها الفرصة لفهم أكبر للحياة .

وفي كل مرة محطة وحكاية وكم من التعاليم التي تجعل الابنة تحقق اضافة في الاحاسيس والمشاعر حتى نصل الى حفل يدعى اليه الأب بوصفه سفيرا لالمانيا الى احدى الأسر بمناسبة عيد الفصح المجيد ويحاول ان يجعلها اعتيادية وبسيطة وتتفكك من عجرفتها والتزامها الحاد والقاسي ويفلح في ان يجعلها تغني وهي لحظة محورية وأساسية هامة.

بعدها تأتي اللحظة الثانية الاهم عند احتفالها بعيد ميلادها وهي تحاول ان ترتدي احد فساتينها لتكشف انها بحاجة الى تغييره وعندها تجد نفسها محشورة في الفستان وجرس الباب يقرع عندها تتخذ القرار بان تظهر عارية لتستقبل صديقتها في العمل والتي تسألها عن سبب عريها، فيأتي الرد بانها حفلة عيد ميلاد عارية وتضطر الصديقة للانسحاب ليصل بعدها مديرها وينسحب وغيرهم حتى تصل احدى الصديقات وتوافق على ان تعيش التجربة كما يعود المدير بعد ان يقتنع ويصل ايضا والدها وهي ترتدي ملابس وحش ضخم مأخوذ من التراث البلغاري ليحتضنها وكأنه يغطيها.. بعد ان تغيرت كليا وراحت تكتشف بأن للحياة جوانب انسانية غير العمل اليومي والطموحات المادية البحتة.

فيلم ثري بالمضامين يرتكز على الأزمة الكبرى التي تعيشها الكثير من الدول الأوروبية حول العلاقة بين الأباء والابناء وحالة العقوق الحاد والغربة بين أفراد الأسرة الواحدة حتى تم استبدال الابناء بالكلاب.

سينما عميقة اشتغلت على مضامينها المخرجة مارن ادي بحضور متميز من ثنائي الفيلم بدور الابنة ساندرا هولر ولدور الأب بيتر سيمونشيك وكلاهما أهل للاستحقاق بجوائز التمثيل النسائي او الرجالي.

باختصار شديد فيلم «توني أردمان» عن الانسان وهنا بيت القصيد ودور أساسي من أدوار السينما في التماس مع قضايا الانسان.

Exit mobile version