ضمن مسابقة «نظرة ما» بمهرجان كان 68
كان ـ «سينماتوغراف»: نعمة الله حسين
«ماسان ـ MASAAN» فيلم هندى استحق بجدارة جائزة «الأمل فى المستقبل» فى مسابقة «نظرة ما» مناصفة بالتساوي مع الفيلم الايرانى «ناهد ـ NAHID»، وقد جاء الفيلم الهندى بعيد تماما عن سينما بوليوود والسينما الهندية التقليدية، فهو ينتمى لموجة جديدة من الافلام التى تتحدث عن قاع المدينة، تناقش مشاكل الفقراء وبؤسهم، وتتعرض لنوعية من البشر لم تحاول أن تقترب منهم من قبل.
تدور أحداث الفيلم فى مدينة «بنارس» وبالتحديد على ضفة نهر «الجانج» المقدس لدى الهندوس، على ضفة النهر يعمل الهنود الذين يعتبرون الطائفة الأقل احتراما والأقل مكانة، اذ يعملون فى حرق جثث الموتى والقاء رمادها فى النهر، حيث يتم حرق مايقرب من ثلاثين ألف جثة يوميا، وعلى الحارق أن يقوم بتفتيت الجمجمة بعد انتهاء حرق الجثمان، لأنها الشئ الوحيد الذى يبقى على حاله رغم تعرضه للحرق، هذه الطائفة الدونية التى يتخلى عنها المجتمع باعتبارها «عورة» يجب إخفائها وعدم التعامل معها، نشأ فيها بطل الفيلم فى مهنة أسرته، لكنه يحلم بمستقبل أفضل لذلك يحاول ان يدرس بجدية لينهى دراسته العليا، يلتقى هذا الشاب بفتاة من أسرة ثرية، يعدها بأن يحسن من أحواله وتعده بأن تنتظره، لكن على أثر حادث سيارة تلقى حتفها، ويجد نفسه يقوم بحرق جثمانها، هى المرة الأولى التى يتعامل فيها مع الموتى باعتبارهم بشر وليس آلة لايشعر تجاهها بشئ، وفى المقابل نرى الفتاة الطموحة «ديفى» التى تحاول ممارسة الحب مع من تحبه فى أحد الفنادق لكن تقبض عليهم الشرطة فينتحر الشاب ويكون عليها هى ووالدها الخضوع لإبتزاز رجل الشرطة حتى لاينشر صورها وتحدث فضيحة لأسرتها.
فى هذا الفيلم الجميل نجح مخرجه «نيراج جايوان» فى تقديم صورة بعيدة كل البعد عن أذهاننا عن الهند، صورة لم نشاهدها من قبل فى أى فيلم هندى، وقد حرص المخرج على تصوير الفيلم فى الاماكن الحقيقية، ليقدم صورة صادقة وصادمة للعشوائيات وللذين يعملون فى حرق الجثث .. وربما، وبسبب جرأته لم يجد مفرا من البحث عن منتج فرنسى ليقدم له الدعم الأساسى لانتاج الفيلم، الجدير بالذكر أن «نيراج» بدأ حياته المهنية كصحفيا وناقدا سينمائيا، وربما هذه البداية مادفعته الى البحث والتحرى فى أعماق شخصيات مقهورة ومرفوضة وغير مقبولة لأنهم يعتبرونها ملعونة وتجلب «سوء الحظ فى الحياة».
بالطبع كان التصوير فى هذه المنطقة فى غاية الصعوبة، خاصة أن المخرج أصر على الاستعانة بوجوه غير تقليدية أو معروفة فى السينما الهندية ليضفى على فيلمه قدرا كبيرا من الصدق.
أما الفيلم الايرانى «ناهد» للمخرجة إيدابناهنداه، والتى أعربت عن سعادتها الكبرى بالحصول على جائزة «الأمل فى المستقبل» من قسم «نظرة ما» فهى تعكس فى فيلمها أزمة كثير من النساء اللاتى يصطدمن بالعادات والتقاليد المجتمعية التى تعد فوق القانون، وأحيانا تتخذ من الشرائع السماوية ما يجيزها، وفى الفيلم تلجأ ناهد لزواج المتعة – المعمول به فى إيران – كى تستطيع الاحتفاظ بحضانة طفلها، وذلك حسب الاتفاق الذى تم بينها وبين زوجها عند الانفصال، فقد كان الشرط آلا ترتبط بآحد آخر، لكن من يملك سلطانا على قلبه فقد وقعت فى الحب، لذلك وحتى لاتفقد حضانة إبنها تتزوج زواج متعة يتجدد كل شهر، لكن يحدث مالم يكن فى الحسبان .. إذ يكتشف الزوج السابق الأمر وتبدأ رحلة معاناتها..
وفى النهاية تعود ناهد الى من تحبه، تطلب منه أن يرفع قضية حضانة من جديد، فأيهما أفضل الحضانة مع أم متزوجة من رجل فاضل .. أم الحضانة لأب مستهتر ينتمى لعصابات الطريق.
لقد نجحت المخرجة فى التوغل داخل الكثير من أسرار العلاقات الانسانية داخل المنازل فى إيران، ووضعية المرأة والصورة التى تتعامل بها، كل ذلك فى إطار فنى من خلال لقطات شديدة الجمال تعكس جبروت الرجال، وتحريم كل ما أحله الله.