الوكالات ـ «سينماتوغراف»
بدا المخرج الايراني المقيم في الولايات المتحدة الامريكية أمير نادري في سعادة غامرة ورفع قبضته عاليا في الهواء علامة على الصمود أو كرر حركة الطرق بمطرقة ضخمة التي كان يقوم بها بطل فيلمه الجبل Monte، عند تسلمه جائزة التميز الابداعي الخاصة عن مجمل أعماله في الدورة 73 لمهرجان فينيسيا السينمائي والتي تحمل اسم الشركة الراعية للمهرجان جيجر لوكولتير “Jaeger-LeCoultr Glory to the Filmmaker Award “.
وسبق لهذه الجائزة أن منحت لمواطنه عباس كيارستمي عام 2008 كما فاز بها العام الماضي المخرج الأمريكي البارز بريان دي بالما ومنحت للمخرج الايطالي ايتوريو سكولا عام 2013، وللممثل الشهير آل باتشينو وآخرين من صناع السينما ورموزها. وظل نادري يوزع قبله على القريبين منه وتحياته للجمهور الذي صفق له طويلا بعد نيله الجائزة وعرض فيلمه الذي أعده واحدا من أنضج أعماله في مرحلته الأخيرة بعد مغادرته إيران، ومن أنجح افلام هذه الدورة للمهرجان الذي عرض خارج مسابقته الرسمية.
وأهدى نادري في كلمته التي ألقاها في حفل استيلام الجائزة في المسرح الرئيسي للموسترا إلى الجيل الجديد من الشباب الإيراني.
ووصف المدير الفني للمهرجان، البرتو باربيرا، نادري بأنه “أعطى دفقة زخم أساسية لولادة السينما الإيرانية الجديدة في السبعينيات والثمانييات، بعدد من التحف السينمائية التي كانت تهدف الى أن تترك علاماتها في تايخ السينما، من امثال (العداء) 1985 و (ماء وريح وغبار) 1988 .
ويتذكر الكثيرون لنادري فيلمه الشهير “دفنده” أو العداء منتصف الثمانينيات، الذي وضعه في مقدمة صناع السينما الإيرانية الجديدة إلى جانب مهرجوي وكيارستمي وبيضائي ممن اسهموا في وضع أسس هذه السينما منذ السبعينيات.
ويمكن تقسيم حياة نادري المهنية إلى قسمين يضم الأول أفلامه التي اخرجها داخل ايران قبل هجرته منها اواخر الثمانينيات وتضم أكثر من 10 افلام بعضها قصير، وعرف عنه فيها اهتمامه بواقع الفئات والطبقات المهمشة في المجتمع واستلهام تقاليد الواقعية الإيطالية الجديدة في التصوير خارج الاستوديو وفي المواقع الطبيعية ومن دون ممثلين محترفين ومع ابطال من الاطفال، الذي بات سمة مميزة في الكثير من الأفلام الايرانية المعاصرة.
قدم نادري فيلمه الأول “في أمان الله يا صديقي” أو “خدا حافظ رفيق” في عام 1970 وقدم في هذه المرحلة عشرة أفلام من ابرزها “العداء” 1985 و ” ماء وريح وغبار” 1989 و “هارمونيكا” 1974.
وفي مرحلته الثانية، حاول نادري اثبات نفسه في سياق السينما العالمية وفي الولايات المتحدة حيث يقيم، لكن أفلامه وطبيعة اهتماماته ظلت تواجه عقبات تسويقية رغم حضورها الواضح في مهرجانات عالمية، وظل يعمل في هذا السياق منذ مطلع التسعينيات عندما انجز فيلمه “منهاتن بالارقام” في عام 1993 وهو الاول في ثلاثيته النيويوركية التي تضم فيلمه الاخرين “أيه بي سي منهاتن” 1997 و “ماراثون” 2002.
وقد حصل على عدد من الجوائز من بينها جائزة روبرتو روسلليني في مهرجان روما السينمائي عن فيلمه “حاجز صوتي” عام 2005، الذي يحكي قصة طفل أبكم يبدأ في البحث عن شريط كاسيت سجلته والدته قبل موتها بوقت قصير.
وقد انتج في نادري بعض افلامه الأخيرة في اكثر من بلد عالمي كما هي الحال مع فيلمه الاخير الذي اشرنا اليه، او فيلم “cut” عام 2011 الذي صوره في اليابان بكوادر وممثلين يابانيين.
كما كتب سيناريوهات عدد من الافلام فضلا عن معظم أفلامه، وآخرها سيناريو فيلم “99 منزلا” للمخرج الامريكي من اصل ايراني رامين بحراني وعرض في المهرجان عام 2014، والذي يتناول فيه الاعيب وكلاء العقارات في ابتزاز الطبقات الفقيرة ورهن منازلها.
وفي فيلمه الاخير ” الجبل” يبدو نادري في ذروة نضجه الفني ودربته السينمائية، وقد صوره كليا في منطقة جنوب تايرول في ايطاليا وبممثلين وكوادر فنية ايطالية وينطق باللغة الايطالية، وساهمت شركات ايطالية في تمويله، لكنه لا يخلو من تلميح الى رسالة شخصية عن ضرورة المقاومة والتمسك بالوطن يرسلها المخرج الايراني من منفاه الاختياري لناسه.