«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير
نتوقف بشكل سريع عند جمل حوارية مؤثرة وأدوار من بعض أعمال منى زكي منحتها نجومية السينما السينمائية، وعكست كل ما تعلمته ومارسته وأتقنته، مثل: (إن كنت جاي عشان الورث فالورث راح، وإذا زي ما بتقول عشان عمك فعمك كمان راح)، من فيلم «أفريكانو»، و(أقولك عرفت كام واحدة عليا، نمت مع كام واحده غيري، أسماء والتواريخ من ساعة ما تجوزنا، لا مش من ساعة ماتجوزنا بس، من ثانوي، من عشر سنين) من فيلم «سهر الليالي»، و (لو مكنتش خلعت زمان، مكنش حصل لنا كل دا، بس أنت اللي غاوي شقى، هعملك ايه)، وكذلك جملتها (أنا زعلانه أوى من الدنيا يافاطمة) من فيلم «عن العشق والهوى»، أو (أنا مش عصفورة من العصافير اللي أنت مربيها ياعم جابر علشان تحط لها الأكل والميه وتتفرج عليها) من فيلم «دم الغزال».
ويمكن القول أن زكي ابتعدت في تمثيلها عن المدرسة الكلاسيكية واقتربت كثيراً من المدرسة الأسلوبية في الأداء، والتي يعتمد فيها الممثل علي نفسه كمصدر أساسي، أكثر من السيناريو ذاته، فبدلاً من «تقليد» الشخصية الخيالية الموجودة في السيناريو، يقوم الممثل بالبحث عن مشاعر مشابهة داخله، ثم يتصرف علي أساسها ليتحول هو نفسه إلي هذه الشخصية، وشاهدنا منى تتعامل ببراعة مع هذا الأسلوب من خلال شخصية «سلوى» الفتاة المصرية التي يتزوجها ضابط الموساد، من دون علمها بهويته الإسرائيلية، وكانت أكثر نضجاً كممثلة وهي تتصرف وفقاً لإمكانياتها الضعيفة وقدراتها الضيقة، وكان ضعفها في فيلم «أولاد العم» سر مصداقيتها، وفي فيلم «مافيا» الذي ينتمى لأفلام الأكشن، جسدت منى زكي شخصية «الدكتورة مريم» التى يتم الاستعانة بها لتدريب بطل الفيلم على الثبات الانفعالى ليؤدى مهمة خاصة تتطلب إعداده بشكل جيد فقد كان عدم تحكمه فى أعصابه سبباً فى طرده من الكلية الحربية وسفره للخارج ليتم تجنيده من قبل إحدى عصابات المافيا، ونجحت مع إرتداء النظارة الطبية وكثيراً من الحزم والقوة المغلفة بمشاعر الأنثى في أن تتحول إلى الصورة التي تريدها للطبيبة التي تتعاطف مع حالة البطل الذي تدفعه للنجاح وتخطي كافة العقبات، وأيضاً نالت إعجاب النقاد وهي تتقمص شخصية «حنان البغدادى» الشاعرة المفلسة التى تأتى من الإسكندرية للقاهرة في فيلم «من 30 سنة» بحثاً عن الشهرة لكن يواجهها صاحب دار النشر المتحرش، وقد وضعت الممثلة الذكية تفاصيل الشخصية شكلاً وموضوعاً ومنحتها واقعية شديدة، ويكاد المشاهد أن يشعر بأنه قابل تلك الفتاة من قبل فى معرض الكتاب أو ندوة شعرية بروحها المرحة وشعرها «الحلمنتيشى» مثل قصيدة «معونتش»، وحتى «اللزمة» التى كررتها وأصبحت معبره عن تركيبتها «كل الشكر» ساهمت في رسم ملامح الشخصية إلى حد كبير، وكانت مفتاحاً لإثارة الضحك مع ظهورها على الشاشة، وجاءت شخصية «نوال» التي قدمتها في فيلم «حليم» رغم كونها ليست البطلة، إلا أن منى زكي جسدتها بحس صادق، عبر عن حب من طرف واحد تجاه المطرب عبد الحليم حافظ الذي كان يرعاها وينفق عليها.
لاشك أن هذه الأدوار التى قدمتها أصقلت موهبتها ومنحتها الثقة فى مواجهة الجمهور، وتأكد لها من خلال ما جسدته أن الفن بات طريق حياة يجب أن تتخطى كل دروبه الصعبة.