«كان» ـ هدى ابراهيم
انتقد اليوم الأحد الفنان الفرنسي العملاق جيرار دوبارديو، اثر عرض فيلم رشيد جعيداني «دورة فرنسا ـ Tour de France» ضمن تظاهرة «أسبوعي المخرجين»، الإدارة الرسمية لمهرجان كان السينمائي التي استبعدته وأعلنته فنانا غير مرغوب فيه اثر انتقاداته للسلطة الفرنسية واعلانه تخليه عن الجنسية الفرنسية وطلب جواز سفر روسي من صديقه الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين، بسبب خلاف مع مصلحة الضرائب الفرنسية .
وانتقد دوبارديو المهرجان بشكل موارب حين قال امام الحضور المحتشد في عرض الصباح وحيث يؤدي دور «سيرج» في الفيلم : «افضل ان اكون معكم هنا، هناك ضربات قلوب وانفعالات مختلفة، نظرات مختلفة، هناك سلالم لم أعد احب ارتقاءها. هناك، غالبا ما نرى الا وجوها فارغة، خالية من الذكاء والمعنى».
دوبارديو كان يقصد السلالم الاسطورية لمهرجان كان السينمائي التي تفرش بالسجاد الاحمر والتي ارتقاها عشرات المرات في الماضي.
وكان دوبارديو أعلن قبل بدء المهرجان لاحدى الصحف الفرنسية: «لم يعد بوسعي الذهاب الى مهرجان كان منذ رحل عن رئاسته جيل جاكوب، لقد تبدل المهرجان وبات المال يسيطر على كل شيء فيه. لقد ابتعدنا عن السينما. مهرجان كان يستحق غير ذلك».
ويعتقد ان السلطات الفرنسية تمارس ضغطا على ادارة المهرجان لاستبعاد دوبارديو، بسبب اعلانه تخليه عن الجنسية الفرنسية وهو غالبا ما ينتقد دوبارديو السياسة الفرنسية واوضاع البلاد، خاصة اليسار الحاكم.
ومعروف عن جيرار دوبارديو الذي يلقبه الفرنسيون بـ«جي جي»، اتخاذه لمواقف مثيرة للجدل، واستخدامه لعبارات مبطنة تعبر عما يريد ان يقول خصوصا في السنوات الاخيرة، وهي غالبا، عبارات ساخرة منتقدة لا تقتصر على السينما وانما تتعاطى السياسة والشأن العام، وهو ما يثير حفيظة البعض حيال تصريحاته المستفزة.
على ذلك يرد وحش الشاشة الفرنسية بالقول : «انا كما انا، انا نفسي وانا حر».
وكان دوبارديو احتجاجا على فرض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ضرائب بنسبة 85 ٪ على اصحاب الدخل المرتفع ومنهم دوباريو، اعلن التجاءه، عام 2014 الى بلجيكا أولا قبل ان يحصل على جواز سفر روسي.
لكن ومهما يكن جواز السفر الذي يحمله دوبارديو، روسيا أو غير روسي، فهو يبقى احد الوجوه التي تمثل فرنسا قي المجال الدولي ليس في السينما فقط، وانما في المطبخ الفرنسي حيث يملك اكثر من مطعم وحقولا واسعة من الكروم وهو ذواقة للطعام الفرنسي، ونتاجات المزارع الفرنسية، ظهر مرات في برنامج تلفزيوني فرنسي حول اعداد الطعام، فضلا عن أدواره التي لا تنسى في السينما الفرنسية.
دوبارديو اعلن خلال تلك الازمة انه دفع مبلغ 154 مليون يورو ضريبة للدولة الفرنسية، وكانت تلك القرارات اثارت الكثير من الجدل، في وقت يهرب فيه الكثير من اصحاب الاموال في فرنسا الى سويسرا للتهرب من دفع الضريبة العالية.
واعتبر دوبارديو ان المجتمع الفرنسي فقد سعادته وحيويته وان فرنسا لم تعد تساوي شيئا في العالم.
في شريط «دورة فرنسا» ادى دوبارديو دور «سيرج» الفرنسي من الطبقة المتوسطة الذي ابتعد عن ابنه بسبب اعتناقه الاسلام ليصير اسمه بلال٠ والفيلم مليء بالكليشيهات التي يمكن ان يواجه بها الفرنسي العادي شخصا فرنسيا آخر من اصول عربية، ويحاكم الفيلم هذا الجانب في المجتمع الفرنسي على خلفية اغاني الراب الرائجة في أوساط الشباب العربي والافريقي والتي يعبرون بها عن غضبهم.
ويؤدي مغني الراب صادق دوره في الفيلم الى جانب دوبارديو الذي يصبح بمثابة اب له. وأعترف دوبارديو انه لا يحب عنف موسيقى الراب ولا كلامها البذيء لكنه ومن خلال تجربة الفيلم تعرف على نصوص اخرى جميلة لصادق وصار يعرف اكثر عن هذا الفن الغنائي.