خاص ـ «سينماتوغراف»
لم يحظ أي بطل من أبطال الروايات الأدبية التي ترجمت إلي لغة السينما، بمثل الدعاية وطول البقاء اللذين حظي بهما بطل روايات الأديب الانجليزي «ايان فلمنج» والمعروف لقراء تلك الروايات، ومشاهدي الأفلام المستوحاة منها، باسم «جيمس بوند»، ذلك الاسم الذي ملأ الدنيا، وشغل الناس، علي امتداد نصف قرن من عمر الزمان، بدءا من فيلم «الدكتور نو» عام (1962)، وحتى «سبيكتر» لدنيال كريج عام (2015)، والحديث عنه في وسائل الإعلام الجماهيرية، لا ينقطع، حتي يومنا هذا.
ولم يتفق الإنجليز عبر تاريخهم المديد على شيء مثلما أتفقوا على جاسوسهم الأسطوري جيمس بوند الذي يحمل الرقم (007) ويحق له الأقدام على القتل من دون أن يساوره قلق، فهو بطل جماهيري استثنائي لأفلام جماهيرية، ينتصر لبلده وقضيته بروح فروسية غير مسبوقة دون أن يحبط من عزيمته أو شجاعته شيء، وعلى مدى العقود الخمس الماضية حققت أفلامه أكثر من 5 مليارات دولار في شباك التذاكر، وشاهدها أكثر من ثلثي سكان المعمور، حيث تؤكد الإحصاءات أنه من الصعب العثور على أي شخص على قيد الحياة في المجتمع الغربي لم يشاهد فيلما لجيمس بوند، ونجد أن كل أفلامه بلا استثناء تصدرت شباك التذاكر، وهو الشخصية السينمائية الوحيدة التي حافظت علي مكانتها بين الأجيال المختلفة.
وتعد أفلام جيمس بوند ظاهرة فريدة في تاريخ السينما ليس هذا فحسب بل كل مشهد هو حدث لذاته، والمحير فعلا أن هذه الأفلام لا تقدم لنا شيئا لم يسبق أن عرفناه، (نفس الحكاية، الأشرار هم الأشرار ويمثلون تهديدا مباشرا للعالم، دائما فتاة جميلة مختلفة يتم اختيارها وسط ضجة غير مفهومة من بين ملكات الجمال وليس نجمات السينما المحترفات، الأزياء، الديكورات، الموسيقي، السيارات التي تطير أو تسبح أو تطلق النيران، الأدوات، المؤثرات الخاصة، تصاميم الجرفيك، الرسوم المتحركة، الأسلحة، الأماكن المثيرة)، ولكنها ألة التسويق والترويج التي تضخم الأمور، وتتفنن في وسائل تجذب الجمهور وهو مغموض العيون ليفتحها أمام جيمس بوند، ليقف مبهورا بما يشاهده بعد أن تم تغليف البضاعة نفسها مرة أخرى على ورق سوليفان.