نعمة الله حسين تكتب من «كان» لـ«سينماتوغراف»:
«حكاية مجنون» أحدث أفلام المخرج الأرمينى «روبير جيديجيان» والذى يتناول مذبحة الارمن على أيدى الأتراك، يأتى فيلم روبير بعد مايزيد عن ستين عاما من مقتل طلعت باشا فى ألمانيا على يد «سوجومونتيليريان» وذلك انتقاما لأسرته التى أبيدت بالكامل، فى الفيلم يقوم الشاب «أرام» الذى يقيم فى مدينة مارسيليا بفرنسا، – حيث تعيش جالية كبيرة من الأرمن – باغتيال السفير التركى فى فرنسا، وذلك بتفجير سيارته، وفى نفس توقيت التفجير يتصادف مرور الشاب «جيل تسيه» وهو يقود دراجته فيصاب ويفقد ساقه، بينما يهرب أورام بعد الحادث ويلحق بجبهة التحرير المسلحة فى بيروت فى بداية الثمانينات، التى كانت تؤمن العمليات العسكرية ليصل للعالم ماحدث للأرمن، ويتم إدانة تركيا لأنهم بعد ستين عاما على تلك المذبحة وحرب الإباد ، لم يتحرك العالم نحو قضيتهم بشكل ايجابى، لكن على أثر الخسائر البشرية فى الضحايا، اهتمت وسائل الإعلام بقضيتهم.
«جيل» الضحية كما يرد على لسانه فى الفيلم، يجهل أين تقع أرمينيا، وهو لايعرف شيئا عنها ولاعن الأرمن، وعندما ذهبت اليه والدة أرام، تطلب منه أن يسامح ابنها، وأن يقبل إعتذارها، واعتذار معظم الشعب الأرمنى الذى لايؤمن بالعنف، تترك الأم له عنوانها فى مارسيليا، وبعد فترة تفاجأ الأسرة بزيارته لهم، ويبدأ فى التعرف على عدد كبير من الأرمن، بينما تستقبله الأسرة ضيفا عليها، ويقيم فى غرفة «أرام» ويصبح قريبا من الأسرة، بل أن الجدة التى تعانى من الزهايمر تعتقد أنه «أرام» وتوصيه بأن يقوم بدفنها – حين تموت – فى أرمينيا.
يطلب جيل أن يلتقى بأرام ، ويسافر هو والأم الى بيروت للقائه، ويخبرهما أرام بانه ترك المجموعة المسلحة لأنه أصبح غير راضيا أن يقع ضحايا أبرياء كل يوم، يعتذر لـ«جيل» لكنه يعترف بأنه غير نادم على قتله للسفير التركى، لكن أثناء مغادرته، يتم إطلاق النار عليه أمام والدته وجيل، وينتهى الفيلم بقيام الأم وجيل، بعد عشر سنوات بالذهاب الى أرمينيا لدفن رفات الجدة، فقد وجدت الام فى جيل إبنا جديدا.
المخرج روبير جيديجيان، مازال وفيا لفريق العمل الذى يعمل معه بانتظام منذ أكثر من ثلاثين عاما، وبالطبع فإن بطلة فيلمه هى زوجته الفنانة القديرة «أربان اسكاريد» التى قامت بدور الأم.
وفى حوار مع جديجيان قال أنه احترم الوقائع التاريخية، وأنه قدم العديد من الأفلام الوثائقية عن مذبحة الأرمن وشعر أنه لابد وان يقدمها فى فيلم روائى.
وكعادة جيديجيان، فأنه نجح فى أن ينقل لنا تفاصيل الواقع اليومى لأسرة أرمنية بسيطة تعيش فى مارسيليا كذلك ملامح حياة الجالية الأرمنية، ومن خلال مشاهد مفتوحة على البحر والتلال فى فرنسا تعكس حالة البحث عن الحرية الحقيقية.
إن «حكاية واحد مجنون» يعد من أقوى وأجمل الأفلام التى عرضت فى المهرحان بعيدا عن المسابقة ولكن فى القسم الرسمى.