«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير
حلمى حليم، اسم ربما يعتقده البعض لمطرب شاب لكنه فى الحقيقة لمخرج مخضرم نحتفل هذا العام بمئوية ميلاده (6 مارس 1916- 19 نوفمبر 1971) هو سينمائى لم يترك مجالا دون أن يطرق بابه فأخرج وكتب السيناريو وأنتج الأفلام له ولغيره، فقد أخرج 14 فيلما وكتب القصة والسيناريو لأربعة أفلام حملت توقيع مخرجين آخرين، كما أنتج فيلمين من اخراج غيره، اضافة لانتاجه واخراجه وكتابته بعض أفلامه التى أخرجها.
وفى ذكرى ميلاده المائة يحتفى به المهرجان القومى للسينما فى دورته العشرين، من خلال معرض يضم أفيشات أفلامه ومشاهد منها وصور له خلال التصوير بالاضافى الى اصدار كتاب عنه ضمن سلسلة الخالدون للناقد السينمائى الشاب أحمد شوقى.
الكتاب جاء على غير النمط المعتاد لكتب التكريم التى تصدرها المهرجانات السينمائية اذ تضمن تحليلا نقديا لأفلام حلمى حليم الأربعة عشر واكتشافاته فيها منذ أول أفلامه «أيامنا الحلوة» الذى شهد بدايته كمنتج ومخرج بعد أن عمل مديرا لانتاج بعض الأفلام ورئيسا لقسم السيناريو فى استديو مصر، فكتب «أيامنا الحلوة» الذى قدم المطرب عبد الحليم حافظ ممثلا سينمائيا لأول مرة «1955» بعد أن حققت أغنيته «على قد الشوق» نجاحا كبير لفت الانظار الى موهبته، لتلتقطه عين حلمى حليم المخرج ليسند له دورا رئيسيا أمام فاتن حمامة وعمر الشريف، ولم يكن هذا اكتشافه الوحيد بالفيلم بل قدم أيضا ولاول مرة الوجه الجديد أحمد رمزى الذى شاهده يلعب البلياردو مع عمر الشريف ولاحظ حلمى حليم طريقة حديثه المميزة وحيويته فعرض عليه أن يكون هو البطل الثالث لفيلمه ووافق رمزى ليكون الفيلم بداية انطلاقته كنجم سينمائى، وكما يقول المؤلف أن حلمى حليم امتلك فى تجربته الاولى كمنتج خلطة مكتملة الاركان بأبطاله، النجمة ذات الحضور الجماهيرى فاتن حمامة والنجم الصاعد بعد نجاحه فى فيلم «صراع فى الوادى» عمر الشريف والمطرب الذى يخطو بسرعة نحو النجومية عبد الحليم حافظ ،ووجه جديد بمواصفات نجومية طازجة ،ويشير المؤلف الى براعة حلمى حليم الذى تخلص فى أول أفلامه من شخصية الشرير أو الخصم التى اعتادت عليها الافلام المصرية ليقدم خصما مغايرا لأبطاله وهو الفقر الذى يقف حائلا دون تحقيق أحلامهم البسيطة.
ومن بعدها تتوالى أفلام حلمى حليم كمخرج فيقدم فاتن حمامة وأحمد رمزى فى فيلم «القلب له احكام 1956»، وكتب له السيناريو والحوار على الزرقانى وحسن توفيق، وفيلم «سلم على الحبايب 1958» من اخراجه وتأيفه وبطولة صباح وبطله المفضل أحمد رمزى، ثم يلتقى مع عبد الحليم حافظ مجددا فى فيلم «حكاية حب 1959» الذى كتب حلمى حليم قصته وكتب له السيناريو والحوار على الزرقانى، وأسند البطولة لمريم فخر الدين وعبد السلام النابلسى وقدم فيه الطفل أحمد يحيى الذى اكتشفه وتبناه فنيا، وتوالت أفلامه «ثلاثة رجال وامرأة» لصباح وكمال الشناوى، «طريق الدموع 1961» لذات البطلين صباح والشناوى، ثم «حكاية العمر كله 1965» لفاتن حمامة أمام فريد الاطرش، «الحياة حلوة 1966» لنادية لطفى وحسن يوسف، «أيام الحب 1968» لنادية لطفى وأحمد مظهر، «مراتى مجنونة مجنونة مجنونة 1968» لفؤاد المهندس وشويكار، «كانت أيام 1970» لصباح ورشدى أباظة، «عشاق الحياة 1971» لنادية لطفى ومحرم فؤاد، ثم فيلمه الاخير كمخرج «غرام تلميذة 1973» لأحمد رمزى ونجلاء فتحى.
الى جانب ذلك فقد كتب حلمى حليم سيناريوهات أربعة من الأفلام لمخرجين آخرين، فكتب قصة «صراع فى الوادى 1954» للمخرج يوسف شاهين، «مدرسة البنات 1955» للمخرج كامل التلمسانى، «أرض السلام 1957» اخراج كمال الشيخ، و«معبودة الجماهير1067» اخراج حلمى رفلة، كما انتج لكمال الشيخ فيلم «أرض السلام 1957» و«غراميات امراة 1960» للمخرج طلبة رضوان.
ويرصد الناقد احمد شوقى مؤلف الكتاب سبع سمات ميزت أفلام حلمى حليم على امتداد مشواره الاخراجى، حتى لو غابت عن بعض أفلامه وهى أطياف التنوع لانفتاحه على تجريب كافة أشكال الدراما، والعناوين المبهجة لأفلامه، والتأثر بأصول الحكايات التى يقدمها وتشير الى نصوص عالمية، وعالم النجومية حيث يستهويه فى أغلب افلامه أزمات المشاهير، والتقدمية الذى بدا فى انحيازه للمرأة ورفضه للطبقية والأفكار الرجعية، اضافة الى محاولاته التجديد فى مواقع تصوير أفلامه والخروج بالكاميرا الى أماكن حقيقية، وأخيرا فى الاكتشاف المستمر للوجوه الواعدة والمواهب ودعمهم مثل شادى عبدالسلام وصلاح مرعى وناهد جبر وسمير سيف واحمد ييحى وقبلهم جميعا عبد الحليم حافظ والولد الشقى أحمد رمزي.
وبعد مائة سنة من ميلاده و 45 على رحيله، تبقى أفلام حلمى حليم دليلا على أن السينما الجميلة تبقى خالدة وشاهدة على موهبة مبدعيها.