«حورية البحر الصغيرة».. يثير جدلاً حول العنصرية ويعاني ضعف الإيرادات

لوس أنجلوس ـ «سينماتوغراف»

يُعرض الآن في دور السينما حول العالم فيلم “حورية البحر الصغيرة” (The Little Mermaid)، وهو “نسخة واقعية” من فيلم الرسوم المتحركة بالاسم ذاته الذي قدمته ديزني عام 1989 وفاز بأوسكار أفضل أغنية وأفضل موسيقى تصويرية.

“فيلم حورية البحر الصغيرة” من إخراج روب مارشال وبطولة هالي بيلي وجونا هاور كينغ وخافيير باردم وميليسا مكارثي، وحصل العمل على معدل 68% على موقع “روتن توماتوز” (Rotten Tomatoes)، وأشاد النقاد بأداء الممثلين والمقطوعات الموسيقية، لكنهم انتقدوا المؤثرات البصرية وتصاميم الشخصيات، وحقق الفيلم حتى الآن 326 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، ليصبح عاشر أعلى فيلم إيراداً في عام 2023.

تدور أحداث فيلم “حورية البحر الصغيرة” بنسخته الواقعية في نفس إطار الفيلم الأصلي، لدينا عالم بحري خيالي تعيش فيه كائنات نصف بشرية ويحكمها الملك “تيتان” كاره البشر، خصوصا بعد مقتل زوجته، لذلك يضع قوانين تمنع ظهور أهل البحر أمام أي إنسان.

وعلى الجانب الآخر، تسحر الحضارة البشرية أصغر بناته “إرييل” التي تقع في حب الأمير “إيريك”، ومن أجله توقع اتفاقية مجحفة مع ساحرة البحر “أورسولا” تستغني بموجبها عن صوتها، وعليها إيقاع الأمير في حبها خلال 3 أيام فقط وإلا ستصبح عبدة (أمة) لعمتها الشريرة.

أثار الفيلم جدلاً واسعاً منذ إعلان “ديزني” عن اختيار الممثلة ذات الأصول الأفريقية هالي بيلي لأداء دور حورية البحر “إرييل” التي اشتهرت في فيلم الرسوم المتحركة ببشرتها ناصعة البياض وشعرها الأحمر الطويل، ورأى البعض أن الفيلم ما هو محاولة جديدة من الأستوديو للحاق بركب “الصوابية السياسية”، ولكن بعد عرضه أثار جدلاً لأسباب معاكسة تماماً.

تعرض الفيلم لانتقادات من قبل المدافعين البارزين عن “التنوع العرقي”، لفشل العمل في توضيح أهوال العبودية بمنطقة البحر الكاريبي، ومن بين هؤلاء ماركوس رايدر، وهو ناشط بريطاني ومؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويرأس أيضا الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية، والذي كتب تدوينة عن الفيلم قال فيها “إن قصة الفيلم تبدو وكأن أحداثها تدور في القرن الـ18 في زمن العبودية الأفريقية، لكن سكان جزر الكاريبي الخياليين والتي يحيا فيها الأمير إيريك يعيشون في عالم خال من فظائع حقوق الإنسان، لا أعتقد أننا نقدم أي خدمة لأطفالنا من خلال التظاهر بأن العبودية لم تكن موجودة”.

في عالم الفيلم الخيالي يعيش الأمير “إيريك” مع والدته الملكة التي تبنته صغيرا، وتحكم عدة جزر تقع في البحر الكاريبي، ولكن سكانها يحيون في تناغم تام، فلا توجد تفرقة على أساس العرق أو الطبقة الاجتماعية، فالأمير بسهولة يتجول ويرقص مع أهل الجزيرة من كل الأعراق.

يبدو الأمر كما لو أن صناع الفيلم رغبوا في تقديم فيلم عن التنوع العرقي، ولكنهم أغفلوا أنهم يقدمون عملا يمحو جزءا مهما من تاريخ أصحاب الأصول الأفريقية، فخطف الأفريقيين ووضع الحديد في أيديهم وأقدامهم وشحنهم في سفن بظروف غير آدمية ثم إجبارهم على العمل بالسخرة في جزر الكاريبي تم في الوقت ذاته الذي تدور فيه أحداث الفيلم، ولكن العمل أغفل كل ذلك وقدم للأطفال تاريخا مشوها من وجهة نظر الكثيرين.

وعلى صعيد آخر، يعاني الفيلم بسبب الإيرادات الضعيفة بشكل غير متوقع، مما يضع ديزني في موقف لم يتكرر من قبل، خاصة مع فيلم “واقعي” (Live-Action) مقتبس من إحدى كلاسيكياتها القديمة، وتبلغ ميزانية الفيلم نحو 250 مليون دولار، بالإضافة إلى ميزانية تسويق حول العالم تبلغ 140 مليون دولار، وحتى الآن لم يحقق سوى 326 مليونا، ولذلك لا يزال في منطقة الخطر ما لم يبلغ سقف تعويض التكاليف والدخول في سباق تحقيق أرباح.

وبالنظر إلى سلسلة أفلام ديزني الواقعية المقتبسة من رسوم متحركة نجد أنها بعد نجاح كبير في البداية بدأت في التراجع بالتدريج، فأنجح هذه الأفلام من ناحية الإيرادات كان “الأسد الملك” (The Lion King) بإيرادات تخطت 1.6 مليار دولار، ثم أصبحت الإيرادات لا تتعدى نصف مليار في أفضل الأحوال، وعلى الأغلب جزء من ذلك الإخفاق يرجع إلى وباء “كوفيد-19” الذي غيّر طبيعة الحضور الجماهيري إلى حد كبير.

ويعود جزء من هذا التراجع في الإيرادات إلى التقييمات السلبية على المواقع الإلكترونية التي يستخدمها الجمهور للحكم على أي عمل، مثل موقع “آي إم دي بي” (IMDB) الذي شارك ملاحظة على صفحة المراجعات للفيلم تصف فيها “نشاطا غير عادي”.

وأضافت “كشفت آلية التصنيف لدينا نشاط تصويت غير عادي على هذا العنوان، للحفاظ على موثوقية نظام التصنيف الخاص بنا تم تطبيق حساب تصنيف بديل”.

وتلقى فيلم “حورية البحر الصغيرة” قبل هذا التعديل ما يقارب 43 ألف تقييم على الموقع، 17 ألفا منها منحت الفيلم نجمة واحدة من أصل 10، مما يمثل 39.4% من التقييمات، وبلغ متوسط تقييمات الفيلم 4.7، ولكن بعد ملاحظة الموقع وصل التقديم إلى 7.2، والأمر تكرر في مواقع مماثلة للتقييم حول العالم، سواء في ألمانيا أو فرنسا أو حتى كوريا الجنوبية نتيجة الحملات العنصرية التي يشنها البعض ضد الفيلم بسبب لون بشرة البطلة.

Exit mobile version