فاز بجائزة أفضل مونتاج من مهرجان تريبيكا
خمس نجوم .. نهاية مستفزة أضاعت قيمة الفيلم
“سينماتوغراف” ـ عمار محمود
فيلم (خمس نجوم Five star )، روائي طويل وثاني الأفلام الأمريكية التي تشارك في المسابقة الدولية لدورة هذا العام من “القاهرة السينمائي”، بعد الفيلم الوثائقي الطويل (عبر عدسات سوداء Through a lens darkly) وسبق وأن فاز الفيلم بجائزة أفضل مونتاج من مهرجان تريبيكا هذا العام.
يحكي الفيلم حياة شخصيتين رئيسيتين، أحدهما رئيس عصابة للزنوج اسمه بريمو (James Grant) وصديق له لايزال فتى مراهق اسمه جون (John Diaz) وكان ابن لأحد كبار رجالات العصابات الزنجية أيضا، والذي كان يرعى بريمو في بداياته مع عالم العصابات، كما أنه كان رجلا يتمتع بسمعة طيبة، ويقتل بالخطأ أو تم اغتياله، وهذا ما كان يحاول ابنه جون معرفته.
بريمو شخص عائلي، يحب أسرته ويجاهد من أجلها، يعمل كحارس شخصي لأحد الأندية الليلية، ويحاول أن يعمل في نوبات إضافية لتحسين وضعه الاجتماعي، وبالرغم من عمله في المخدرات والذي يتضح بأنه لا يكسب منه جيدا، لأنه لا يزال يعاني من مشاكل في دفع الإيجار في الشهر الذي يتم عرضه في أحداث الفيلم.
وعلى النقيض من بريمو، جون لا يحب والدته، وقلقها الدائم عليه مصدر ازعاج بالنسبة له، فيحاول دائما تجنب الحوار معها، ويتعرف على بريمو وينضم إلى عصابته والتي يتم معرفة السبب الحقيقي وراء انضمامه لتلك العصابة سوى عند الذروة الأخيرة للأحداث.
لا يهتم الفيلم بالحياة داخل العصابة بالنسبة لبريمو وجون، ولكنه يهتم بالتكوين النفسي لهما، وعرض الدراما التي تحدث أثناء الحوارات العائلية لكليهما، أو أثناء الحوارات الحادة مع رجال العصابات، أو حتى لقطات عادية من تجوالهم في الشوارع، في إيقاع هادئ ولقطات قريبة جدا تهتم بكشف الملامح جيدا حتى تتيح الوضوح الكامل لمضمون الفيلم، لأنه يحاول تشريحهم نفسيا لكشف ذريعتهم لما يفعلونه في الحياة، خاصة عندما تتقابل طرقهم بعدما يكون كليهما على حافة الموت، وأثر ذلك عليهم.
ومن أفضل المشاهد في الفيلم، عندما كان جون ينتظر قرار بريمو في حقه عندما ادعى أحدهم بأن جون لم يسلمه طرد البضاعة، وكان جون في تلك اللحظة بين الحياة والموت، ينتظر تقرير مصيره من قبل بريمو، والذي قد يودي بحياته أو ينجيه من الموت الحتمي.
فيعرض السيناريو كل جوانب شخصية بريمو، من احترام الجيران والأكبر في محل عمله، والرحمة والأبوة في منزله، والقسوة مع أفراد عصابته، وكل ذلك التشريح هو محاولة لجعل الشخصية مألوفة والتي أداها جرانت بشكل جميل، لكي تتواصل مع المشاهد، ولكي يحاول تخمين دافعه النفسي للحدث الرئيسي المهم، والذي هو مقتل والد جون.
وكذلك يعرض السيناريو الصفات النفسية لجون، فالعاطفة المشتعلة دائما مع حبيبته جاسمين (Jasmine Burgos)، والشجاعة التي لا تتناسب مع جسده النحيل والتي سوف تكون سببا لمشكلة كبيرة له ودافعه القوي للانتقام لوالده، وكذلك علاقته بوالدته التي بها شد وجذب، بسبب غياب والده عنه دائما في طفولته والذي قتل في الشوارع وشعور جون بالنقص لأنه لم يستمتع بحياته معه كما يجب لأي طفل، وتوتر والدته عندما أدركت الطريق الخطر الذي يسلكه ابنها والذي يسير في نفس اتجاه والده، وأثر ذلك التوتر على كليهما، وحقيقة مقتل والده، والذي هو دافعه الرئيسي للانضمام لحياة العصابات.
ودعم المخرج الحالة الدرامية والتوتر الدائم في حياة الشخصيات من خلال الكاميرا المتحركة دائما، وزيادة طول مشاهد الحوار بين أبطال العمل، وكذلك اللقطات القريبة جدا، والتي كانت تخفي عضلات بريمو، لأنها لم تكن البطل الأساسي للفيلم، حتى أنه لم يستخدمها سوى مرة وحيدة في أحد المشاهد.
لكن المشكلة الحقيقية في الفيلم والتي أفقدته الكثير من قوته، بالرغم من وجود عناصر جيدة كثيرة في الفيلم كالسيناريو والإخراج أحياناً.. هي الاستخدام المفرط لبؤرة العدسة، والتي تفصل الأشخاص عن محيطهم، وهذا لم يحدث في الفيلم، لأن الشخصيات الرئيسية والتي هي الموضوع الرئيسي لحركة الكاميرا، كانت جزء من المحيط الفاسد الذي تتواجد فيه، فكان استخدام التركيز البؤري غير مبرر تماما ويضعف دراما الفيلم.
والمشكلة الأخرى والأكثر غرابة، هي التوقيت السييء لنهاية الفيلم، فبعدما كان المشهد قبل الأخير والذي أسس له أصلا مع بداية الفيلم، هو النهاية المناسبة جدا والتي سوف تنهي الفيلم بشكل جمالي وساحر، أصبحت نهاية الفيلم بعد مشهد إضافي، مباشر ودعائي بشكل مستفز، أضاع قيمة كبيرة من الفيلم.