خيرية البشلاوي تكتب: حسابات الربح والخسارة بين أحمد السقا ومحمد رمضان

 ـ خيرية البشلاوي

يتفوق فيلم أحمد السقا “هروب اضطراري” علي فيلم محمد رمضان “جواب اعتقال” الامر الذي يشير الي تفضيل جمهور السينما للعمل الاول.

والتفضيل لايحسب لصالح النجم وانما لجرعة الترفيه الزائدة والتنفيذ الحرفي الجيد العنصر لعنصر الحركة في فيلم “السقا” والعملان ينتميان لنوع واحد “الاكشن” ولفصيل تجاري يهتم بصناعة الترفيه والتسلية الاستهلاكية السريعة الخاطفة التي يزول تأثيرها بانتهاء مدة العرض. والاثنان يقومان علي حبكة فارغة. اومسطحة ومصطنعة في حالة الفيلم الثاني “والحواديت” في العملين يغلب عليها الفبركة والاستسهال او الاستهبال لغياب المنطق واستحالة التحقق علي مستوي الواقع خصوصا فيما يتعلق بمشاهد المطاردات في العمل الاول والفيلم الاول اقرب الي العاب الفيديو المسلية التي تستهلك الوقت وتشحذ الخيال دون ضرر او ضرار.

في فيلم “السقا” جرعة الاكشن اقوي. والمغامرة التي يتقدمها “السوبر هيرو” او البطل الخارق اكثر صخبا واسرع ايقاعا بعنصر الاثارة في العملين يمس الخارج بمعني ان تأثيره لا يتجاوز سطح الجلد لاتفكير ولا تأمل ولا موضوع ولا قضية ولا شئ اكثر من لعبة اشبه بالعسكر والحرامية ولا شئ ينجذب اليه المتفرج خارج عنصر الحركة والاثارة اللحظية وتشاهد المطاردة بوسائل الحركة المتنوعة: دراجة نارية اوجواد او سيارة أو أو الخ.

الإيقاع والسرعة

“الإيقاع” والسرعة واللهاث وراء بطل يمتلك لياقة بدنية عالية وحضوراً كبيراً وعلاقة حميمة مع المتفرج الي جانب مؤثرات صوتية قوية واداء بشحنة ميلودرامية ثقيلة ورسم صورة لشخصية البطل الشعبوي المحبوب بديل “شجيع السيما” وكلها اسباب موضوعية للتفضيل بالنسبة لجمهور العيد من الشباب الصغير المغرم بالموديلات الذكورية الخيالية.

 

أحمد السقا كرجل مكتمل الرجولة “macho” له مكان جاهز عند شريحة تبحث عن بطل حتي لو كان وهميا وحين يتهم هذا البطل ظلما ومعه اناس “اتخدوا في الرجلين” مثله واتهموا في جريمة قتل لم يرتكبوها ويقودهم الي ان تثبت براءتهم هنا لابد ان يتحول الجمهور الي انصار يصفقون في لحظات انتصاره ويتهللون عندما ينجح في الخروج من المآذق التي تعطل انطلاقه.

وكما نري الحكاية ليست مبتكرة وقد رأيناها في اعمال كثيرة سابقة ومنذ ان بدأت الصور المتحركة تصميم الحركة وادارتها في فيلم “السقا” حسب الموديل او الباترون التجاري الامريكي نفده المخرج احمد خالد موسي بحرفية عالية واحمد السقا هو “شوارزنجر” المصري. اما نقطة التركيز الذكية التي حرص عليها السيناريو فهي ربط الجمهور بشخصية البطل لدرجة التوحد ولايهم عنصر المصداقية ولا المنطق ولا جوهر ما تنطوي عليه المادة الموضوعية المهم تأكيد سمة الانتصار ودعم القوة الجثمانية الذكورية والقدرة علي الخروج من المحنة منتصرا.

المؤثرات الخاصة

ومع شجيع السينما هذا يحتشد عدد من النجوم المصريين من أجيال مختلفة ويتضاعف عنصر الصخب والمؤثرات الخاصة ويضاف قدر من الاسترخاء الكوميدي ممثلا في شخصية رجل البوليس “فتحي عبدالوهاب” الشره واللامبالي حيث الامر كله لايعنيه لا التحقق من التهمة ولا البحث عن الأدلة ولا سماع دفاع المتهم.

المخرج من جيل المخرجين الشباب مثله مثل محمد سامي مخرج “خطاب اعتقال” والمخرجان متفوقان في التعبير بالصورة ومغرمان بالاكشن وبالحبكات البوليسية والاثنان أثبتا تفوقهما منذ ان بدآ المشوار واختارا صناعة الترفيه المرئي وحرصا علي امتلاك ادوات هذه الصناعة تقنيا وحرفيا وتمرسا في صنع الاعمال الترفيهية التي تحرص علي تحقيق النجاح شعبيا وتجاريا.

في العام الماضي قدم احمد خالد موسي واحدا من افضل المسلسلات التي كشفت عن حسن اختياره للنص اشير الي مسلسل الميزان ولكنه لم يحقق نفس القدر من النجاح بمسلسل الحصان الاسود هذا الموسم وبنفس البطل الذي تعاون معه وحقق من خلال هروب اضطراري الفوز العظيم بالايرادات.

ولا شك ان عناصر الجذب اكثر تأثيرا في فيلم احمد السقا من فيلم محمد رمضان.

وما جري لرمضان الذي تربع طويلا وحقق نجاحا ساحقا في السنوات الاخيرة انه اراد ان يلعب دورا مناقضا لادواره السابقة ولكن بنفس الادوات أراد ان يرضي ضميره الفني ويقدم عملا جماهيريا يدين الارهاب المتأسلم ويضع الجماعات الارهابية المتطرفة تحت المجهر ولكنه لم يوفق في اختيار النص المناسب والجيد اراد ان يدين الارهاب والعنف الدموي باستخدام الدين فقدم الارهابي كمريض نفسي معتل ذهنيا ومضطرب سلوكيا وفاقد الاهلية كعاشق ومحب لابنة عمة “دينا الشربيني” والنتيجة انه بطل مهزوم يسيل دمه ودموعه ويلفظ انفاسه علي عكس الصورة الاسطورية التي كانت سبب سعده.

الموضوع الذي اختاره المخرج كبير ويحتاج الي قدر غير قليل من الاجتهاد في الكتابة لانه موضوع قائم ويعيش وقائعه التي تتجدد يوميا والاستسهال والتسطيح يتنافي مع الشعور العام الذي لا يخلص منه اي مواطن عادي ألا وهو اننا في حرب حقيقية.

الارهاب الذي مثله “رمضان” لا يدخل العقل ولايطيقه القلب ولايوجد لديه صفة واحدة تستدعي التعاطف والفبركة المفرطة تثير السخرية لان الاحداث الواقعية اليومية التي يمارسها الارهاب لاتتفق مع هذا الهزل الذي يمارس علي الشاشة.

محمد رمضان الممثل ظل منذ بداياته اداة طيعة وقريب الشبه من90% من ابناء جيله وهو بلا شك ممثل موهوب فعلا ولقطة لأي منتج ذكي يستثمر امواله في صناعة الترفيه الاستهلاكي .. وقد نجح بالتأكيد وحقق شعبية هائلة ومؤخرا اقتحم مجال الاعلانات واضاف الي نجاحاته نجاحا ورصيدا اكبر.

وحين فكر في المضمون “والرسالة” باعتبار انه قوة ناعمة ومؤثره قدم جواب اعتقال ولم يصل الي نفس درجة النجاح وتفوق عليه احمد السقا.. ذلك لان التوليفة التي اعتمد عليها ضحلة تماما وقصة العشق التي أسالت دموعه قصة فيشنك ورغبته في حماية شقيقه الاصغر باءت بالفشل.. إلا ان المؤلف لم يضبط الطبخة المضمونة التي تعتمد علي العشق والروابط الاسرية الشقيقة مضيفا قضية الارهاب التي لم تنطل دراميا علي الجمهور.. باختصار لم يوفق بنفس القدر ولكنه لم يفشل دائما تفوق “عبده موته” علي “خالد الدجوي” فتراجع ترتيبه في شباك التذاكر.

Exit mobile version