داني غلوفر نجم هوليوودي من أصول إفريقية، حينما تلتقيه يحدثك وكأنه يعرفك منذ سنوات، ورغم رحلته الطويلة في صناعة الأفلام الأميركية وأشهرها سلسلة «السلاح القاتل»، «الشاهد»، «منشار الرعب»، «اللون القرمزي»، إلا أنه يحب أن يتحدث كثيراً عن إفريقيا وقدرة الأعمال السينمائية على تغيير الواقع بها، ومشاركته في بعض أفلام المخرجين الأفارقة منها الفيلم التلفزيوني «مانديلا»، و«جمهورية الأطفال».
يعتبر داني غلوفر نفسه من عشاق مصر، زارها أكثر من مرة ويتواجد حالياً في جنوبها، حيث يتم تكريمه الاثنين المقبل ضمن فعاليات مهرجان أسوان لأفلام المرأة.
وأكثر ما يعجبه هم المصريين أنفسهم، وكيف يعبرون عن أنفسهم، وآثارهم الرائعة التي لاتزال موجوده عبر قرون.
التقت به «سينماتوغراف» حيث تحدث عن مستقبل الأوضاع في قارة إفريقيا، ورؤيته لدور المرأة والطفل، ومساعدته لجيل الشباب من السينمائيين العرب والأفارقة، وفيما يلي تفاصيل الحوار.
توقف داني غلوفر أمام فيلمه «جمهورية الأطفال»، قائلاً: كان فرصة بالنسبة لي لاستكشاف المزيد وفهم واقع ما يجري في إفريقيا، حيث قمت بزيارة بعض الدول الإفريقية، وشاهدت آثار الحرب الأهلية على الأطفال بشكل خاص، خصوصاً جريمة وجود نحو مليون لغم على المناطق الحدودية بجنوب إفريقيا، والتي تتسبب في سقوط العديد من الضحايا، كما تمثل قضية تسليح الأطفال لاستغلالهم في الصراعات السياسية جريمة ضد الإنسانية، وأضاف: إن سيناريو الفيلم ساعدني في فهم كل تلك الأحداث التي شاهدتها، ويعبر بالفعل عن رؤيتي حول كيفية تغيير الأوضاع بإفريقيا في المستقبل، وأكثر ما يقلقني فيها هو النساء والأطفال الذين يدفعون دوماً ثمن الاضطرابات السياسية ويكونون الضحية الأولى في أي صراع، ولكني أعتبرهم الأساس الصحيح لبناء أي دولة.
المشاركة في الإنتاج
حول مشاركته في أفلام إفريقية ومساعدته لجيل الشباب من السينمائيين، قال غلوفر: كانت لدي رغبة في التعامل مع الأفلام الإفريقية وقدمت حتى الآن سبعة أفلام بالقارة السمراء، منها فيلم تلفزيوني بعنوان «مانديلا» وهو إنتاج أميركي إفريقي، كما ساعدت في إنتاج العديد من الأعمال السينمائية، سواء من إفريقيا أو بعض الدول العربية، مع المخرج عبدالرحمن سيسكو وفلورا جوميز وغيرهما، وآخر تجاربي كانت مع المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر في فيلمها الجميل «ملح هذا البحر».
السلاسل السينمائية
وعن سؤال، هل ستعود لتقديم بعض السلاسل السينمائية في هوليوود، وهل يمكن أن تشارك في تكملة أفلام مثل «السلاح القاتل»؟، أجاب داني غلوفر قائلاً: سلسلة أفلام السلاح القاتل مع ميل غيبسون مرحلة انتهت، وهي تجربة من تجاربي، أعتز بها، ولكنها ليست كل تجاربي وكل عالمي السينمائي والفني، وأنا لن أعود إلى أفلام المغامرات في هوليوود، أولاً، لأن عمري لا يسمح بذلك، كما أنني توقفت عن التعاون مع هذه النوعية من الأعمال والشخصيات، ولأنني أيضاً أميل إلى سينما المؤلف، حيث أفلام الفكر والموضوع والقضية.
وتحدث عن أحب الأعمال السينمائية إليه، قائلاً: أهم فيلم بالنسبة لي هو «أماكن في القلب ـ Places In The Heart »عام 1984 مع النجمة ساني فيلد التي حصلت عن دورها في الفيلم على أوسكار أفضل ممثلة، والمخرج روبرت بنتون الذي حصل على أوسكار أفضل سيناريو مكتوب لفيلم سينمائي.
والأمر ليس فقط لأنه فيلم جميل أو لأن أدائي كان فيه رائعاً، ولكن لأني قدمته من أجل روح أمي، والتي لقت حتفها في حادث سيارة مروع فور حصولي على هذا الدور، وكان علي التوجه إلى المستشفى للتعرف على جثتها، كنت في حالة نفسية صعبة، لكني شعرت وكأن روح أمي تدفعني إلى الأمام، وقررت تقديم الفيلم لأجلها.
النمر الأسود
وحول ردود أفعاله على فيلم «بلاك بانثرـ النمر الأسود»، وهل ستنصف شركات الإنتاج في هوليوود هذه النوعية من الأفلام مستقبلاً، ورأيه فيما ينقص السينما العربية للوصول للعالمية، توقف داني غلوفر قائلاً: صحيح هو مجرد خطوه بعد سنوات من إهمال هوليوود للموهبين الأفارقة، ومحاولة لتغيير الفكرة العامة عن أفريقيا، وأنها مكان تود الذهاب إليه، لا مجرد صورة تكرس للحاجه والاحتياج، ولكني لا أتوقع تغييراً في سياسة الإنتاج بلوس أنجلوس تجاه أفلام السود، وما حدث هذا العام حالة استثنائية لن تتكرر، وبالطبع سعدت كثيراً ببعض منافسات الأفلام العربية في ترشيحات الأوسكار، إلا أنني أطالب السينمائيين العرب بضرورة التفكير بلغة عالمية، والاهتمام بقضايا الإنسان، ومحاولة تجاوز الحدود المحلية إلى فضاء العالمية، وهذا ما ظلت تعاني منه السينما الهندية سنوات طويلة، ولكنها اليوم في كل مكان، تماماً مثل السينما الإيرانية التي باتت حاضرة اليوم في كل المحافل الدولية.
معادلة هوليوود
وعن معاناة صناع السينما من أصول إفريقية في هوليوود، قال داني غلوفر: حينما بدأت مشواري لم يكن هناك سوى سيدني بواتييه وجيمس إيرل جونز وقلة في عالم السينما، ومثلهم في المسرح، وفي الغناء كان الأبرز راي شارلز وغيره، أما اليوم فقد تغيرت المعادلة، وهنالك تغيير كبير، فمن منا كان يتوقع أن يكون هناك رئيس للبيت الأبيض من ذوي الأصول الإفريقية، أو أن تقدم أكبر شركات هوليوود فيلماً كل أبطاله من السود وينافس أفلام السوبر هيرو، وينقل صورة مغايرة عن أفريقيا، ورغم ذلك، لاتزال الفرص قليلة، قياساً بكم الأسماء الموجودة ولا نزال نطالب بمزيد من الفرص ليس للسود فقط، بل لكل أطياف المجتمع الإنساني، فالولايات المتحدة الأميركية هي كل ذلك المزيج من الثقافات المختلفة وأجناس البشر المتعددين.