«سينماتوغراف» ـ عبدالستار ناجي
بشكل فلسفي معمق يناقش فيلم «ديموليشن demolition» أو «هدم» للمخرج جان مارك فالية، عملية بناء الذات بعد فقدان الأحبة، عبر دراما سينمائية تأخذنا إلى حكاية ديفيس «جيك جيلينهال»، وهو مصرفي ناجح فى مجال الاستثمارات يفقد زوجنه التي يعشقها في حادث مروري مأساوي.
عندها يعيش حالة من الهدم الذاتي، بالذات حينما تجتاحه حالة من الحزن تجعله يقوم بتفكيك كل شيء أمامه اعتباراً من الأجهزة الإلكترونية التي يمتلكها وصولاً إلى كل ما يحيط به، حتى يصل إلى مرحلة يقوم بها بالاتصال بإحدى الشركات الخاصة بالأجهزة الإلكترونية للاستفسار عن تعطل أحد الأجهزة لديه، عندها تقوم إحدى موظفات خدمة العملاء كارين «نعمومي واتس» بالرد على أسئلته، ثم شكواه، ثم همومه الحياتية والإنسانية.
وسرعان ما تتطور علاقته مع تلك الموظفة التي تمتلك المقدرة على الإصغاء للآخر، وأيضاً ابنها كريس الذي يرى الحياة بمنظور محب للحياة يفكر في البناء والمستقبل. وبين فكرة الهدم الناتجة عن ظروف نفسية قاسية نتيجة خسارة بعض الأشخاص المقربين، وتلك النظرة التفاؤلية التي تفكر بالبناء والغد، تتطور العلاقة ليكتشف ديفيس أنه قام بهدم كل علاقته بالماضي وبدأ يستعيد ابتسامته التي فارقته منذ زمن طويل بالذات بعد رحيل زوجته.
فيلم يعتمد على الأداء عالي المستوى للنجم جيك جيلينهال الذي يعيش مراحل التغيير في الشخصية التي يجسدها باقتدار. هذا ويعتمد الفيلم على سيناريو كتبه بريان سبي، وتوقيع المخرج جان مارك فالية الذي قدم العديد من الأعمال السينمائية التي تعتمد دائماً على موضوع البحث عن الذات، حيث قدم فيلم «التوحش» بطولة ريز وذرسبون.
أدار التصوير الكندي إيف بلنجر الذي صور أيضا «التوحش» و«بروكلين» الذي ترشح لأوسكار أفضل فيلم هذا العام.
فيلم «ديموليشن» يشتغل على المضامين الإنسانية في البحث عن الخروج من هدم الذات وكل ما يحيط بها بعد رحيل من نحب للبحث عن مفاهيم جديدة لاستمرارية الحياة وتجاوز لجة الحزن والألم إلى الغد والأمل والفرح والحب من جديد.