المتابع لمسيرة النجم الأمريكي ليوناردو دي كابريو لا بد وأن يلحظ بسهولة أنه فنان من نوع خاص، حريص على الإجادة والمثابرة للزحف نحو القمة بتأنِ دون كلل أو ملل.
فقد كان أول دور سينمائيٍ له في عام 1991 في فيلم الخيال العلمي المخلوقات 3، إلا أن أول ظهور كبيرٍ له في السينما كان سنة 1993 في فيلم حياة هذا الفتى إلى جانب الممثل روبرت دي نيرو. بعد ذلك أشاد النقاد بموهبة دي كابريو لقيامه بدور ثانوي في فيلم ما الذي يضايق جيلبرت جريب عام 1993، والذي أهله للترشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد.
ومن 1991 وحتى 2016، قدم دي كابريو 39 فيلما كثير منها مهم وذو قيمة فنية عالية مثل تيتانيك للمخرج جيمس كاميرون سنة 1997، وهو الفيلم الذي عرف الجمهور على دي كابريو، وأصبح أعلى الأفلام إيراد حتى وقت قريب.
وحاز دي كابريو على المزيد من الإشادة لأدائه أدوارٍ رئيسية في فيلم مذكرات كرة السلة عام 1995، وروميو + جولييت في عام 1996.
وله أيضا أفلام مثل امسكني لو استطعت في 2002، عصابات نيويورك في 2002، الطيار في 2004، الألماس الدموي في 2006، المغادرون في 2006، الطريق الثوري في 2008، جزيرة المصراع، وبداية سنة 2010، وجانغو الحر في 2012، وذئب وول ستريت في 2013 الذي ترشح عن طريقه لجائزة الأوسكار لأفضل ممثل والتي خسرها لصالح منافسه ماثيو ماكونهي.
ومن شاهد فيلمه “امسكني ان استطعت” مع الممثل الكبير توم هانكس لا بد وأن يجزم بالحرفية العالية للشاب، وقتها، ليوناردو دي كابريو أنه ممثل من العيار الثقيل، حيث جارى هانكس في مباراة تمثيلية رائعة، وأدى أكثر من أربع شخصيات في الفيلم كونه يؤدي شخصية نصاب ومراوغ.
أما في فيلم “جانغو الحر” فرضي أن يعمل فيه رغم أنه ليس البطل وادى المطلوب منه لتبدو شخصية كليفين كيندي التي أداها حقيقة إلى اقصى درجة بمختلف تقلباتها.
وفي “ذئب وول ستريت” كانت شخصيته ملتهبة متدفقة حماسا وقوة وامسك بمفاتيحها ليضيف الى الدور كثيرا حتى أنه ترشح لأوسكار أفضل ممثل.
وبعد أن رشح خمس مرات لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل، ظفر بالجائزة ظفرا مستحقا عن دوره في فيلم “العائد”، كما فاز ايضا بجائزة البافتا عن نفس الدور بعد أن رشح أربع مرات لتلك الجائزة.
ورشح أيضا لإحدى عشرة جائزة من جوائز غولدن غلوب وفاز بثلاثة منها، هي جائزة أفضل ممثل دراميٍ عن أدائه في فيلم الطيار سنة 2004، وجائزة أفضل ممثل في فيلم كوميديٍ أو موسيقي عن أدائه في فيلم ذئب وول ستريت سنة 2013. وترشح أيضاً للعديد من الجوائز الأخرى كجائزة نقابة ممثلي الشاشة، وجائزة ستالايت.
وجائزة البافتا هي جائزة تمنحها الأكاديمية البريطانية لفنون الأفلام والتلفزيون (BAFTA) هي منظمة خيرية في المملكة المتحدة تقيم جوائز سنوية تكرم فيها الأعمال المبدعة في مجال السينما والتلفزيون والمهن التلفزيونية وألعاب الفيديو، والرسوم المتحركة، وهي الشبيه البريطاني لجائزة الأوسكار الأمريكية.
أما جائزة الغولدن غلوب Golden Globe Award أو “الكرة الذهبية” فهي مجموعة جوائز أمريكية سنوية للأفلام والتلفزيون بدأت في عام 1944 بواسطة رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية (بالإنجليزية وهي مجموعة صحافيين أجانب يعملون في هوليوود بولاية كاليفورنيا. وكانت الجوائز في السابق للأعمال السينمائية، ولكن منذ عام 1956 أصبحت توزع أيضاً للأعمال التلفزيونية.
وكان دي كابريو قد بدأ مسيرته بالظهور في الإعلانات التجارية قبل حصوله على أدوار ثانوية في مسلسلات تليفزيونية في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، وقد بدأ في تقديم ادوار ثانوية بالسينما صامدا حتى جاءته الفرصة وراء الأخرى لإثبات ذاته وترسيخ موهبته وتعدت أدواره الفتى ذا الملامح الجميلة والشعر الأشقر.
ويمتلك دي كابريو شركة لإنتاجٍ الأفلام وهو ناشط بيئي أيضا.
أما في فيلم “العائد”، فقد بذل دي كابريو مجهودا مضاعفا لتصوير الفيلم في ظروف صعبة للغاية ليؤدي شخصية جلاس صائد الحيوانات المتخصص فى الحصول على فرائها لحساب شركة أمريكية والقائد لمجموعة من زملائه، لاسيما في مشهد صراعه مع الدب ليثبت أنه صاحب أداء متفرد وممثل قادر على الغوص فى أعماق الشخصية والعالم المحيط بها ليقدم أداء يخصه هو ذاته.
وكما جاء على لسان دي كابريو فإن هذا الفيلم عمل ملحمي ومغامرة بطولية لرجل واحد من أجل البقاء على قيد الحياة فى ظل ظروف صعبة من درجات حرارة تحت الصفر وواقع قاس وأمطار غزيرة فى كولومبيا البريطانية، حيث تم التصوير، وغيرها من العوامل المناخية التى زادت من صعوبة العمل، هذا إلى جانب إصرار المخرج على أن يتم التصوير فى الضوء الطبيعى مما قلل بشدة من الجدول الزمنى للتصوير إلى أقل من 90 دقيقة يوميا.
وقال دي كابريو إن تصوير الفيلم كان أشبه بالخيال، حيث إنهم كانوا يتدربون لساعات طويلة ثم يلتقطون مشاهد كاملة طويلة في نصف ساعة أو ساعة على الأكثر. ووصف الفيلم بأنه أصعب ما مثّل في حياته.