«سينماتوغراف» ـ إبراهيم العزاز
قصة حب إنجليزية كلاسيكية تتأرجح على شفا الصدفة والتوقعات، وأصوات القطارات الأكثر وحدة في العالم، والوعود الرومانسية التي يمكن أن تنتهي بالحب الحقيقي، أو اليأس المرير. هل يمكنك أن تتخيل مدى صعوبة التخلي عن أكثر ما تريده، وما عليك سوى الابتعاد والاستمرار في الروتين المعتاد؟
يتطلَّب ذلك بعض القوة والتصميم الحقيقيين، فلا يمكن للجميع أن يكونوا أقوياء في الحياة.
يجسّد فيلم «لقاء موجز ـ Brief Encounter»، للمخرج البريطاني «David Lean» الحب في أكثر حالاته عاطفة وحسرة عابرة في آنٍ واحد. إنه يصوّر العلاقة العاطفية بين شخصين مدركين بدرجة كافية ليعرفوا أن علاقتهم غير مستدامة ولكنهم عاجزون جدًا عن إيقاف أنفسهم.
تؤدي محادثة ودّية حول طاولة الشاي إلى سلسلة من الاجتماعات المرتَّبة، وتتطوَّر العلاقة الأفلاطونية تدريجيًا. ومع ذلك، في نهاية المطاف، يدرك الاثنان أنهما في حالة حب مع بعضهما البعض ويتألمان بسبب الشعور بالذنب.
ربّة منزل لورا جيسون (سيليا جونسون) والدكتور أليك هارفي المثالي (تريفور هوارد) يتحركان بشكل خفي في ظلال الضواحي البريطانية، مختبئين تحت أسوار الحب، راغبين في التمسّك ببعضهما البعض لأطول فترة ممكنة. حتى يحدث ما لا مفر منه!
إنهما مجرد شخصين عاديين يعيشان حياة عادية، ولكن لفترة وجيزة من الزمن، يقف الاثنان على حافة شيء غير عادي.
يعتبر «لقاء موجز»، أحد أكثر أفلام قصص الحب المنكوبة المؤثرة في العالم. تشعر أن القصة شيء يمكن أن يرتبط به كثير من الناس. ربما لا يكون الوضع بالضبط، لكن مشاعر الشخصيات الرئيسة هي المشاعر التي يمر بها كثير من الناس في حياتهم، يلتقط الفيلم بإيجاز الإثارة المشتركة الخاصة في الأشياء اليومية التي تجلبها تلك اللحظة المفاجئة من الاتصال مع شخص آخر عندما تصبح الأمور رائعة.
الكيمياء بين «لورا» و»أليك»، لا يمكن إنكارها، ومع ذلك، يحتفل هذا الفيلم أيضًا بقيمة ودفء الحب الراسخ والدائم، رقيق دون أن يكون ميلودراميًا، مكثفًا دون أن يكون ممتلئًا.
هناك الكثير من التفاصيل التي يجب استيعابها والاستمتاع بها في هذا الفيلم، من التصوير السينمائي البارع، إلى الموسيقى، إلى الحوارات، إلى الرومانسية، يحوي على إحساس صادق ومشاعر مكبوتة، وعلى مواقف توافقية، والتصالح مع القدر، والكثير من العاطفة مع المرارة حول كل ذلك.
كان للموسيقى التصويرية لكونشيرتو البيانو الثاني للروسي «رخمانينوف»، الطابع الدرامي على توق العاشقين الصامتين.
في الوقت نفسه، فإن التصوير السينمائي أحادي اللون لـ «روبرت كراسكر» يستثمر في عالم الحياة اليومية بميزة جاذبة وباهرة مستخدمًا صور ممرات مترو الأنفاق الغامضة والمنصات التي أضاءتها اندفاعات مفاجئة من الضوء القاسي من القطارات العابرة لنقل أجواء لقاء الصدفة في محطة القطار. والرومانسية والألم والحب في بريطانيا الرمادية القاسية لعام 1945.
الفيلم من إخراج «ديفيد لين»، وكتابة «نويل كوارد» من مسرحيته الخاصة «الحياة الساكنة»، حصل على ثلاثة ترشيحات أوسكارية، كما نال جائزة أفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي.