يقدم اليوم ضمن برنامج “عروض السينما العالمية”
“رجلان في المدينة”.. يبحر في صحراء نيو مكسيكو
“سينماتوغراف” ـ الجزائر: وردة ربيع
قدم المخرج الجزائري صاحب “الخارجون عن القانون”، “رشيد بوشارب” فيلمه الجديد والذي غير عنوانه من “طريق العدو” إلى “رجلان في المدينة” من خلال السيناريو المأخوذ عن الفيلم الفرنسي المعروف بنفس العنوان “رجلان في المدينة” والذي تم إنتاجه عام 1973. العمل الجديد لأبوشارب شارك مؤخرا في مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته الفائتة. ولاقى الكثير من النقد وخلق جدلا سينمائيا كبيرا، ويعرض اليوم ضمن برنامج عروض السينما العالمية في “أبوظبي السينمائي”.
يحكي الفيلم حياة السجين الأسود “وليام جاريث”-يجسد دوره فورست وايتكر- الذي إعتنق الإسلام، وبعد مرور 18 عاما في سجن بـ”نيو مكسيكو” بتهمة قتل شرطي، يحصل على الإفراج المشروط ليعود إلى مدينته من جديد، وهو يأمل أن يمحو تلك المرحلة من حياته الإجرامية، فيعمل المستحيل للعودة إلى حياته الطبيعية والاندماج بعدها في المجتمع واستكمال حياته العائلية إلى جانب زوجته وأطفاله. لكنه سيحاصر أولا بالمراقب القضائي الذي وضعه المأمور الذي قتل “جاريث” نائبه ويعتبر أن العقوبة التي قضاها “جاريث” في السجن ليست كافية ما يدفعه إلى وضع المجرم السابق تحت المراقبة وإلى محاولة إعادته إلى السجن. وثانيا مجرم لا يتركه في حاله، ويحاول دائما إستمالته من جديد إلى الجريمة.
وسيطفو ماضيه ثانية على الأحداث وتفتح الملفات القديمة فيعيش كابوسا حقيقيا بسبب ملاحقات وضغوطات عرقية وعنصرية مليئة بالضغينة من طرف العمدة، -“هارفي كيتيل”- ب”نيو مكسيكو”. ومع الوقت تبدأ شرطية- تؤدي دورها”بريندا بليثن”- سابقة ومشرفة على سجناء سابقين بالتعاطف مع “جاريث” وبالوقوف في وجه المأمور الذي لا يترك السجين السابق في حاله ولا يتوقف عن تنغيص حياته.وتتسبب أخيرا في إقالته من عمله، وفشل حياته الخاصة مع “تيريزا” وهي فتاة مكسيكية تجمعه معها قصة حب.
ويعد العمل الجديد لبوشارب فيلما دراميا اجتماعيا بامتياز يحرك مشاعر المشاهد بطريقة غير عادية.
تعرض الفيلم لهجوم كبير من النقاد، حيث وجدوا أنه لم يطرح جديدا في القضية نفسها ولم يكن هناك أي إضافة من ظهور البطل معتنقا للإسلام، حتى أن إختيار الأبطال لم يكن موفقا، حيث ظهرت الممثلة “برندا بليتين” زائدة في الوزن عن الدور الذي قدمته كمحققة. فضلا على أن ملابس “وايتكر” لم تكن مناسبة للمرحلة ولا لطبيعة شخصيته في الفيلم ،كما أن قصة حبه مع دولوريس لم تكن منطقية ولم تتطور بشكل درامي محكم. كما أنهم وجدوه يفتقد بشكل كبير لعنصري التشويق والمفاجأة، إذ يمكن للمتفرج أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأحداث بعد وقت قصير من المشاهدة.كما أن تكرار الأحداث:كإستمرار مطاردة المأمور للسجين السابق وإصراره على عدم تركه في حاله.
كما ركز النقاد على إشكالية إعتناق البطل الإسلام ودور الفيلم في الوقوف على العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي –العلاقة شرق غرب- فإن الأمر في الفيلم يبدو جانبيا وذلك بعكس ما ذهب إليه المخرج صاحب “نهر لندن” في أنه سيضع الغرب أمام العالم الإسلامي، خاصة بعد هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 وتبعاتها التي مازالت تؤثر على العلاقة بين الجانبين. وبدا موضوع إعتناق البطل للإسلام هامشيا، بل ودخيلا على الموضوع تماما عوضا عن أن يخدمه ويضيف إليه، فبطلنا لا يلقى الإضطهاد والتعقب من جانب المأمور الأمريكي الشرس بسبب ديانته، بل لكونه قتل نائبه قبل عشرين عاما، ولكون فكرة العقاب لدى المأمور، تختلف تماما عما يقول به القانون.كما أنه لم ينجح في تصوير مشهد للبطل المسلم في الوضوء أو الصلاة أو تلاوة القرأن على نحو صحيح فأحيانا نرى بطلنا يصلي وهو واقف في مكانه دون أن يخلع حذاءه، وأحيانا يردد كلمات في صميم الصلاة في غير موضعها، فضلا عن أنه لا يردد أي كلمة واضحة من القرآن.
وحسب النقاد، فإن فيلم “رجلان في المدينة” بدأ قويا مما أوحى بأن العمل سيطرق جوانب جديدة في مشاكل “العنصرية”، “التعسف باسم القانون”، “وقوف المجتمع في وجه مجرم سابق يريد التكفير عن خطيئته”، “الدين واللون وإختلاف الأعراق”.. لكن سرعان ما تجد نفسك أمام عمل غير مركّز. لكنك رغم ذلك تبقى مشدودا متأثرا خاصة أمام بعض المشاهد في الصحراء، وليلا تحت ضوء النجوم.