رمضان والأفلام.. حكايات سينمائية في شهر الصوم (4)

«سينماتوغراف» ـ انتصار دردير

على الرغم من أن السينما كانت حاضرة بقوة فى شهر رمضان خلال انطلاقتها الاولى فى الاربعينات وحتى سبعينات القرن الماضى وكانت تستقبل الافلام خلال الشهر الكريم وتشهد اقبالا جماهيريا كبيرا، الا ان الصورة اختلفت تماما ،واعتاد جمهور السينما في مصر منذ سنوات على عادة صارت من ضمن عادات رمضان، آلا وهي إغلاق صالات السينما من بداية شهر رمضان وحتى قبل نهايته بأيام، حيث لايجرى افتتاحها الا مع بداية عرض أفلام موسم عيد الفطر المبارك، وفي العام الماضي حاولت بعض دور العرض أن تفتح موسمًا جديدًا للسينما المصرية في شهر رمضان، حينما فتحت أبواب السينمات منذ بداية شهر رمضان والاستمرار في العرض، ولكنها لم تنجح أيضًا في البقاء لأكثر من عشرة أيام، أما هذا العام فقد حدثت ظاهرة جديدة، فقد استطاعت دور العرض المحافظة على الاستمرارية منذ بداية الشهر وحتى الآن، وهو الأمر الذي لم نعتد عليه مسبقًا، وهو أمر يفتح المجال مرة أخرى أمام استحداث موسم جديد للسينما المصرية، أو حتى من أجل الاحتفاظ بموسم أطول للصيف، فمن المعروف أن شهر رمضان يزحف ليأكل من الموسم الصيفي، الذي تعول عليه شركات الإنتاج المصرية في جلب الإيرادات لأفلامها، فموسم شهر رمضان هذا العام على سبيل المثال كان السبب الرئيس في قصر مدة الموسم الصيفي ليتقلص إلى 11 أسبوعًا فقط، وهو عدد بالطبع لا يكفي لكمية الأفلام المنتجة سنويًا، والتي يصنعها المنتجون من أجل عرضها في موسم الصيف، ولذلك فقد كان استمرار عرض الأفلام خلال شهر رمضان بمثابة طوق النجاة لصناعة السينما من أجل جلب إيرادات حتى ولو كانت قليلة للأفلام التي لم تأخذ حقها الكافي من العرض لمدة زمنية تتيح لها تحقيق إيرادات مناسبة خلال الموسم الصيفي.

وقد قال أحد مديري دور العرض بوسط مدينة القاهرة إن عدم إغلاق السينما الخاصة به خلال شهر رمضان راجع إلى ظروف موسم الصيف الذي قصر زمنه بشدة بسبب شهر رمضان، وهو الأمر الذي سيتفاقم خلال المواسم المقبلة، فشهر رمضان سيزحف حتى يأتي في منتصف الموسم السينمائي، وهو موسم رزق  لجميع العاملين في المجال السينمائي، بداية من المنتجين وحتى أصغر عامل من عمال دور العرض، وإذا لم نحاول معالجة هذا الأمر من الآن، فلن نستطيع معالجته خلال الأعوام القادمة، وهو ما سيسبب خسارة كبيرة لكل عناصر صناعة السينما، وقد أوضح مدير دار عرض سينما ميامي بوسط القاهرة أيضًا أن التليفزيون هو السبب في قلة إقبال الجمهور على دور العرض السينمائي، فالقنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية تغرق الجماهير العربية بمئات المسلسلات التي تشد المشاهد إلى كرسي أمام التليفزيون، وتجعله أسيرًا لمشاهدة هذه المسلسلات، على الرغم من أنها قد تكون مملة وساذجة، كذلك فإن الشعائر الدينية التي من المعتاد ممارستها في شهر رمضان من صلاة التراويح وقيام الليل تتسبب أيضًا في إحجام الجمهور عن النزول إلى دور العرض، ولكنه نفى أن تكون السينما في رمضان حرام، فما هو حرام في رمضان حرام في بقية الشهور، ولكن كل ما في الأمر أن النزعة الدينية تزداد خلال هذا الشهر الكريم، ولكن هذا العام فالأمر مختلف، فقد زاد عدد العرب الموجودين في مصر، وخاصة العراقيين والسوريين، وهم يشكلون نسبة كبيرة من جمهور السينما في رمضان، وهذا العام يعتبر الأفضل منذ سنوات طويلة من حيث الإيرادات في شهر رمضان، حتى إننا حتى الآن لم نوقف حفلة الفترة الصباحية التي كانت في معظم السنوات السابقة تتوقف عن العمل.

أما بالنسبة إلى الجمهور فقد كان معظم المقبلين على دور العرض في رمضان من شريحة الشباب، وبسؤال أحدهم عن اتجاهه لدخول السينما في رمضان، وما إذا كان ذلك حلال أم حرام خلال هذا الشهر، فقد رد قائلاً إن السينما من الأساس ليست حرام كما يعرف، فهي وسيلة للترفيه والاستمتاع وقضاء وقت سعيد بعيدًا عن متاعب الحياة وصعوباتها، كما أن التليفزيون الذي كنا معتادين على مشاهدته دائمًا خلال شهر رمضان أصبح مملا، والمسلسلات في غاية السذاجة والسوء، كما أننا لن نظل جالسين نائمين أو مع أصدقائنا على المقاهي، وهناك بعض الأفلام التي لم نتمكن من مشاهدتها خلال موسم الصيف بسبب ضيق الوقت، ووجدناها في السينما فقررنا دخولها.

أما بالنسبة إلى مواعيد الحفلات في شهر رمضان فقد انقسمت من حفلتين في اليوم إلى أربع حفلات في بعض السينمات، تبدأ في الفترة الصباحية بحفلتين الأولى في العاشرة صباحا والثانية في الثانية عشرة ظهرًا والتي تنتهي في الثالثة عصرًا تقريبًا، لتغلق السينما أبوابها إلى ما بعد الإفطار وتبدأ الحفلات في التاسعة مساءً ثم الثانية عشرة بعد منتصف الليل، وعلى الرغم من قلة عدد الحفلات إلا أن شركات التوزيع أكدت أن إيرادات رمضان من دور العرض هذا العام مبشرة، وقد تكون مؤشرًا جيدًا لمدى الإقبال الجماهيري على دور العرض في رمضان في الأعوام المقبلة مع دخول شهر رمضان في منتصف الموسم الصيفي.

Exit mobile version