رمضان والسينما في ثلاثين عاما (الحلقة 19 من 30)

حلقات يومية يكتبها ناصر عراق لـ «سينماتوغراف»

السينما تستعيد عافيتها مرة أخرى

المصريون يرحبون بالوحدة مع سوريا ويستمتعون بإسماعيل ياسين في دمشق في رمضان 1958

 

أخيرًا.. وبعد انكماش واضح دام عامين متصلين تستعيد السينما المصرية عافيتها في سنة 1958 وتقدم لعشاقها 53 فيلمًا جديدًا دفعة واحدة، بعد أن كانت تعرض 39 فيلمًا فقط في عامي 1956، و1957.

لماذا حدث هذا الرواج؟

في اعتقادي أن الاستقرار السياسي الذي حدث عقب حرب 1956 وشعور المصريين بوطنهم وقوتهم بعد أن خرجوا منتصرين سياسيًا في هذه المعركة الفارقة، فضلا عن تعزيز فكرة العدل الاجتماعي.. كل ذلك أدى إلى شيوع أجواء اجتماعية ثابتة ومستقرة تسمح للفن بالحضور والتواجد، وتجعل المنتجين يطمئنون على أموالهم وهم ينفقونها على السينما.

كهرمان

لم يكن الناس في خمسينيات القرن الماضي ولا قبلها يجدون غضاضة في ارتياد السينما في نهارات رمضان ولياليه، حتى لو كان الفيلم يتناول قضية غرام لاهبة أو يحتوي مشاهد تقرع فيها كؤوس الخمر، وأغلب الظن أن المصريين آنذاك كانوا يمتلكون من الحصافة الكثير، فهم يعلمون أن ما يرونه على الشاشة ليس حقيقيًا، وإنما مجرد تمثيل، كما أن مسألة تحريم أي شيء لم تكن قد غزت الثقافة المصرية مثلما يحدث في هذه الأيام، فالمصريون متدينون بطبعهم قبل سبعة آلاف عام، وفي الوقت نفسه يمارسون الفنون بأنواعها ويقدرونها، لذا لا عجب ولا غرابة أن يهرع الآلاف إلى السينما في أول يوم من شهر رمضان الكريم الذي يوافق 22 مارس من عام 1958 ليشاهدوا فيلم (كهرمان) للمخرج السيد بدير، ويتقاسم بطولته كل من هدى سلطان ويحيى شاهين وجمال سامي والإذاعي فهمي عمر.

يستعرض الفيلم علاقة عشق ساخنة بين غانية وطالب جامعي، والفيلم يعرض في الفضائيات، لتراه بنفسك، وتكتشف كيف كان آباؤنا وأجدادنا يتعاملون مع الفن الجميل برحابة صدر.

الوحدة في السينما

في 22 فبراير 1958 أعلنت الوحدة بين مصر وسوريا، ولأول مرة في التاريخ يختفي اسم مصر من الأوراق الرسمية، حيث صار اسم البلدين الجمهورية العربية المتحدة، وقد فرح المصريون والسوريون بهذه الوحدة، وفي سرعة عجيبة استجابت السينما لهذا الحدث الفريد، وفي أقل من شهرين وبالتحديد في 13 رمضان الموافق 7 أبريل 1958 شاهد المصريون – وربما السوريون – فيلم (إسماعيل ياسين في دمشق) ويبدو أن مخرج الفيلم استعان بالنجم الأشهر في البطولة والعنوان ليضمن نجاح الفيلم، خاصة وأن قطار سلسلة أفلام (إسماعيل ياسين في..) قد انطلق قبل ذلك التاريخ بثلاثة سنوات.

الفيلم كما تعرف يشارك في بطولته سميرة أحمد وأحمد رمزي وحسن فايق وهو يدور في إطار كوميدي بين القاهرة ودمشق، وبعد عدة مفارقات ينتهي نهاية سعيدة بزواج المصريين من السوريات!.

في 20 رمضان – الموافق 14 أبريل 1958 – تعرض سينما ديانا فيلم (أحبك يا حسن) للمخرج حسين فوزي وبطولة زوجته نعيمة عاكف وشكري سرحان واستيفان روستي وتوفيق الدقن الذي لعب دورًا خالدًا – بلطجي في حارة – يمكن وصفه بأنه (الأب الأول) لشخصية اللمبي التي يجسدها الممثل الموهوب محمد سعد. الفيلم يعرض كثيرًا في الفضائيات ومعلوم حجم مشاهد الرقص والغناء التي تضج في هذا الفيلم.

يبقى أن نشير إلى أن عام 1958 امتاز بعرض مجموعة من الأفلام المتميزة في تاريخ السينما المصرية من أهمها (حتى نلتقي لبركات/ باب الحديد ليوسف شاهين/ مجرم في إجازة/ الطريق المسدود لصلاح أبو سيف/ خالد بن الوليد لحسين صدقي/ شارع الحب لعز الدين ذو الفقار).

 

 

 

Exit mobile version