رمضان والسينما في ثلاثين عاما (الحلقة 20 من 30)

حلقات يومية يكتبها ناصر عراق لـ «سينماتوغراف»

سعاد حسني تشرق على الشاشة للمرة الأولى في حسن ونعيمة

المصريون يشاهدون 58 فيلمًا جديدًا ويضحكون على سذاجة إسماعيل ياسين في العتبة الخضراء في رمضان 1959

 

 مازالت الوحدة المصرية السورية تؤتي أكلها في عام 1959.. في الظاهر على الأقل، فالمجتمع المصري يتنعم باستقرار وحيوية، وعبد الناصر يصول ويجول ويبشر بمستقبل واعد، والأمل طائر يرفرف بسعادة في صدور الملايين، ورغبة الناس في التسلية والمرح تتنامى، وصناع السينما يدركون ذلك جيدًا، وعليه فقد ارتفع الإنتاج السينمائي المعروض خمسة أفلام في عام 1959 عما كان عليه في العام السابق، حيث توقف الإنتاج عند رقم 53 فيلمًا فقط، لكن ما يهمنا أنه في ظرف عامين اثنين فقط زاد الإنتاج بنسبة الثلث، فقد بلغ 39 فيلمًا فقط في 1957، في حين أصبح 58 فيلمًا في عامنا هذا 1959!.

حسن ونعيمة

استقبل المصريون أول أيام الشهر الكريم في 11 مارس 1959، وهو توقيت ملائم من حيث جودة الطقس، فالجو الطيب يغري بالخروج والتريض والاستمتاع بالحياة، وكانت السينما قد منحت المصريين قبل تسعة أيام فقط هدية ثمينة ستؤثر في ذائقتهم إلى ما لا نهاية، وأعني النجمة سعاد حسني التي عرض لها أول أفلامها (حسن ونعيمة) في 2 مارس من ذلك العام. وأغلب الظن أن الفيلم ظل معروضا في شهر رمضان لما يحتويه من قصة غرام ساخنة ودامعة، وقد صاغها كل من المخرج بركات والمؤلف عبد الرحمن الخميسي بذكاء جعل المشاهدين حتى الآن يذرفون الدمع على هيام حسن وعلى لوعة نعيمة!.

المثير أن إسماعيل ياسين كان له حضور مميز في رمضان، إذ عُرض له فيلمان.. الأول (العتية الخضراء) للمخرج المتفرد فطين عبد الوهاب وقد شاهده الناس خامس أيام رمضان الموافق 15 مارس 1959، ونحن شاهدنا الفيلم أكثر من مرة، وضحكنا كثيرًا على سذاجة إسماعيل ياسين، واستمتعنا بأغنيات صباح وأناقتها ودلالها، وفوجئنا بمكر أحمد مظهر، وأعجبتنا حيلة البوليس المصري في استعادة المال المسروق.

أما الفيلم الثاني لإسماعيل ياسين الذي سيأفل نجمه بسرعة كبيرة بعد شهور قليلة نظرًا لتغير الذوق العام للمصريين إثر استقرار نظام يوليو، فكان (لوكاندة المفاجآت) للمخرج عيسى كرامة وقد عرض في سادس أيام شهر رمضان الكريم الموافق 16 مارس وفقا لما ذكره صديقنا الناقد والمؤرخ السينمائي محمود قاسم في كتابه الموسوعة (دليل الأفلام في القرن العشرين.. في مصر والعالم العربي). والفيلم كما تعلم تقاسم بطولته هند رستم وعبد المنعم إبراهيم وسهير البابلي، وهو وجبة كوميدية خفيفة تناسب حالة الصائمين ومزاجهم في نهار رمضان.

نجيب محفوظ والله أكبر

في لفتة ذكية عرض المخرج إبراهيم السيد فيلمه (الله أكبر) في 13 رمضان الموافق 23 مارس 1959، والفيلم كتب له السيناريو الروائي الفذ نجيب محفوظ، وقد شارك في بطولته زهرة العلا ومحمد الدفراوي وعبد الوارث عسر وعبد العزيز خليل. الفيلم يعلن بوضوح انحيازه إلى قبيلة أعلنت إيمانها بدين الإسلام وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما أمير المنطقة يرفض هذا الدين الجديد. لاحظ أن من كتب السيناريو هو نجيب محفوظ الذي اتهموه في العام نفسه بالكفر حين نشرت جريدة الأهرام أول فصول روايته الخالدة (أولاد حارتنا)، حيث قاد الشيخ محمد الغزالي مجموعة من طلاب الأزهر وراحوا يعتدون على مبنى جريدة الأهرام ويحطمون نوافذه احتجاجًا على نشر الرواية، لكن رئيس التحرير آنذاك الأستاذ محمد حسنين هيكل رفض بجرأة شديدة يشكر عليها هذا الاعتداء على الكلمة والمبنى وواصل نشر الرواية!.

يبقى أن تعرف أن عام 1959 شهد عرض عدة أفلام مهمة مثل (أنا حرة لصلاح أبوسيف/ بين الأطلال لعز الدين ذو الفقار/ سر طاقية الإخفاء لنيازي مصطفى/ قبلني في الظلام لمحمد عبد الجواد/ احنا التلامذة لعاطف سالم/ بين السماء والأرض لصلاح أبوسيف/ دعاء الكروان لبركات/ المرأة المجهولة لمحمود ذو الفقار/ الرجل الثاني لعز الدين ذو الفقار).

Exit mobile version