رمضان والسينما في ثلاثين عاما (الحلقة 21 من 30)

حلقات يومية يكتبها ناصر عراق لـ «سينماتوغراف»

المصريون يشرعون في بناء السد العالي وعددهم وصل إلى 25 مليون نسمة

الجماهير تتعاطف مع قصة العشق المحرمة بين شادية وعمر الشريف في (لوعة الحب) في رمضان 1960

 

في عام 1960 حافظت السينما على تدفق الإنتاج الغزير، فقد وصل عدد الأفلام الجديدة المعروضة في تلك السنة إلى 58 فيلمًا، وهو العدد نفسه الذي قدمته الشاشة الفضية في العام السابق، ويبدو أن استقرار الأوضاع السياسية الذي صاحب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا أسهم إلى حد كبير في رواج الفيلم السينمائي من ناحية، فضلا عن الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية التي اتخذها عبد الناصر والتي تنحاز في معظمها إلى الفقراء وتعزيز الاستقلال الوطني من ناحية أخرى. من أهم هذه الإجراءات الشروع في بناء السد العالي وهو المشروع القومي الجبار الذي حاولت قوى الاستعمار الغربي – أمريكا وحلفاؤها – عرقلة المصريين وتعطيلهم حتى لا يقدرون على بنائه.

حايجننوني

في عام 1947 بلغ عددنا نحو 19 مليون نسمة وفقا لإحصاءات رسمية أجرتها الحكومة المصرية تحت إشراف الاحتلال الإنجليزي، وفي سنة 1966 اقترب العدد من 28 مليون إنسان كما جاء في أول تعداد رسمي أجرته حكومة مصرية مستقلة، وبحسبة بسيطة يمكن أن نخمن أن عدد المصريين في سنة 1960 كان يدور حول 25 مليون فرد تقريبًا، الأمر الذي يعني أن احتياجات هذا العدد الضخم من الفنون والترفيه تتزايد باستمرار، خاصة وأن عبد الناصر أنشأ وزارة للثقافة في العام السابق وهي ثامن وزارة من نوعها على مستوى العالم.

أجل.. ارتفع وعي المصريين بشدة بعد ثورة 1952، وشعروا للمرة الأولى منذ ألفي عام أن وطنهم لهم وليس لمحتل سواء جاء من الشرق أو الغرب أو الشمال! وهكذا حين هل هلال الشهر الكريم في 28 فبراير سنة 1960 كان الشعب المصري على موعد مع مشاهدة فيلم كوميدي خفيف اسمه (حايجننوني) الذي عرض في اليوم التالي مباشرة. الفيلم إخراج فطين عبد الوهاب وقصة عبد المنعم مدبولي وبطولته مع إسماعيل ياسين وسامية جمال، ويبدو أن البرنامج الإذاعي (ساعة لقلبك) الذي انطلق في عام 1958 كان له تأثير كبير على مزاج الجماهير، فعبد المنعم مدبولي كان يقدم فقرة ناجحة جدًا في هذا البرنامج وكان شهيرًا بكلمته (حا يجننوني) لدرجة أن السينما التقطتها وصنعت منها فيلمًا.

الزوج والزوجة والعشيق

لم يجد المخرج الكبير صلاح أبوسيف بأسًا في أن يعرض فيلمه البديع (لوعة الحب) بسينما ميامي في الأسبوع الأخير من رمضان، وبالتحديد في 24 مارس 1960، الأمر الذي يوضح سماحة المصريين آنذاك واتساع أفقهم، ذلك أن الفيلم كما تعرف يناقش عذابات زوجة – شادية – مع زوجها الفظ غليظ القلب – أحمد مظهر – وكيف تحولت مشاعرها لرجل آخر آكثر رقة وحنانا – عمر الشريف – ومع ذلك تعاطف المصريون مع شادية عندما استقبلوا هذا الفيلم بحفاوة وشاهدوه في نهارات وليالي الشهر الكريم دون أن يعلو صوت احتجاج أو اعتراض بأنه لا يصح أن تعرض السينما فيلمًا كهذا في الشهر الكريم!

أما في أول أيام العيد من عام 1960 فقد عرض فيلم (البنات والصيف) وهو عبارة عن ثلاث قصص مختلفة كتبها إحسان عبد القدوس وأخرجها كل من عز الدين ذو الفقار وصلاح أبوسيف وفطين عبد الوهاب، ولك أن تتخيل كيف كانت ملابس البنات والنساء على شواطئ الإسكندرية في ذلك الزمن المتسامح.

يبقى أن نشير إلى أن هناك الكثير من الأفلام المتميزة تم عرضها في عام 1960 من أهمها (قيس وليلى لأحمد بهاء الدين/ لحن السعادة لحلمي رفلة/ حلاق السيدات لفطين عبد الوهاب/ خلخال حبيبي لحسن رضا/ سكر هانم للسيد بدير/ حبي الوحيد لكمال الشيخ/ بداية ونهاية لصلاح أبوسيف/ نهر الحب لعز الدين ذو الفقار/ المراهقات لأحمد ضياء الدين).

Exit mobile version