رمضان والسينما في ثلاثين عاما (الحلقة 27 من 30)

حلقات يومية يكتبها ناصر عراق لـ «سينماتوغراف»

عرض (من أحب) الفيلم الوحيد الذي أخرجته الفنانة ماجدة!

المصريون حائرون بين المسرح والتلفزيون والسينما ويشاهدون يحيى شاهين وهند رستم في رجل وامرأتان في رمضان 1966

 

ربما تكون مسرحية يوسف إدريس المدهشة (الفرافير) قد أسهمت بنصيب في تقليل الإنتاج السينمائي المصري في عام 1966، لماذا؟ لأن هذه المسرحية حققت نجاحًا ضخمًا في زمانها نظرًا لكونها تناقش بذكاء مأزق العلاقة التاريخية بين السيد والعبد، أو الغني والفقير.. أو الحاكم والمحكوم، وهي قضية تشغل بال المصريين منذ زمن الفراعنة، الأمر الذي دفع الجماهير إلى هجر السينما والهرولة إلى المسرح لمشاهدة هذا العمل الاستثنائي، خاصة أن المسرحية جسّد شخصياتها اثنان من نجوم المسرح والسينما في ذلك الوقت وهما توفيق الدقن بأدائه الباذخ وعبد السلام محمد بتمثيله البديع.

هكذا إذن لم يشاهد الناس سوى 36 فيلمًا جديدًا فقط في عام 1966، بانخفاض أربعة أفلام عن العام السابق 1965، ولا شك أن انتشار التلفزيون كان له دور سلبي على معدل الإنتاج السينمائي بالإضافة إلى غياب العديد من العاملين بهذه الصناعة سواء بالموت أو الهجرة من مصر خاصة الأجانب.

المطرب اليمني

في 1966 كانت مصر قبلة المبدعين العرب كما كانت طوال تاريخها الحديث والقديم، وكانت النزعة العروبية في أوجها، لذا لم يكن مستغربًا أن يأتي المطرب اليمني أحمد قاسم إلى القاهرة ليمثل ويغني ويشاهده الجمهور في فيلم (حبي في القاهرة) للمخرج عادل صادق الذي عرض للمرة الأولى يوم 12 ديسمبر من عام 1966، وبعد يومين اثنين فقط هل أول أيام شهر رمضان الكريم، أي في 14 ديسمبر، ولا جدال في أن الفيلم ظل معروضا في الأسبوع الأول من الشهر الفضيل.

زيزي البدراوي شاركت أحمد قاسم بطولة الفيلم، ومعهما محمود المليجي، والفيلم – كما يقول عنوانه وبطله – يتحدث عن فنان حضر إلى مصر فغرق في هوى فتاة مصرية، والصراع الذي يكابده بين حبه للفن وغرامه بالفتاة.

أما في 13 رمضان – الموافق 26 ديسمبر 1966 – فقد ذهب المصريون لمشاهدة فيلم (رجل وامرأتان) للمخرج نجدي حافظ وبطولة هند رستم ويحيى شاهين وسميحة أيوب، وهو يعالج مشكلة رجل متزوج لكنه لا ينجب، فيرتبط بامرأة أخرى بحثا عن الذرية، وكعادة السينما المصرية تتدخل قوى خفية لتقضي على الزوجة الثانية وابنها ويعود الزوج إلى الزوجة الأولى التي لا تنجب.

سيد درويش.. والقاهرة 30

فيلمان يعدان من أهم الأعمال التي قدمت في عام 1966، الأول هو (سيد درويش) للمخرج أحمد بدرخان، وهو يتناول حياة الموسيقي المصري الأعظم في القرن العشرين، وقد تقمص المخرج كرم مطاوع دور صاحب نشيد (بلادي.. بلادي) باقتدار، لدرجة جعلت كل من يشاهد الفيلم حتى الآن يبكي في اللقطات الأخيرة على الرحيل المفاجئ للشاب العبقري.

أما الفيلم الثاني المتميز الذي عرض في تلك السنة فهو (القاهرة 30) المأخوذ عن رواية (القاهرة الجديدة) لقيصر الرواية العربية نجيب محفوظ، وقد أخرجه صلاح أبوسيف، وفي جرأة شديدة أسند المخرج الحصيف دور البطولة لوجه جديد هو الفنان حمدي أحمد الذي أتقن الدور بشكل مذهل حتى صار اسم محفوظ عبد الدايم رمزا للبؤس والوضاعة.

اقترب القاهرة 30 من دنيا السياسة، ودنا أكثر من الصراع بين الأغنياء والفقراء، وأدان النظام الاجتماعي الذي يحابي الأثرياء ولا يشغل باله بمآسي الفقراء، ولعلك تذكر حيرة حمدي أحمد ومذلته وهو يبحث عن خمسين قرشا ليبتاع بها كتاب اللاتيني، وخاطره يردد بأسى (وكتاب اللاتيني يا ابن أم سالم)!

على أية حال.. حافظت السينما المصرية في عام 1966 على سماتها المحافظة التي تخشى الاقتراب من المناطق الشائكة سياسيًا واجتماعيًا إلا فيما تيسر، ومع ذلك فقد شهد هذا العام مغامرة كبرى أقدمت عليها الفنانة ماجدة، وذلك حين أخرجت أول وآخر أفلامها (من أحب)، وقد شاركها البطولة كل من أحمد مظهر وإيهاب نافع، والفيلم يدور حول مشاعر امرأة مضطربة حائرة بين رجلين يهيمان بحبها.

Exit mobile version