بقلم: انتصار دردير
صاغ ملامح الفرح والحزن معاً. وفي لحظات درامية لا تنسى، ترك بصمة لا يمحوها زمن، أو تتجاهلها الأجيال في تاريخ السينما، واستطاع أن يلفت بأسلوبه أنظار النقاد في مصر والعالم، لدرجة أن مجلة «لايف» الأميركية وعلى ست صفحات، شهدت بأنه أعظم ممثل في الشرق وقارنت بينه وبين الممثل البريطاني الكبير تشارلز لوتون، وكذلك اختارته مجلة «باري ماتش» الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل 10 ممثلين عالميين، مشيرة إلى أنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة.
انه الممثل القدير زكي رستم الذي برع في أدوار الشر، وساعدته ملامحه الحادة على إتقان هذه النوعية من الأدوار، ووصلت درجة إتقانه أن الناس كانت تكرهه بالفعل، وتصوروا أنه شرير، كما تميز أيضا في أدوار الباشا الارستقراطي فى العديد من الأفلام، منها «صراع في الوادي» مع عمر الشريف وفاتن حمامة، وفيلم «نهر الحب»، و«أين عمري» مع الفنانة ماجدة، وفيلم «أنا الماضي» مع فاتن حمامة وعماد حمدي، ورغم تميز رستم في أداء دور الباشا الأرستقراطي، إلا أنه جسد أيضا شخصية الموظف المطحون ببراعة لا تقل عن براعته في تقمص دور ابن البلد أو البلطجي أو تاجر المخدرات أو رجل القانون، ولهذا أطلق عليه النقاد لقب الممثل ذو الألف وجه.
هو بالفعل ممثل نادر الطراز ينتمي الى مدرسة التمثيل التي ركزت على صدق الانفعال الداخلي، ولعل نجاحه الكبير في كل الادوار التي لعبها كان من اهم الدوافع التي جعلته يتفرغ تماماً للسينما حتى رحيله عن دنيانا عام 1972 حيث شارك في اكثر من مائة فيلم قدم خلالها عرضاً بالغ الثراء والتنوع للنماذج والطباع البشرية.
ومن أهم الأفلام السينمائية التي قدمها على الشاشة: زينب، الضحايا، كفري عن خطيئتك، الوردة البيضاء، الاتهام، ليلى بنت الصحراء، الى الابد، الشرير، ليلى البديوية، السوق السوداء، هذا ما جناه ابي، قصة غرام، الصبر طيب، وغيرها.
أطلق عليه «رائد مدرسة الاندماج». فكان زكي رستم نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المنفرد في مواهبه، الذي يقوى على أن يتقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة، فكان لا يكاد ينتهى من أداء مشهد من المشاهد أمام «الكاميرا» حتى تتصاعد موجة من التصفيق من كل الحاضرين بمن فيهم من شاركوه تمثيل هذا المشهد.
وكان آخر أعماله السينمائية فيلم «أجازة صيف» مع فريد شوقي ومحمود المليجي، وجسد دوره وهو فاقداً لحاسة السمع تماماً، ومع ذلك أدى الدور على احسن ما يكون. وحصل عام 1962 على وسام الفنون والعلوم والآداب من الرئيس جمال عبدالناصر، وفي 1968 توقف تماماً عن التمثيل وابتعد عن السينما واعتزل الناس.