القاهرة ـ«سينماتوغراف»: أمل ممدوح
من أجل صناعة سينما متاحة للجميع بإنتاج بسيط وإمكانيات لا تتطلب أكثر من موبايل، أقيم مساء أمس الخميس 26 نوفمبر (مهرجان سينما الموبايل الأول لمناهضة العنف ضد المرأة) حيث تناول موضوعا محددا هو العنف ضد المرأة في عدد من أفلام الموبايل القصيرة التي لا تتعدى الدقيقة والنصف، برعاية الأمم المتحدة ومركز وسائل الاتصال من أجل التنمية (act) وذلك في المجلس الأعلى للثقافة بحضور حلمي النمنم وزير الثقافة وكمال عبد العزيز رئيس المهرجان ومدير التصوير ومبدع بوستر المهرجان ود. عزة كامل رئيس مركز وسائل الاتصال من أجل التنمية وأعضاء لجنة االتحكيم التي تتكون من الناقد السينمائي محمد الروبي والذي يرأس اللجنة وعضويه الناقدة سهير فهمي والكاتبة مريم ناعوم والمخرج روماني سعد، فيما قام بتنظيم حفل المهرجان طلبة وطالبات من الأكاديمية البحرية، وقد ألقى كمال عبد العزيز رئيس المهرجان كلمة أشار فيها للمحة عن تاريخ المرأة المصرية عموما والمرأة في السينما تحديدا منذ بدايتها ضاربا عدة أمثلة لذلك ولكون السينما لها تأثير فعال في رصد هموم المجتمع والمساهمة في حلها، ليقدم بذلك لفكرة المهرجان الذي يرصد ظاهرة العنف ضد المرأة، أما د. عزة كامل فأكدت في كلمتها سعادتها بوجود تعاون بين منظمات المجتمع المدني والدولة، وذكر الناقد محمد الروبي في كلمته مجموعة من النقاط التي لفتت انتباه لجنة التحكيم حول الأفلام المشاركة وأولها تميز الأفلام بالجرأة في تناول الموضوعات وثانيها ملاحظة أن الكثير منها قام على مشاكل حدثت في مؤسسة الزواج وثالثها أن مشاركات المخرجات كانت لافتة رغم قلتها. وجاءت كلمة حلمي النمنم وزير الثقافة الذي عبر عن سعادته بالمهرجان لكون المشاركين والمشاركات من الشباب ولكون سينما الموبايل سينما لا تحتاج لإمكانيات كبيرة، مشيرا لأسفه لانتشار ثقافة دخيلة على المجتمع صارت منتشرة هي ثقافة احتقار المرأة بينما المرأة تاريخيا كانت أول من تصدى لحملة بونابرت وإن كان التاريخ الذي كتب بطريقة رسمية وذكورية أغفل الكثير من حقها .
وبانتهاء كلمة وزير الثقافة بدأ عرض سبعة أفلام هي الأفلام المقبولة في مسابقة المهرجان التي شارك فيها شباب من مختلف محافظات مصر ليتم بعد انتهاء عرضها إعلان نتائج مسابقة المهرجان ، وكانت الأفلام المعروضة هي :
فيلم (السواق الغاضب) إخراج أحمد أبو الفضل، وهو فيلم مميز اختاره مخرجه بتكنيك الأبيض والأسود بشكل يحمل الطابع الكوميدي بإيقاع جذاب، وهو عن سائق تاكسي منحاز للمرأة ويكره العنف ضدها، لكنه يركب معه بعض الأشخاص فيعلقون بالسلب عن المرأة على خلفية برامج إذاعية تتحدث بشكل جيد عن المرأة فيخالفونها الرأي أو برامج تهاجم المرأة فيؤيدونها، فيقوم السائق كل مرة بالتخلص من راكبه بشكل يتصاعد تدريجيا مع نهاية الفيلم.
فيلم (حائرات سينما الموبايل) للمخرج سيمون سعد، وهو من الأفلام الجيدة بالفعل، فاتسم ببلاغة لإيصال ما أراد، فرغم تعدد قصصه لا تظهر فيه سوى ممثلة واحدة هي ريهام عبد الملك في مكان واحد ملخصا الكثير من القصص في مجتمعنا تضمها جدران البيوت المتجاورة، ونرى مع بدايته امرأة باكية منهارة يبدو عليها تعرضها للضرب، فيما تستمع من خلف كل جدار يحيط بها لمشاجرة تحمل اضطهادا للمرأة كأب يريد منع ابنته من دخول الجامعة أو زوج يسيء لزوجته لأنها لا تنجب سوى البنات وغير ذلك لينتهي بها الأمر للتقوقع والاختباء في الحجاب.. لكن هل تسلم به من المجتمع؟.
وكان فيلم (حكم) ثالث الأفلام المعروضة وهو إخراج مروان مصطفى، ويدور حول تقليد شعبي ما زال يتبع في الكثير من الأسر حيث ينتظر الناس والأقارب إثبات براءة وشرف العروس، وبينما تخاف العروس وتشعر برهبة يقوم امرأتان بهتك عذريتها إجبارا، فهنا المرأة نفسها من تقهر المرأة، الفيلم تقليدي الأسلوب ومتواضع الأداء من الجميع ، لكنه في النهاية يعبر عن إحدى صور العنف مع المرأة.
الفيلم الرابع فيلم (مش عادي) إخراج هاجر أحمد، وهو من الأفلام التي تمتاز أيضا ببلاغة وتركيز الفكرة وهو بلا حوار، حيث نجد طفلة صغيرة تلون دميتها بألوان زرقاء أو حمراء كما لو كانت مصابة والأمر نفسه تفعله مع صور باربي المعلقة على جدران غرفتها حيث تظلل إحدى عينيها باللون الأزرق .. كما ترى والدتها.
فيلم (63 ثانية) إخراج مازن مصطفى، وهو أقصر الأفلام المعروض.. ففي مشهد واحد شديد التركيز لشاب يرتدي ملابسه لخص الفيلم موضوع اضطهاد المرأة حين نعرف أنه كان امرأة صارت رجلا لتصبح أكثر احتراما.
فيلم (نقطة دم) إخراج بهية وماريان، وهو فيلم تسجيلي مفترض أن ينتمي للدوكيودراما إلا أنه لا يحمل من ملامح هذا النوع إلا مشاركة الشخصية في التمثيل كما يحدث في بعض حالات هذا النوع، الفيلم يصور حوارا مع شخصية فتاة شابة تحب السينما وتريد أن تعمل بها بينما الشخصية المحاورة لا تظهر وتردد لها أفكار المجتمع التي تصل بها لفكرة شرف الفتاة التي ترفضها الفتاة وتقرر أنها لن تعبأ بها أو تعيقها عن أحلامها.
فيلم (نور) إخراج وتأليف بيتر سعد وهو عن فتاة تتنكر في زي شاب من شدة ما تعانيه في كل يوم من مظاهر للاضطهاد ليدور بينها وبين صديقتها عبر كاميرا الموبايل حوار حول ما تفعله، ومن هنا اتخذ الفيلم أسلوبا تصويريا يتسم مع الحركة الحرة للموبايل حين يتحرك وحدودها إذا ما كان ثابتا.
وبانتهاء عرض الأفلام تم إعلان نتيجة جوائز مسابقة المهرجان التي انقسمت لثلاثة جوائز نقدية وأربعة جوائز عينية، أما بالنسبة للجوائز النقدية فقد فاز فيلم (السواق الغاضب ) بالجائزة الأولى وقدرها 10 آلاف جنيه، فيما كانت الجائزة الثانية وقدرها 8 آلاف جنيه لفيلم (63 ثانية)، أما الجائزة الثالثة وقدرها 6 آلاف جنيه فكانت لفيلم (نقطة دم). أما الجوائز العينية فقد فاز فيلم (حكم) بجائزتها الأولى وهي جهاز تسجيل للصوت، بينما فاز الفيلم الثاني (مش عادي) بحقيبة إضاءة سينمائية، وكان الفائز الثالث فيلم (حائرات سينما الموبايل) والذي فاز بجهاز لاب توب، أما رابع وآخر الجوائز العينية فذهبت لفيلم (نور) الذي فاز بكاميرا HD، فيما تسلم بقية المشاركين في المسابقة شهادات تقدير، وبإعلان الجوائز واصل الحفل آخر فقراته التي أحيتها فرقة (الأولة بلدي).