الجزائر ـ «سينماتوغراف»
تتعدّد المهرجانات السينمائية في الجزائر، في محاولة، كما يقول القائمون عليها، لإعادة الروح إلى مجالٍ تراجع حضوره بشكل لافت. ومع كل مهرجان جديد، تتجدّد الأسئلة عن جدوى هذه التظاهرات التي تنظّمها، غالباً، جهات رسمية، ولا تنجح في تحقيق الأهداف المعلَن عنها.
«المهرجان الدولي للفيلم القصير»، الذي انطلقت فعاليات دورته الثالثة في مدينة سطيف، شرقَي الجزائر، هو أحد تلك المهرجانات. ابتداءً من هذه الدورة، أصبح دولياً؛ حيث تُشارك فيه، لأوّل مرّة، أفلامٌ من فرنسا والمغرب وتونس ومصر.
ثلاثة أيام، فقط، هي عُمر التظاهرة التي ينظّمها «ديوان الثقافة والسياحة» في بلدية سطيف، تحت شعار «سينما الإبداع».
وتبدو الفترة قصيرةً جدّاً بالنسبة إلى مهرجان سينمائي، حتّى وإن كان خاصّاً بالأفلام القصيرة، خصوصاً أن سطيف، وهي ثاني كبريات المدن الجزائرية من حيث عدد السكّان بعد الجزائر العاصمة، ولم تعُد تحتضن أيّة تظاهرة سينمائية، بعد أن غادرها «مهرجان السينما الأمازيغية» قبل سنوات.
إذا أضفنا إلى ذلك الشعارَ الذي يربط السينما بالإبداع (هل السينما شيء آخر سوى الإبداع؟)، فإن المهرجان يكون أقرب إلى تظاهرة ارتجالية في مدينة تبدو وقد قطعت علاقتها بالسينما، وبالفنون الأخرى، كغيرها من مدن البلاد، التي انسحبت فيها الثقافة إلى الهامش، ولم تعُد تحضر سوى بوصفها فعلاً مناسباتياً أو موسمياً.
رأيٌ يعزّزه أكثر من مُعطىً؛ أقلّه ملصق المهرجان المستنسخ من مهرجان سينمائي آخر يُقام في مدينة نيس الفرنسية. عجز القائمون على «سطيف للفيلم القصير» حتّى عن ابتكار ملصق خاصّ بالمهرجان، فاكتفوا بأخذ ملصق جاهز وغيّروا كتابته.
أمّا على مستوى الاتّصال، فلا أثر لموقع رسمي على الانترنت، أو حتى صفحة على شبكات التواصل الاجتماعي، من شأنها إعطاء معطيات وتفاصيل قد تُغري أي مواطن بالذهاب إلى «دار الثقافة هواري بومدين»؛ حيثُ تُقام العروض.
الواضح من خلال بعض الأفلام، الموجودة على «يوتوب» مثلاً، أن مفهوم «الفيلم القصير» يتلخّص عند القائمين على التظاهرة في كونه محاولات لمخرجين شباب هواة، وليس نوعاً سينمائياً قائماً بذاته.
ومع ذلك، يقول منظّمو المهرجان إن الأفلام المشاركة «منتقاة بعناية وبنوعية جيّدة، بحثاً عن إمتاع الجمهور، بهدف إعادة بعث الروح في الحياة السينمائية بالمنطقة، وفتح نافذة جديدة لأصحاب المواهب الشابة لعرض إبداعاتهم».
يُشار إلى أن الدورة الحالية تشهد مشاركة 15 فيلماً قصيراً؛ من بينها: «أحلام في حقيبة» لـ حميد بودالية، و«العربي ربيع» لـ محمد مصطفى، و«غياب» لـ إدريس قديدح، و«ذكريات» لـ وليد بن يحيى، و«الزهايمر» لـ عادل سالمي. وتتكوّن لجنة التحكيم من الممثّل حسان بن زراري، والمخرجين الشريف عقون وعبد الرزاق بعجي عبد الرزاق والناقد جمال غريب والصحافي خليل هدنة.