«سينماتوغراف» ـ عبدالستار ناجي
بذكاء شديد تعامل المخرج النجم كلينت إيستوود مع حكاية الكابتن جيفري سولينبيرجر الشهير بـ سولي الذي انقذ حياة 155 مسافرا ليحول تلك المغامرة الى قصيدة سينمائية عالية الجودة تتناول الاحترافية العالية في الطيران والخبرة العريضة التي يتمتع بها الطيارون الاميركان ومن بينهم سولي الذي تحول الى بطل قومي في التاريخ الاميركي.
وفق تلك المعطيات كان اشتغال إيستوود وفريقة الرائع. لم يذهب الى الحياة وفق مواصفات المغامرة الهوليوودية. بل عبر مضامين وقيم تحتفي بالطيران والطيارين وجميع اطقم الطيران سواء الذين على متن الطائرة أو تلك التي في برج المراقبة. عمل سينمائي رفيع المستوى يحتفي بما يسمي معجزة هدسون التي سيظل العالم يتذكرها بكثير من التقدير؟ خصوصا بعد ان تم نقلها على الهواء مباشرة. وشاهدها العالم وتفاعل مع احداثياتها بكل لحظاتها الصعبة وردود افعالها.
تبدأ احداث فيلم «سولي Sully» يوم الخامس عشر من يناير 2009 مع اقلاع طائرة الخطوط الجوية الاميركية وعلى متنها 155 راكابا بقيادة الكابتن طيار جيفري سولينبيرجر ومساعده جيف أرون ايكهارت وخلال عملية الاقلاع تمر قافلة من الطيور المهاجرة بالقرب من الطائرة وتدخل مجموعة من الطيور في المحركات مما يتسبب في احتراق المحركات ويجد الطيار نفسه في ورطة كبرى.
وبعد كم من الاتصالات مع برج المراقبة. يقرر الكابتن سولي الهبوط في نهر هدسون بالذات الجوانب المتجمدة منها حيث موسم الشتاء المتجمد في وقتها. وهي المرة الاولى في تاريخ الطيران التجاري التي تهبط بها طائرة مدنية عملاقة في النهر في حدث تاريخي سيظل العالم يتذكره ويتذكر من خلاله تلك التجرية وايضا الخبرة العريضة في التعامل مع مثل تلك الأحداث والمواقف الصعبة.
والفيلم يتحرك في خطين متوازيين الأول احداثيات الخلل الذي تعرضت له الطائرة ومبادرة سولي في الهبوط بالطائرة في نهر هدسون. والخط المتوازي الثاني يتمثل في التحقيقات التي اجرتها المؤسسة الرسمية للطيران معه بالذات فيما يخص المغامرة بحياة الركاب واحتمالية ان تفشل المهمة ويتعرض الركاب للخطر المحدق.
ونعود للاحترافية التي اشتغل عليها ايستوود الذي راح يعمق مشهديات التحقيقات التي تمت مع سولي والتي تسربت جوانب منها الى الاعلام وكادت ان تدمر سمعة ذلك الطيار الفذ والتي انتهت الى انصافة والتأكيد على شجاعته وبطولته وايضا خبرته العريضة في مجال الطيران.
في الفيلم عدد بارز من النجوم في مقدمتهم بدور الكابتن سولي النجم الاميركي توم هانكس وايضا ارون ايكهارت ولورا ليني وانا غان واوتم ريسير. وخلف الكاميرا كان المخرج النجم كلينت ايستوود الذي قام ايضا بالمشاركة في كتابة السيناريو وايضا الانتاج. في فيلم يذهب الى حدث بارز في التاريخ الاميركي ليكون بمثابة المنصة للاحتفاء بمهنة الطيران والطيارين الذين يتحملون مسؤولياتهم الكبرى اتجاه حرفتهم واوطانهم وقبل كل ذلك ضيوفهم من المسافرين في انحاء العالم.
حينما تغادر صالة العرض عزيزي القارئ حتما ستشعر بالامتنان الكبير لعشرات من الطيارين الذين حلقوا بك بأمان وسلام خلال رحلاتك على مدى السنوات الماضية.